اشتهر الناقد الأدبي والمثقف العضوي رولان بارت، بمقولة موت المؤلف مقابل الاهتمام بالنص، وقد قصد بهذه الدعوة، الانتفاض على التقاليد النقدية الرائجة في الأوساط الأكاديمية من اتخاذ المؤلف المفتاح الأول والأخير للعمل الأدبي، إذ العكس هو الصحيح في نظر رولان بارت، ذلك أن العمل هو الذي ينبغي أن يقودنا إلى المؤلف ويضيء لنا جوانب فكره وسيرته، وهذا ما ينطبق كلية، على سيرة الدكتور والأستاذ الجامعي حسن بحراوي، الذي تمرس في النقد والرواية والشعر والمسرح. تعد نصوص وإبداعات الدكتور بحراوي، شاهد عصر على وجاهة أفكار رولان بارت، التي جعلتنا نصب اهتمامنا على النص إلى أن نصل إلى كاتب النص، ذلك أن الدارس لسيرة رولان بارت وحسن بحراوي، سيجد أماكن التلاقي بينهما أكثر من أماكن الاختلاف، كما لا يفوتنا الإقرار بأن السياق الثقافي والسياسي الذي عاشه الدكتور بحراوي، ساهم بشكل كبير في بزوغ نبوغه المغربي بتعبير الأديب عبد الله كنون. جانب آخر يمكن رصده بخصوص المسار الأكاديمي للأستاذ حسن بحراوي، حيث نجد التنوع في الاهتمامات والانشغالات الفكرية والأدبية والأكاديمية والسياسية، بما قد يبدو للناظر أن هذا الاختلاف البين مؤشر على التناقض، لكنه في حقيقة الأمر مع حسن بحراوي انعكس إيجابا على انتاجاته ووسمها بالتنوع والذيوع والثراء. إذ أنه كان مهووسا بالكتابة، في ثلاث مجالات أساسية بارزة تتوزع بين الشعر والمسرح والترجمة. حسن بحراوي البداية والمسار… حسن بحراوي مزداد بمدينة المحمدية بالمغرب، بتاريخ 23/09/1953، في الأصل باحث في الأدب الحديث والتراث الشفهي وناقد ومترجم ومدرّس للرواية في الجامعة المغربية، بدأ حياته الأدبية في السبعينات شاعرا وقاصا قبل أن يتفرغ للكتابة البحثية والنقدية في الرواية والمسرح، أشرف بكلية الآداب بالرباط على العديد من رسائل الماستر وأطروحات الدكتوراه في قسم الدراسات العربية، كما أدارعلى مدى سنوات فريقا للبحث في الأثنوجرافيا والموروث الثقافي بنفس الكلية. حسن بحراوي إنسانا ومعلما… تعرفت على الدكتور والباحث الأستاذ حسن بحراوي، في البداية من خلال كتاباته الأدبية والمسرحية، عندما كنت طالبا بجامعة السلطان مولاي سليمان بمدينة بني ملال، كنت أسمع عنه كثيرا وشاهدت العديد من المحاضرات المسجلة وبعض الصور التي ترسخت بمخيلتي، آخرها صورة الدكتور حسن وهو يحمل محفظة صغيرة فوق كتفيه، لازمته في الكثير من الملتقيات الفكرية والمناسبات العلمية، معروف على سي حسن صرامته العلمية والاكاديمية وجديته في التعاطي مع القضايا الثقافية والفكرية، ولا ننسى خفة دمه المعهودة عليه من جميع من عرفه. توطدت علاقتي بالأستاذ العزيز بحراوي بشكل كبير، عندما حظيت بشرف إشرافه القيم على أطروحتي للدكتوراه بعنوان: الحياة الاجتماعية في مرآة الأمثال الشعبية المغربية: دراسةسوسيوثقافية، بجامعة محمد الخامس بالرباط، سنة 2019، فكانت جلساتنا العلمية والفكرية صالونا تكوينيا/فكريا، جعلني أعرف هذا الرجل عن قرب، من خلال تواضعه وتوجيهاته وحرصه على إتمامي لهذه الأطروحة. وتعريفي بهذا الرجل من باب الوفاء وتعريفه للأجيال القادمة. حسن بحراوي سيرة كاتب… يحفل المسار الأكاديمي والأدبي والثقافي للدكتور حسن بحراوي بغزارة في الكتابة وتنوع في التأليف القاصد بلا شك، من نقد وفكر وترجمة ورواية وشعر وبرامج تلفزية وإذاعية تصب كلها في خانة الابداع والتميز نذكر أهمها: المؤلفات الخاصة: 1990 بنية الشكل الروائي: الفضاء، الزمن، الشخصية، المركز الثقافي العربي. بيروت. 