عمل روائي تمتزج فيه الغرائبية بالواقعية مع الارتحال لأفُق مستَقبَلٍ لم نعِشه بعد. يقضي القارئ وقتا ليس بالقليل، وتنصرم بين يديه الصفحات (392 صفحة) ليتعرّف على تواريخ وقائع الرواية، أو الزمن الروائي، أما مكانها، فصحراء الحجاز، والأردن وفلسطين وسوريا، ثم لاحقاً؛ القطب الشمالي المتجمد، وأوربا وجزء من آسيا. في الرّواية صراع طويل مَرير بين قوى الخير وقوى الشر، وأبطال من الثَّقَلين؛ الإنس والجنّ، واستدعاءٌ لإرث النّبوة في التعامل مع المُصطَفى لإصلاح العالم والقضاء على الاستبداد _ شخصية رِضى في الرواية _، ونقدٌ لمنطق الظلم والاحتكار والتنازع ومخاطر تنامي شهوَتَي السلطة والمال المستشرية في العالم (أيْ؛ عالم الرواية يغطِّي قرونا طويلة، وصولاً لسنة 2222)! شخصية (مسعود) المتغطرسة المتعطشة للسلطة والاستفراد بالمجد، والمستنجِدة بمَرَدة الشياطين (آسيار) و(بَلعام)؛ ستُحدِث حالة تدميرية مُروِّعة في العالم، ستستدعي تدخُّلَ نَفرٍ من الجنّ بقيادة زعيمهم المؤمِن (زوْبعة) وخادِمه، لحماية الأرض من استشراء شَرّ الإمبراطورية المسْعودية، فتنزِل للأرض بإذن سماوي، لتتّخِذ من شخصية (رضى) منقِذا من الضلال العالَمي. وبناءً على هذا؛ ستدور أحداث الرواية وتنتقل بنا من زمن لزمن ومن مكان بمكان، ونلتقي فيها بشخصيات وذكريات. ما يؤاخَذ به هذا النص الروائي؛ تلك الكثافة الوصفية الطاغية على فصولها وأقسامها الثلاثة، من حيث يظن القارئ عدم جدوائيتها ولا فائدتها في بعض الفصول، بل إنّ الاستطراد الوصفي يُحِدث مَللا في نفسية المتلقّي، ويُطيلَ البنية السردية، ويسبِّبُ خَللاً في المعنى أحيانا. إنّك لن تبذل جهدا كي تكتشف مَواطن المفارَقات في جملة واحدة طويلة، لا هي من باب الانتقالات بين الزمن الغرائبي والزمن الواقعي لأحداث الرواية، ولا هي من باب إدهاش القارئ بإدخاله في عالَمِ طرح الأسئلة (لماذا؟ وكيف؟)؛ بل من كثرة ما يستدعي الكاتب مواقفَه إزاء قضايا السِّلم والحرب، والحق والباطل، والتفوق التكنولوجي وضريبة التقدم الحداثي..؛ تَغيبُ الحاسة الإبداعية، ويحضر الإطنابُ المُفضي لاختلال المعنى وتَضارُب المعطيات. إنها رواية جميلة، قد تُشعِرك بالإعياء؛ ومع ذلك، فهي مفيدة، من ناحية انتصارها لقيم الحق والتغيير وبطولة الفرد المؤمن برسالته، ونَكيرِها على الاستبداد والطغيان وفسادِ الفرد الثَّمِلِ بخَمْرِ الجمْع بين الشهوة والسلطة والمال والنفوذ. والله أعلم