يُنظر اليوم إلى الأقلية الغير ملقحة على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، حتى صار الاعلام الرسمي يخاف الحديث عنهم كما يخاف الحديث عن الأقليات كيفما كانت.. لم يُسمع صوتهم عبر قنواته ويمنحهم الحق في التعبير عن وجهات نظرهم، رغم أنه إعلام الجميع، لنعرف على الأقل سبب رفضهم التلقيح، وهل هو مقنع أم لا؟ وهل هم خائنون كما سمّاهم البعض؟ وهل أخافتهم تلك البلاغات الرّسمية المتناقضة، والأخبار السيئة التي تُقوي الشكوك لديهم؟ معظمهم يتحدثون عن غياب ضمانات من الجهات الصحية المسؤولة. أليس الدافع الذي جعلهم يرفضون أخذ الجرعات هو نفس الدافع الذي جعل البقية تتلقى جرعاتها ؟ أليس هناك قاسم مشترك بين الفئتين هو هاجس الخوف، دافع البقاء وتفادي الهلاك.. من بين الأشياء التي سيُحاسِب بها المواطن الحكومة في الأيام القادمة، هو هذا الجدل القائم اليوم حول فرض الجواز الصحي، لتجد نفسها محرجة أمام العديد من الأصوات التي تُطالب المسؤولين القيام بنفس الإجراءات لمحاربة مجموعة من الظواهر والسلوكيات اليومية.. ربما سنتوقع خروج العديد من الأصوات المُنادية بفرض بجواز "غير المدخنين" مُسلّمٌ من طرف السلطات الصحية يُفيد أن بأن حامله لا يُدخن، وسيذكّرون وزير الصحة أن صحة الجميع فوق "نشّوة" الأقلية المدخّنة ! سيطالبون بفرض حمل "جواز التصريح الضريبي" يفيد بأن حامله صرّح بكل تعاملاته الضريبية والمالية، مُسلّمٌ من طرف السلطات المختصة حمايةً لميزانية الدولة ! سيُطالبون أيضا بفرض جواز "غير المرتشين" على جميع موظفي الإدارات العمومية والقطاعات الحيوية، مُسلّمٌ من طرف الجهات المختصة، حمايةً لمصالح المواطن.. سيُطالبون بفرض جواز لمحاربة فيروسات أخرى مرئية تنخُر العديد من المجالات.. سيذَكّرون الحكومة أنها كانت دائما في صف الأغلبية، وأن الأغلبية الساحقة متضررة وبأن سلامة صحة المواطن النفسية والعقلية والجسدية مُرتبط جدا بعدم ضياع مصالحه وتوفره على الحق فالولوج إلى كل المرافق الاجتماعية ! *يوسف معضور ، كاتب رأي