مطار الحسيمة يسجل رقم قياسي في عدد المسافرين سنة 2024    طقس السبت.. انخفاض في درجة الحرارة وامطار على الشمال الغربي    إعلان الرباط.. رؤساء برلمانات بلدان إفريقية يثمنون المبادرة الأطلسية للملك محمد السادس    موريتانيا تمنح السائقين المغاربة تأشيرة دخول متعدد لثلاثة أشهر    طفلة طنجاوية تفوز بجائزة أفضل طفلة مسالمة ومتسامحة في إسبانيا    "فيفا" يجمّد عضوية اتحاد الكونغو.. هل من تأثير على مجموعة المغرب في تصفيات المونديال؟    إعادة انتخاب المغرب في اللجنة التنفيذية للجمعية الدولية لهيئات مكافحة الفساد    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع التوازن    شرطة العرائش توقف رجلًا وامرأة متلبسين بترويج المخدرات    برلمانيو شفشاون: طيور الببغاء جزء من المشهد السياحي للمدينة وقرار الحجز عليها فيه حيف وظلم    أسعار المواد الغذائية تراجعت بنسبة 1,6 بالمائة في يناير    موريتانيا تتيح للسائقين المهنيين المغاربة الحصول على تأشيرة دخول متعدد صالحة لثلاثة أشهر    المستشفى المتنقل يحط رحاله بجماعة إملشيل في نسخته الثالثة (صور)    تفاصيل اختطاف سيدة بسيدي بنور.. محاولة فاشلة لسرقة 20 مليون سنتيم    متى يُسْقِطُ الإطار المسْمار !    «بيرسا كوموتسي» تترجم أعمالا فلسطينية إلى اليونانية    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    مشروع قانون يؤطر "التروتينيت" في المغرب ويلزم مستعمليها بالخوذة واحترام إشارات المرور    مقتل شخص في حادث إطلاق نار جديد ببروكسيل    كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية تستهدف تكوين 30 ألف متدرج في مجال الصناعة التقليدية (لحسن السعدي)    المغرب يشارك بفريق قاري في عدد من السباقات الدولية بتركيا    إيمان غانمي ل "رسالة 24" : تمرير قانون الإضراب يعكس توجها استبداديا    طنجة تحتضن ندوة علمية حول مشروع قانون المسطرة المدنية: دعوات لتعزيز فعالية العدالة واستقلالية المهن القضائية    لسعد جردة: لم أكن أتوقع العودة بهذه السرعة لتدريب الرجاء البيضاوي    كاني ويست يعلن إصابته بمرض التوحد    الدوزي يشوق جمهوره لجديده الفني "آش هذا"    مجلس النواب يعقد جلسة عمومية تخصص لاختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية 2024-2025    رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي يحذر من أن العقوبات الأميركية تهدد استقلالية المحكمة الجنائية الدولية    وزارة الصحة تؤكد تعليق العمل بإلزامية لقاح الحمى الشوكية بالنسبة للمعتمرين    إطلاق حملة تلقيح ضد الحصبة بالمدارس وتوزيع استمارة الموافقة على آباء التلاميذ    كأس العالم 2030.. فرصة مهمة للشباب المغربي (لقاء)    بنك المغرب: 78 في المائة من المقاولات تعتبر مناخ الأعمال "عاديا"    عقوبات أمريكية ضد المحكمة الجنائية    المغرب يوصي المعتمرين بأخذ اللقاح    طنجة.. اختتام منتدى "النكسوس" بالدعوة إلى تدبير مستدام للموارد    مجسّد شخصية زاكربرغ: رئيس "ميتا" تحول إلى "مهووس بالسلطة"    قرار جديد من السعودية يسهل أداء مناسك العمرة    تعليق العمل بإلزامية لقاح الحمى الشوكية بالنسبة للمعتمرين (وزارة)    رغم التوتر.. كندا تبدي استعدادها للانضمام إلى مشروع ترامب    فيدرالية اليسار بأزيلال ترفع شكاية بشأن خروقات في تدبير الجماعة    عمدة ميونخ يرفض استضافة دوري الأمم الأوروبية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    تهجير الفلسطينيين: حملة تضليل مكشوفة.. كيف تُصنع الإشاعات لاستهداف المغرب؟    