بعد أن أعلنت وزارة الداخلية النتائج النهائية الرسمية يمكننا الحديث عن بعض سيناريوهات الإئتلاف الحكومي المقبل الذي سيتزعمه حزب التجمع الوطني للأحرار الذي حصل على 102 من المقاعد، ما يعني أنه يحتاج بالتمام 96 مقعدا لتشكيل حكومته. هذه المقاعد الست والتسعين التي يحتاجها حزب السيد أخنوش لا نعتقد أنه سيجد صعوبة في ضمها، بل وأمامه مجال رحب للاختيار من بين أحزاب كثيرة: لنبدأ بحزب العدالة والتنمية الذي تحالف مع حزب التجمع خلال ولايتين حكوميتين متتاليتين، أي أن الحزبين بمقدورهما تجديد تحالفهما برغم من العداء السياسي الجلي بين الزعيمين الكبيرين أخنوش وبن كيران. غير أن هذا التحالف لن يحدث لأن حزب السيد العثماني اختار المعارضة في بلاغ رسمي تلا الإعلان عن النتائج النهائية، واضعا بذلك حدا للقراءات والتكهنات التي يمكن أن تربطه بالحكومة المقبلة. المحرج هذه المرة أنه سيجد نفسه على كراسي المعارضة دون المقاعد الكافية لتشكيل فريقه البرلماني، ما يعني أنه لن يكون بالتأثير الكافي داخل مجلس النواب خاصة في غياب أغلب زعمائه بسبب فشلهم في حصد مقاعدهم وأهمهم الأزمي الإدريسي، الشوباني، وأيضا أمينهم العام السيد العثماني… لننتقل لحزب الأصالة والمعاصرة الذي احتل المرتبة الثانية، والذي قال زعيمه وهبي في تصريح مندفع سبق الانتخابات: "أخنوش يريدنا أن نشتغل عنده وليس معه"، وهو التصريح الذي نفهم منه أن الحزب لا ينوي التحالف مع حزب التجمع الوطني للأحرار. لكننا نعتقد أن هذا التصريح مجرد حماس مبالغ فيه، وأن الحزب سيجد نفسه مضطرا لولوج الحكومة المقبلة لأنه في الأصل حزب خلق ليكون في قلب الحكومات قبل أن يجد نفسه على مقاعد المعارضة خلال حكومة العدالة والتنمية لأسباب لها علاقة بزعيمه السابق السيد إلياس العماري. أما اليوم وقد رحل العماري وتغير رؤى الحزب نسبيا، فنعتقد أن مكانه الطبيعي هو مجاورة الأحرار على مقاعد الأغلبية. حزب الاستقلال، أو الحزب الأكثر توازنا واتزانا في المغرب، والذي قال عنه أخنوش أنه الحزب الي يشارك حزبه نفس المنطلقات ونفس الرؤى. فمكانه الطبيعي هذه المرة هو الحكومة خاصة في تواجد السيد نزار بركة، رجل الاقتصاد القريب من أفكار زعماء التجمع الوطني للأحرار. لذلك فتواجد الاستقلاليين في الائتلاف الحكومي المقبل لا نقاش فيه. "الأحزاب الإيديولوجية لا مكان لها في مغرب اليوم" هذا كلام السيد عزيز أخنوش، هذا الكلام يفرض ألا يتم التحالف مع حزب الاتحاد الاشتراكي الحاصل على 34 مقعدا ولا مع حزب التقدم والاشتراكية. لكن هل سيتخلى السيد أخنوش عن صديقه السيد إدريس لشكر؟ الحقيقة لا أعتقد ذلك، والأقرب أن يكون الاتحاد طرفا في الحكومة المقبلة. على عكس حزب التقدم والاشتراكية الذي سيجد نفسه هذه المرة على مقاعد المعارضة ليس اختيارا ولكن كرها. تبقى لنا الحزبين القريبين من السلطة، حزب الحركة الشعبية وحزب الاتحاد الدستوري وهما معا لا يجيدان لعب دور المعارضة لأنهما جزء من الأغلبية في بنيتهما التكوينية. لذلك لا أعتقد أن أخنوش سيتخلى عنهما، ولا أعتقد يستطيع ذلك. كل هذا يعني أننا سنجد أنفسنا أمام حكومة تتشكل من التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي، الحركة الشعبية وأيضا الاتحاد الدستوري. في حين سيتواجد حزب التقدم والاشتراكية وحزب العدالة والتنمية نفسيهما في معارضة لا تشبه المعارضة، معارضة ستكون شبه صامتة. وهو أمر، إن حدث، نفهم منه أن السلطة تريد لتجربة حزب التجمع الوطني للأحرار أن تمر دون تأثيرات ومؤثرات يمكن أن توقف تقدمها ونجاحاتها. على أي، لننتظر ونرى..