مع انتشار مواقع التواصل الحديثة"فيسبوك؛ وتساب؛ التويتر و...إلخ؛ واستمرارها في فرض سيطرتها على كل مجالات الحياة الاجتماعية، لم تعد العلاقات بين الناس تنعم بالبساطة والألفة كما كانت قبل مجئ هذا الوافد الجديد الذي اجتاح عالم الكبار كما الصغار وجعل من غاباته الوجهة المفضلة لدى الكثيرين، ربما هروبا من الواقعي الذي يتسم بالتعقيد وعسر في الاندماج والتوافق، خاصة في ظل انتشار ظواهر اجتماعية معقدة. واعتبار لما سبق نستطيع القول أن الفرد قد يلجأ إلى العالم الافتراضي ربما بحثا عن اعتراف أو عن بسمة افتراضية تنسيه مرارة الواقعي، فالافتراضي بهذا المعني هو من يعبد الطريق نحو علاقات لا متناهية وحياة بلا حدود وبلا قوانين. أمام هذه الاعتبارات وإذا انتقلنا مغربيا واستحضرنا ملاحظاتنا اليومية، يتضح لنا أن نسبة مهمة من فئة الشباب تفضل المكوث لساعات طويلة في بحر الافتراضي وهجران الواقع وما يتصل به، ربما لأن هذا الأخير لم يعد يلبي حاجاتها الذاتية كما لم يعد يعبر عن همومها. وعلى هذا الأساس يمكننا القول أن التجمعات البشرية أضحت تتميز بخاصية أفرزها غول الافتراضي وهي الصمت، حيث الكل في عالمه الخاص يبنى أحلامه في اللاسلكي ولا يعير أي اهتمام بمن حوله وهنا يبدأ التفكك ويتحلل التماسك الاجتماعي. وتبعا لذلك يتضح لنا أن الأفراد أعلنوا استسلامهم التام لعالم أقل ما يمكن القول عنه أنه يقرب البعيد ويبعد القريب،عبر قضاء الوقت الطويل في القارة الزرقاء أو ما يسمه الباحث عبد الرحيم العطري بالقارة السابعة. الشيء الذي يضع مستقبل المجتمع في تساؤل خاصة على مستوى القيم الاجتماعية والتربوية...إلخ. وحاصل القول؛ فرغم بعض الايجابيات التي تقدمها شبكة التواصل الاجتماعي من حيث متابعة الأحداث والمستجدات العابرة للقارات، فإن هذا لا يمنع من إعادة التفكير حول صيغ جديدة تعيد للحياة الواقعية قوتها في نفوس الأفراد الذين تعرضوا للاغتراب واستسلموا لشبكة التواصل الإلكترونية بدون سابق إنذار، وهذا في نظرنا ستكون له تداعيات خطيرة على مستقبل المجتمع في مستويات عدة.