الولايات المتحدة تأمر بوقف عشرات المنح المقدمة لبرنامج الأغذية العالمي    كأس انجلترا: ليفربول يتأهل للمباراة النهائية بفوز عريض على توتنهام (4-0)    ‪ إلغاء لقاح الحمى الشوكية للمعتمرين    إنتخاب المستشارة الاستقلالية مينة مشبال نائبة سابعة لرئيس جماعة الجديدة    الزهراوي: خبر إمكانية استقبال المغرب للفلسطينيين المهجرين "شائعات مضللة"    لقجع: افتتاح مركب محمد الخامس بالدار البيضاء نهاية شهر مارس المقبل    غوغل تطور تقنيات ذكاء اصطناعي مبتكرة لتحدي "DeepSeek"    مسيرة عظيمة.. رونالدو يودّع مارسيلو برسالة مليئة بالمشاعر    "جامعيو الأحرار" يناقشون فرص وإكراهات جلب الاستثمارات إلى جهة الشرق    الشاب خالد، نجم الراي العالمي، يختار الاستقرار الدائم مع أسرته في طنجة    إنتاجات جديدة تهتم بالموروث الثقافي المغربي.. القناة الأولى تقدم برمجة استثنائية في رمضان (صور)    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مساهمة في تشخيص المشهد الانتخابي بجهة درا-تافيلالت
نشر في العمق المغربي يوم 08 - 06 - 2021

لقد اثار بروز حركة شباب درا-تافيلالت، وسعيها للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، اهتمام العديد من المهتمين بالشأن السياسي المحلي والجهوي، على اعتبار أن الشباب يمثل بالجهة أحد أبرز الركائز ونقط قوتها، ولكون مشاركتهم الإيجابية ستغير -لا محال- القواعد التقليدية والسلوكيات الانتخابية التي تكرست لعقود مضت.
يتضح من تجارب سابقة أنّ إلتفاف الشباب حول ممثل وحيد من بينهم، ومدافع عن تطلعاتهم بجهة درا-تافيلالت، وانخراطهم في دعمه بشكل تطوعي، مع التأكد أثناء الحملة الانتخابية على قضايا الشباب ومشاكلهم المتجلية أساسا في التشغيل وسبل العيش الكريم. ان البعد المحليلظاهرة حركية الشباب، يعد ذو أهمية بالغة في تغيير المشهد السياسي، بالنظر الى ان هذا المستوى يعتبر مجالاخصبا لبناء الثقة وخلق بيئة تفاعلية بين الشباب والنواة الصلبة لكل دينامية محتملة. هذهالعناصر (الثقة، بيئة تفاعلية، نواة صلبة …) لابد منها لإقناع باقي فئات المجتمع، ومرحلة ضرورية للتأثير على التراب الإقليمي والجهوي.
هذه الحركية الشبابية تدفعنا للتساؤل عن دوافعها واسبابها ومطالبها، وهو ما يجعلنا نفكر في أول وهلة ان الجواب هو عدم اقتناع الشباب بوضعية النسق التنموي بجهة درا-تافيلالت، بل هناك من يرى ان المكونات السياسية الفاعلة حاليا فوتت الفرصة في إرساء أسس الديموقراطية التشاركية.
وللإجابة عن هذا التساؤل ننطلق من مُسلمة، مفادها ان هناك شيئا ما ليس على ما يرام،ولا يشتغل كما ينبغي له، والتنمية المرجوة تحتاج الى تغيير ما، والصراعات السياسية الفارغة هي السائدة. كما يطغى البعد الانتهازي والانتخابوي الضيق على مشاريع التنمية (إن وجدت اصلا)،واغلب مجالس الجماعات الترابية (لا نعمم هنا بل هناك نماذج جيدة للتحليل)، يغيب عنها التفكير الاستراتيجي المفضي الى تراكم المعرفة حول الممارسة السياسية والجالب للمصلحة العامة، والخالق للثروة.
يظهر من خلال الشعارات المرفوعةمدى إدراك الحركية الشبابية، انّ الهياكل التمثيلية الحالية، لا تمتلك المقومات الكافية في الخطاب والممارسة لخلق تكتلات بي-جماعتية،ترافعية عن المنطقة ككل. واي متتبع للشأن المحلي سيتمكن منملاحظة غياب التنسيق والالتقائية (سيادة الارتجالية) بين الجماعات الترابية، حيثوإن تمكنت جماعة ترابية معينة من خلق انسجام داخل هياكلها المنتخبة وأبدت نية للعمل، تصطدم بمجالس أخرى تُغنّي بمنطق اخر، يطغى (المنطق هاهنا) عليه المصلحة الشخصية والانانية الحزبية ولن تقبل (المجالس) المشاركة في إنجاح فكرة لون حزبي اخر او مجلس اخر.
