عبرت ألمانيا بشكل صريح، اليوم الأربعاء، عن دعمها القوي والمستمر للمغرب، مشيدة بالإصلاحات الواسعة التي تم إطلاقها تحت قيادة الملك محمد السادس، وأشادت بمبادرة الحكم الذاتي في ملف الصحراء المغربية، فيما وجه رئيسها دعوة إلى الملك من أجل زيارة بلاده. جاء ذلك في بلاغ للديوان الملكي، مساء اليوم، بعد أشهر من "القطيعة" بين البلدين بسبب مواقف برلين من قضايا يعتبرها المغرب جوهرية، وهي القضايا التي راجعت ألمانيا مواقفها فيها من خلال رسالة وجهها الرئيس الألماني الجديد إلى الملك محمد السادس بمناسبة السنة الجديدة. وكانت جميع الاتصالات قد توقفت بين البلدين عقب قرار المغرب تعليق تعاونه مع السفارة والمؤسسات الألمانية من جانب واحد، شهر مارس الماضي، بسبب ما اعتبرته الرباط حينها "سوء التفاهم العميق مع ألمانيا في قضايا أساسية تهم المملكة"، من ضمنها ملف الصحراء وليبيا وأحد المغاربية المدانين في ملف الإرهاب. ووفق ما جاء في بلاغ الديوان الملكي، فإن رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية "فرانك فالتر شتاينماير"، شدد في رسالته إلى الملك محمد السادس، على أن "المغرب قام تحت قيادتكم بإصلاحات واسعة"، مذكرا ب"دعم ألمانيا المستمر والقوي للتطور الرائع للمغرب"، و"امتنانها للانخراط الفعال للملك من أجل عملية السلام بليبيا". وأضاف الرئيس الألماني في رسالته بالقول: "أثمن عاليا مبادراتكم المبتكرة في مكافحة التغير المناخي وفي مجال التحول الطاقي"، مبرزا أنه "بفضل التطور الديناميكي لبلدكم، أصبح المغرب موقعا مهما للاستثمار بالنسبة للمقاولات الألمانية بافريقيا". وفي هذا السياق، أفاد الديوان الملكي أن الرئيس شتاينماير وجه دعوة إلى الملك محمد السادس من أجل القيام ب "زيارة دولة إلى ألمانيا"، من أجل "إرساء شراكة جديدة بين البلدين". وبخصوص قضية الصحراء المغربية، أوضح شتاينماير في رسالته إلى الملك محمد السادس، أن ألمانيا "تعتبر مخطط الحكم الذاتي الذي ق دم في سنة 2007 بمثابة جهود جادة وذات مصداقية من قبل المغرب، وأساس جيد للتوصل الى اتفاق" لهذا النزاع الاقليمي. كما ذكر "بدعم بلاده، منذ سنوات عديدة، لمسلسل الأممالمتحدة من أجل حل سياسي عادل ودائم ومقبول من كافة الأطراف"، بحسب بلاغ الديوان الملكي المغربي. وبحسب المصدر ذاته، فإن الرئيس الألماني حرص في رسالته إلى الملك محمد السادس، على إبراز الدور المهم للمملكة على المستوى الإقليمي، قائلا في هذا الصدد: "أشيد بالمساهمة الكبيرة لبلدكم من أجل الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة". وسجل الرئيس الألماني "الالتزام المتفرد للمغرب في مجال محاربة الإرهاب الدولي، وهو أمر ضروري بالنسبة لبلادي (ألمانيا) وأمنها"، مضيفا: "نعتبر، أيضا، النموذج المغربي لتكوين الأئمة بمثابة عنصر واعد من شأنه القضاء على التطرف". وأشار الرئيس الألماني في رسالته إلى الملك محمد السادس، إلى "أن بلدي وأنا شخصيا، ممتنون لكم للغاية على انخراطكم الفعال من أجل مسلسل السلام في ليبيا"، وفق تعبير بلاغ الديوان الملكي. ودجنبر المنصرم، غيرت ألمانيا من مواقفها تجاه المغرب بعد تنصيب حكومة جديدة بقيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي بتحالف مع الحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر، حيث اعتبرت أن المغرب "حلقة وصل مهمة بين الشمال والجنوب، سياسيا وثقافيا واقتصاديا". ووصفت ألمانيا مخطط الحكم الذاتي بأنه يشكل "مساهمة مهمة" للمغرب في تسوية النزاع حول الصحراء، مشيرة إلى أنها تدعم الجهود المبذولة من طرف المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، للتوصل إلى حل سياسي عادل، دائم ومقبول على أساس القرار 2602. وأشارت الحكومة الفيدرالية الألمانية إلى "الدور المهم الذي تضطلع به المملكة من أجل الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة. ويتجلى ذلك على الخصوص، في مجهوداتها الدبلوماسية لفائدة عملية السلام الليبية". وذكر بلاغ وزارة الخارجية الألمانية، حينها، ب"الإصلاحات واسعة النطاق المنفذة من طرف المملكة خلال العقد الماضي، ودورها كحلقة وصل مهمة تربط بين الشمال والجنوب، على الصعيد السياسي، وأيضا الثقافي والاقتصادي". وبحسب البلاغ ذاته، فإن ألمانيا ترى المغرب "شريكا رئيسيا للاتحاد الأوروبي وألمانيا في شمال إفريقيا"، مبرزا جودة المبادلات الاقتصادية والثقافية والتجارية القائمة بين المملكة وألمانيا. مواقف ألمانيا قابلتها الحكومة المغربية بالترحيب والتأكيد على أن هناك ترتيبات من أجل تعزيز وتقوية العلاقات مع ألمانيا، موضحة أنه في القريب العاجل ستكون هناك أمور جيدة، وفق ما جاء على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، الخميس المنصرم. وقال بايتاس حينها: "إشارات ألمانيا تلقتها الحكومة المغربية بكثير من الارتياح، ونتطلع لبناء علاقات ثنائية جيدة"، مضيفا "هذه الأقوال نتمنى أن تترجم إلى أفعال"، مشددا على أن "هناك ترتيبات من أجل تعزيز هذه العلاقات وتقويتها وفي القريب العاجل ستكون هناك أمور جيدة".