شوارع رئيسية برزت تجاعيد وجهها مبكرا بسبب جائحة الإهمال والإقصاء .. حمير وبغال وكلاب ضالة تفرض سلطتها المطلقة على الشوارع والمدارات الكبرى خاصة في منطقة العاليا، بكل ما لذلك من مخاطر طرقية ومن تهديدات للمارة خاصة الأطفال الصغار ومن آثار على المشهد البيئي والجمالي .. أتربة متناثرة وأنقاض متراكمة هنا وهناك .. مدارات طرقية متواضعة فاقدة لأدنى شروط الجذب والإشعاع، باتت أماكن مفضلة لعدد من الدواب والكلاب الضالة، دون أن يحرك هذا المشهد القروي إحساس وضمير من تحملوا ويتحملون مسؤولية تدبير الشأن المحلي ..باعة رصيف أو "فراشة" باتوا يفرضون سلطة مطلقة على نقط متفرقة من الشوارع، كما هو حال شارعي المقاومة والرياض .. انتشار كاسح لأصحاب الوجبات الخفيفة على غرار تجار بيع الفواكه، وبعضهم أقام شبه دكاكين عشوائية دائمة لا تحتاج إلا للتحفيظ العقاري، بشكل يوحي أننا نحتكم لقانون الغاب وليس لسلطة القانون .. شوارع تتقاسم البؤس والتواضع على مستوى البنيات الطرقية والأغراس والإنارة العمومية، رغم أن بعضها يشكل مدخلا رئيسيا للمحمدية كما هو حال شارع الرياض.. غياب تام للتشوير الطرقي الأرضي بشكل عصي على الفهم والإدراك، وهذا التشوير على الأقل، كان يمكن أن يغطي عن رداءة البنيات الطرقية ويمنحها بعضا من الجاذبية المفقودة .. فضاءات خضراء تعد على رؤوس الأصابع، لم تسلم بدورها من جائحة الإهمال .. غياب ملاعب القرب، بشكل يحرم الأطفال والشباب من الممارسة الرياضية، والبعض منهم وجد حلا مناسبا في "المصلى" التي تحولت إلى ملاعب قرب لممارسة كرة القدم، عوض أن يتم الارتقاء بها على مستوى الأغراس والكراسي والإنارة لتكون متنفسا طبيعا لساكنة الأحياء المجاورة .. زحف عمراني بدون أي بعد جمالي على حساب المناطق المجاورة للمدينة، التي يفترض أن تكون واجهة خلفية تحضر فيها الحدائق والمنتزهات وفضاءات الترفيه، لكن حضر فيها الإسمنت المسلح الذي اكتسح جميع المجالات المجاورة، بسبب لوبيات العقار، الذين يتحكم فيهم منطق الطمع والجشع والسعي نحو مراكمة الأرباح، في الوقت الذي يفترض فيهم، أن يساهموا في إحداث مجالات حضرية جميلة وأنيقة تتوفر على كل شروط الجذب والاستقرار.. هي مشاهد موجزة من ضمن أخرى، عاكسة للوجه الشاحب الذي باتت عليه مدينة اقترن اسمها خلال زمن مضى بمدينة الزهور، لكن الزهور تلاشت، نتيجة سنوات مسترسلة من التهميش والبؤس والإقصاء والحرمان، وبما أننا من ساكنة المدينة التي استقر بنا المقام بين أحضانها منذ عقدين من الزمن، نكاد نجزم أن لاشيء يوحي بالتغيير، ماعدا تدشين قنطرة المصباحيات بعد مخاض عسير، وفتح مدخل للطريق السيار بني يخلف المحمدية، والشروع في هيكلة شاملة لشارع سبتة، وتحديدا من المقطع الطرقي الرابط بين المدخل ونقطة التقاطع مع شارع الرياض، عدا ذلك، لازالت حليمة المحمدية على حالها أو على عادتها القديمة، في ظل ما نعاينه بشكل يومي من مشاهد حاملة لمفردات البؤس في أقصى تجلياته، بشكل يقوي الإحساس بالحسرة والخيبة، في ظل مقارنة واقع حال المدينة، مع ما وصلت إليه مدن أخرى من نقلة نوعية في البنيات الطرقية والإنارة العمومية وملاعب القرب والفضاءات الخضراء والعمران والمدارات الطرقية والنافورات والأسواق النموذجية ووسائل النقل وغيرها، وبالطبع هذا الواقع المأسوف عليه، تتحمل مسؤوليته بدرجات متفاوتة كل المجالس الجماعية المتعاقبة، التي قصرت في حق المدينة، التي يفترض أن تكون اليوم، مدينة جذب واستقطاب ومنطقة عبور، بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي المميز الذي يجعلها حلقة وصل بين مدن الدارالبيضاء وبنسليمان وبوزنيقة والصخيرات تمارة والرباط، واعتبارا لما تزخر به من مؤهلات سياحية تجمع بين الغابات والسواحل الأنيقة. وما دمنا نعيش أجواء الحملة الانتخابية التي تعيش آخر أنفاسها، فنستغلها فرصة لدعوة الأحزاب السياسية المتنافسة، من أجل استحضار واقع مدينة فقدت الكثير من بهائها وكبريائها وعنفوانها، ويقدروا ما تعيشه أحياؤها وشوارعها من مشاهد البؤس والتواضع والعبث والفوضى وانعدام النظام، وأن يستحضروا أن الانتخابات ما هي إلا وسيلة لإرساء لبنات مؤسسات تمثيلية قوية وذات مصداقية قادرة على خدمة المواطن والاستجابة لحاجياته وانتظاراته، والترافع دفاعا عن المدينة ومصالحها الحيوية، ونوجه الدعوة بشكل حصري، للمجلس الجماعي المرتقب بعد استحقاق ثامن شتنبر، من أجل تحمل مسؤولياته السياسية والأخلاقية في إعادة الاعتبار للمدينة ولساكنتها التي تستحق الأفضل، بعيدا عن الأنانية واللغط والصراعات الخفية والمعلنة والمصالح السياسوية الضيقة. ونرى أن المشاريع التي تحظى بطابع الاستعجال، لابد أن تطال الشوارع الكبرى التي تحتاج إلى هيكلة شاملة تشمل البنيات الطرقية والأرصفة والأغراس والإنارة العمومية، ومواقف السيارات والمدارات الطرقية التي لابد أن تطرد نحس الرتابة والعشوائية والتواضع، وإعادة هيكلة الفضاءات الخضراء المتواجدة، والتفكير في خلق فضاءات أخرى، شأنها في ذلك شأن ملاعب القرب التي لابد أن تقترب من الناشئة، مع التفكير في حلول مبدعة وخلاقة لإعادة الحياة للفضاء الأخضر للمصباحيات، وتخليص المدينة من تجار الرصيف الذين يشوهون المنظر البيئي والجمالي، وطي ملف ما تبقى من أحياء الصفيح، وحسن الاهتمام بشواطئ المدينة وخاصة الحرص على إتمام مشروع تهيئة الكورنيش، وإذا كانت المدينة قد عرفت ذات يوم بلقب الزهور، فنرى أن الضرورة تقتضي تبني استراتيجية خضراء، تعيد للمدينة مجدها العابر الذي اغتالته السياسات العابثة، وكلنا أمل في أن يستقر رأي واختيار سكان فضالة، على مرشحين أكفاء ونزهاء وشرفاء، يقطعون مع ممارسات العبث، ويعيدون المدينة إلى ما تتطلع إليه ساكنتها من نظافة ورقي وأناقة وإشعاع ورخاء وازدهار.