وهنا نستحضرمشكل التصريف الصحي للمياه العادمة على طول الاودية الواحية، والذي يلزم ان تتضافر الجهود بين مختلف الفاعلين،بُغية تنزيل رؤية واضحة حول مشروع مندمج لتدبير المياه العادمة، هذه الأخيرة التي أضحت تؤرق بال الساكنة وتهدد حياة اكثر 100000 الف نسمة (دادس، تودغى، مكون، زيز، غريس، درعة… ). ويعد هذا في نظرنا أكبر مشروع لن تتمكن أي جماعة لوحدها من تحقيقه، و حتىإن تحقق على حدود جماعة واحدة سيبقىمحدود التأثير، ولن يستطيعبلوغالأهداف المرجوة، أهمها حماية المنظومة الواحية من تلويث الفرشة المائية. لان الامر مرتبط هنا، بمنظومة نسقية متكاملة (نظام الواحة)، واي تدخل من هذا الحجم، لابد ان يشمل جميع العناصر المشكلة لهذه المنظومة انطلاقا من العالية (منبع الواد) الى السافلة حيث التركز البشري المهم.
لتفادي اعتبار هذا التحليل، هو مجرد حُكم قيمة يُجانب الصواب، او يبخس المجهود المبذول من قبل المجالس الجماعية، الذي لا ننفيه. بل نؤكد على ان سرعة التنمية بطيئة جدا بالمقارنة مع مناطق أخرى،والوضعية التنموية في العديد من القطاعات لا تستجيب للحاجيات المطلوبة. والتي عرتها ازمة كرونا، حيث ظهر بالملموس عجز بعض المرافق العمومية عن تلبية متطلبات الساكنة. حتى نكن أكثرا تدقيقا وإنصافا في وصف المشهد التنموي بجهة درا-تافيلالت.
والملاحظ ان الجهة تتوفر على إمكانيات ومؤهلات، وإن كانت لا تلبي حاجيات الجهة ككل، لكن على الأقل يجب تدبيرها بشكل جيد والبحث عن مصادر مُكملة لها، وهذا ممكن في ظل الصلاحيات الجديدة المُخولة للفاعليين الترابيين على المستوى الجهوي والإقليمي والمحلي.
الجميع يطرح السؤال نفسه اين الخلل؟ وكيف يمكن ان نجده؟ وما هي الإجراءات والقناعات التي يجب اعتمادها واتباعها لتغيير الواقع الى ما هو أفضل وأحسن لساكنة وزوار الجهة؟
للإجابة عن هذه الأسئلة "مرحليا"، نكتفي في هذا الصدد بتحليل البعد الانتخابي السياسي. باعتباره اللبنة الاولى لتصحيح الهفوات السابقة، والدفع الى اختيار تمثيلية سياسية، قادرة على إعداد تصورات تنموية جادة، ولها إمكانيات كافية لتنزيل هذه التصورات على أرض الواقع، على شكل مشاريع تنموية شاملة لكل الاصعدة. – وهذا الاختيار في اعتقادنا- يلزمه ان ينبني على اختيار مشروع قابل للتنزيل، ويتجاوز النمط التقليدي الذي يرتكز على اختيار الشخص بغض النظر عن مؤهلاته وامكانياته الذاتية.
منطق الصراع قديم /جديد بين الشباب والشيوخ
أدى هيمنة المنتخبين الشيوخ على الخريطة التمثيليةلهياكل مجالس الجماعات الترابية والبرلمانية، الى بروز صراع قديم/جديد بين الأجيال، والذي ترتفع حدته عند بلوغ كل محطة انتخابية، حيث ظلت بعض الوجوه الانتخابية مألوفة تترشحباستمرار، منهم من ظل يشغل نفس الكرسي لما يقارب ثلاثين سنة، مقابل حصيلة ضعيفة على عدة مستويات. وهو ما يدفع بفئة الشباب لمقاطعة الفعل السياسي والعزوف عنه. اعتبارا لما يلاحظ من تناقض صارخ بين خطاب بعض الأحزاب أو الفاعلين، التي تنادي بالانفتاح على الشباب وجعلهم في مركز الدينامية الحزبية. وسلوكها على ارض الواقع المتشبث بالوجوه المألوفة. حيث تقدم الاسبقية في التزكية الحزبية للشيوخ المتشبثين بالحضور المستمر، لضمان المزيد من المكاسب.
هذه الوضعية أدت الى تشكل فئات من المجتمع، يمكن حصر تصورها للعمل السياسي او التمثيلي بشكل ادق، في النقط التالية:
-شباب طموح يبحث عن اتباث الذات، منخرط في العمل الحزبي،ولكنه يفتقد لمشروع تنموي واضح؛
-شباب له مواقف ايديولوجية راديكالية، يرى ان المشاركة في العملية الانتخابية، رهين بتغيير المنظومة ككل، حيث يعتبر ان المشاركة بالقواعد الحالية، لن يؤدي الاّ الى نفس النتائج السابقة؛
-شباب ارتكن إلى مراقبة الحياة السياسية، ينتقد البنيات الحالية، وينتظر ان تتغير أشياء دون أن يكلف نفسه عناء المساهمة فيها؛
-شباب انزوى وانسحب بشكل تام من الحياة السياسية، ويعتبر هذا الامر لا يعنيه، لا من قريب ولا من بعيد؛
-شباب خلقوا دينامية تواصلية في إطار موسوم ب "شباب التغيير". محاولين التكتل ضمن في حركة، والاستعداد للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. بُغية تحقيق "هدف هذه الحركة المتمثل في جعل الشباب فاعلين سياسيين في الميدان ومشاركين في الحركة السياسية والتنموية" (حسب تصريحاتهم الصحفية)؛
-شيوخ يمتلكون رصيدا محترما من التجربة والحكمة والرصانة، وهي صفات ضرورية في التصور والتخطيطلأي مشروع تنموي، ويجب الاستفادة منها ودعمها بالدينامية الشبابية؛
-شيوخ وان اقتنعوا ان التنمية تتطلب التغيير، الا انهم لا يرغبون فيأخد المبادرة، نظرا لعدم امتلاكهم للحلول والاجوبة الصريحة لتساؤلات التنمية، وهذا راجع الى ترسبات الماضي والعلاقات البينية بين الافراد التي أدت إلى تشنج المشهد السياسي؛
-شيوخ تمكنوا من بسط سيطرتهم على المنظومة الانتخابية، جراء اكتسابهم للتجربة طيلة سنوات ترشحهم، واعتمادهم لعدة أساليب غير مشروعةلاستمالة أصوات الكتلة الانتخابية، وليست لديهم نيّة ترك امتيازات المنصب (هناك تصريحات للبعض منهم على قناة اليوتوب ).
هيمنة الطرق التقليدية في استمالة أصوات الكتلة الناخبة:
للتمكن من بسط السيطرة على الدائرة الانتخابية، يلجأ "المنتخب التقليدي" الى اعتماد أساليب متنوعة لاستمالة أصوات الساكنة. حاولنا في هذا الصدد رصد العديد من السلوكيات السلبية، ونقدمها كما يلي:
-مشاريع "الدقيقة 90" كما يقال في لغة كرة القدم، فرغم هيمنة ظل جائحة فيروس كورونا على مناحي الحياة وأثارها القوي على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية، فإن العديد من المنتخبين بالمجالس الجماعية المحلية يلجأ الى تنزيل بعض المشاريع الهشة، بُغية ملء الفراغ الحاصل طيلة الخمس سنوات الماضية، منذ تاريخ الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2015، في محاولة منهم لتلميع الصورة بمشاريع اقل ما يمكن ان يقال عنها، انها تعبير صريح عن الاحتقار وعدم احترام ذكاء المواطنين. كتزفيت بعض الطرق بشكل عشوائي، او فتح مسالك جديدة غير معبدة، او صباغة بعض الأرصفة، وتوسيع شبكة الانارة العمومية، واستبدال المصابيح، وغير ذلك من الإجراءات الترقيعية، في غياب تام للمشاريع التنموية المهيكلة والتي تتطلب عملا متواصل طيلة الخمس سنوات او أكثر، وبالتالي لابد للضمير الجماعي ان يسائل هذه الكائنات الانتخابية، عن جدوى وجودة المشاريع المنجزة في الدقيقة 90، ترشيدا للمال العام وضمان احترام الشروط المطلوبة؛
-دعوة أبناء القبيلة/الحي الى ولائم غرضها اظهار تقارب مزعوم وحسن جوار مزوّر، وان كان المدعوون ينافقون بدورهم صاحب الوليمة المشروطة، لمعرفتهم المُسبقة بالغرض منها؛
-الحضور المستمر في الأتراح والافراح ومختلف المناسبات الاجتماعية، للتمويه وابداء نوع من التآزر المغشوش؛
-التقرب من الناس ومحاولة استمالة تعاطفهم عبر القيام ببعض الممارسات الدينية كالإمامة في بعض المناسبات الخاصة والاذان لبعض الصلوات، خصوصا اذن صلاة الجمعة التي يواظب العديد من السكان على أدائها؛
-استغلال المناصب (التعليم، الصحة، الخدمات الادارية…) لقضاء حاجيات بعض الافراد بشكل انتهازي، بالرغم من كونها حقوق مشروعة لكل الساكنة؛
-القيام بعيادةبعض المرضى، لإظهار بعض التآزر المؤقت، وكسب ودهم؛
-تعيين رؤوس الحربة المناوئين لهم، والذين يمثلون قوة ضغط مضادة لطموحاتهم، والسعي بكل الأساليب إلى تكبيلهم وتوقيف جماحهم، تكون أحيانا بطرق "مافيوزية" مقيتة؛
-الجلوس أكثر وقت ممكن في الأماكن الاستراتيجية بالقرية أو المدينة، لغرض الالتقاء بأكبر عدد ممكن بالأوراق الانتخابية؛
-الاستغناء عن السيارة والحضور المستمر بين الساكنة لتبادل التحية المُغلّفة بالنّفاق الانتخابوي؛
-إعادة تشغيل الخلايا النائمة التي تعمل على تصريف خطاب التفرقة والتلويح بخطورة شتيت افراد القبيلة/الحي، والعمل على اقناع مختلف الشرائح بعدم توفر بدائل يمكن التعويل عليها لتنمية القبيلة/الحي، وان الحل الوحيد والاوحد هو الاستمرار بنفس الطريقة وبنفس الأشخاص الى ان يرث الله الأرض ومن عليها؛
-خلق عناصر يتم زرعها وسط كل فئة (نساء، رجال، شباب) مهمتها اصدار الاشاعات السلبية على كل من يجهر برأي معارض، وجمع الاخبار والمعطيات الميدانية، وكذلك توزيع غنيمة الريع الانتخابي وشراء الذمم؛
-شيطنة كل مبادرة تأتي من الآخر، حتى ولو كانت بحسن نية والدافع فيها انساني. وإظهار ان مبادراته وتحركاته فقط هي التي تعود للسكان بالنفع والخير العميم، وان مبادرة الأخرين هي لأغراض شخصية، وهذا امر يجانب الصواب والحقيقة؛
-عقاب المنتقدين والمعارضين، من خلال البحث عن هفواتهم والدفع بأطراف أخرى لتعطيل مشاريعهم. والتفاوض معهم في مرحلة ثانية للاختيار بين أمرين: إما الابتعاد عن الشأن العام وقضاياه التي تمس مصالح الفاعل الرئيسي، أو بين الاعتكاف على مصالحه ومشاريعه الشخصيةمع ضمان عدم التضييق، بل أكثر من ذلك يضمن له الاشتغال بحرية أكبر. وهنا استحضر قاعدة سياسة "العصا والجزرة" وهي رزنامة من المكافأة والعقوبات للحث على اتباع سلوك معين. واصلها اتى من حمار يجر عربة تتدلى الجزرة امام الحمار والعصا ورائه، يعتقد الحمار انه ان أسرع سيأكل الجزرة، في المقابل ان أبطأ او تمرد عن المشي سيتعرض للضرب والعقاب. بالتالي يختار الإسراع معتقدا انه سيأخذ مكافأة الطعام، والابتعاد عن العقاب الذي سيسبب له الألم. هذا الأسلوب غايته ترويض المنتقدين والمعارضين معا، فإن سمعوا وأطاعوا فلهم ما يريدون ويشتهون، وإن أبدوا "قسوحية الراس" تعرضوا للتهديد والوعيد؛
-الترحال المستمر من حزب الى اخر حسب ما تمليه المصالحالشخصية، لضمان التموقع الجيد، وفي غياب تام للمبادئ الكفيلة بجعل المنتخب يحترم ذكاء المواطنين ويلبي حاجياتهم ومتطلباتهم….؛
-توزيع التزكياتالحزبية من طرف أحزاب تبحث عن اعيان وماكينات انتخابية، بأساليب السمسرة والبيع والشراء ومن يدفع أكثر. بعيدا عن المعايير السليمة المُرتكزة على المؤسسات والقواعد ومناضلي الأحزاب وامتلاك مشروع تنموي حقيقي.
مبادراتمحتشمة في الفعل السياسي، تعتمد الاقناع وتحترم ذكاء المواطنين
في خضم هيمنة الأساليب الانتهازية في استعطاف أصوات الكتلة المنتخبة، لا ننفي وجود مبادرات تعتمد على مقاربة مغايرة، اذ يسعى من خلالها بعض الفاعلين الترابيين (معدودين على رؤوس الاصابع)، الى تكريس نمط إقناع يحترم ذكاء المواطنين، ويخاطب العقل بالاعتماد على شتى الوسائل الحديثة، التي أصبحت توفر إمكانية التواصل الدائم مع الساكنة، دون أي وساطة. وهو في حد ذاته امتحان مُتجدد للمُنتخب، ولن يجرأ على استعمال هذه التقنيات إلاّ من حقق الحد الأدنى من برنامجه الانتخابي، غير ذلك فهو انتحار سياسي. خصوصا لما توجد معارضة جريئة، تُبيّن هفوات ونواقص الاغلبية المُسيّرة. في هذا الصدد نقدم بعض السمات الجيدة التي نرجو ان تُعمّم:
-تواصل مستمر عبر مختلف الوسائط (منصات التواصل الاجتماعية، كبسولات مرئية، جرائد ورقية، لقاءات مباشرة بالساكنة)، طيلة الفترة الولائية؛
-دعم الجمعيات الجادة وتتبع مجهوداتها وتقييم أدائها.وصدّ الجمعيات التي تسترزق من المال العام عبر مشاريع تنموية وهمية؛
-إطلاق مشاريع تنموية مهيكلة تصبو الى خلق دينامية على مستوى الجماعة الترابية، والجماعات الترابية المحيطة ككل، في إطار مجالات المشاريع؛
-الاشتغال بملفات ترافعيةبي-جماعاتية، والعمل على تنزيلها على ارض الواقع بمقاربة تشاركية، يساهم فيها الجميع؛
-البحث عن عقد شركات، لتزويد الجماعة بموارد مالية إضافية، بُغية التعاون على انجاز مشاريع مهيكلة؛
-الاستعداد المستمر للمحاسبة، وتقييم العمل؛
-اعتماد خطاب وممارسة سياسية نزيهة ولائقة، تحترم ذكاء المواطن، وتخاطب توجهاته، وتصبوا الى تحقيق حاجياته اليومية، بعيدا عن الصرعات الحزبية الفارغة.
المشروع المحلي وبناء الوعي الجماعي
ان تحقيق التنمية المرجوة، يستوجب توازي الفكر النظري والتطبيقي، اذ لا يمكن الحديث عن مشروع محلي قابل للتنزيل، الاّ بالانطلاق من وضع ميكانيزمات التفكير النقدي وتكريسه في حياتنا اليومية، الذي يجعلنا نطرح أسئلة، ويدفعنا الى البحث عن مختلف المقاربات الكفيلة بإيجاد الأجوبة الصريحة والشافية لكل الإشكالات التنموية، بعيدا عن أي عُقد قد تكبح هذا المسار.
يستدعي بناء المشروع المحلي في نظرنا، بذل المزيد من الجهود، لردم الهوة الحاصلة بين فئة الشباب الطموح، وفئة الشيوخ دوي "التجربة المحترمة" في التدبير الترابي، لتطوير نموذج يسمح ببلورة أفكار وتصورات جديدة، والعمل على تنزيلها على ارض الواقع.
ولتحقيق هذا التقارب وردم الهوّة، لابد من الانفتاح على الفئات المثقفة، لتأطير الفعل الترابي، وتكريس نوعا من الذكاء الجماعي، وتفعيل الدور الإيجابي الذي ينبغي ان يقوم به كل عنصر والمساهمة في تجويد الحياة العامة. وهو ما سيضمن في نهاية المطاف وبشكل مستدام ربط المسؤولية بالمحاسبة وتجديد النخب والانفتاح على الشباب، وهو ما اكده تقرير النموذج التنموي.
في نظرنا نعتقد ان أمور كثيرة تغيرت الى الاتجاه الصحيح، كما ان هناك إشكالات أخرى متعددة، تنتظر من الشباب أخذ المبادرة والمساهمة في تصحيحها. لتحقيق التغيير المنشود، المتجلي في الولوج الى مختلف المرافق والعدالة في مختلف تجلياتها المجالية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية…
أبوبكر صابري
أستاذ جامعي، مهتم بقضايا التدبير الترابي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.