1994 المسرح المغربي: بحث في الأصول السوسيوثقافية، المركز الثقافي العربي. بيروت. 1999 عبد الصمد الكنفاوي: سيرة إنسان ومسار فنان، سلسلة شراع، عدد 52، دار النشر المغربية.الدارالبيضاء.(جائزة عبد الصمد الكنفاوي). 2001 ذاكرة المغرب الساخر:حالة بزيز وباز.مطبعةبرينتر.المحمدية. 2002 حلقة رواة طنجة: دراسة ونماذج.منشورات عكاظ.الرباط. 2002 فن العيطة بالمغرب:مساهمة في التعريف.منشورات اتحاد كتاب المغرب.مطبعة فضالة.المحمدية. 2004 جدل الذات والوطن: بصدد السيرة الذاتية عند عبد الكريم غلاب.منشورات جذور.الرباط. 2010 أبراج بابل: شعرية الترجمة (من التاريخ إلى النظرية)، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. 2011 مدارات المستحيل: دراسات في ترجمة الشعر، منشورات بيت الشعر في المغرب. 2013 مأوى الغريب: دراسات في شعرية الترجمة، منشورات مخبر تعليمية الترجمة وتعدد الألسن، جامعة وهران. الجزائر. دار الغرب للنشر والتوزيع. 2016 مقارعة المستحيل: منشورات كتاب مجلة الرافد، العدد 121. الإمارات العربية المتحدة. 2016 الترجمة العربية: من مدرسة بغداد إلى مدرسة طليطلة. منشورات كتاب الشهر للمجلة العربية، السعودية، العدد 239. 2017 بصمة المعلم: من الذات إلى الوطن، منشورات مجلة مقاربات. فاس. الترجمات: 2009 ترجمة رواية "رُحّل" لأمين يوسف العلمي.رمضان 2009. (عرضت في لوحات مخطوطة بالخزانة الوطنية ولم تصدر في كتاب). 2010 ترجمة كتاب "في المغرب" لبيير لوتي. منشورات كلمة. أبو ظبي. الإمارات العربية المتحدة. 2012 ترجمة كتاب "دليل المسرح المغربي: نصف قرن من الإبداع المسرحي بالمغرب" لأحمد مسعاية، منشورات وزارة الثقافة المغربية. 2011 ترجمة كتاب "صورة المرأة في الإذاعة المغاربية". منشورات اليونسكو. 2012 ترجمة كتاب "الرباط أو الأوقات المغربية"، للأخوين جان وجيروم طارو. منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية. الرباط. 2017 "الرحالة الفرنسيون في بلاد المغرب" لرولان لوبيل (1936). نشرته دار الأمان بالرباط بدعم من وزارة الثقافة. 2019 كتاب "في المغرب" لبيير لوتي. منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك. الدار البيضاء. الأعمال الإبداعية: 2016 رواية (النمر الفيتنامي)، منشورات سليكي إخوان، طنجة. 2016 مجموعة قصص (أستوديو الجماهير)، منشورات سليكي أخوان. طنجة. 2017 ديوان شعر (الأرض الأخيرة لعشاق الترامواي)، منشورات أبي رقراق. الرباط. 2019 رواية (بنات ونعناع)، منشورات أبي رقراق، الرباط. 2021 رواية (عودة المرحوم)منشورات أبي رقراق، الرباط. 2021 رواية (أسبوع في جناح الأوبئة)منشورات أبي رقراق، الرباط. حسن بحراوي ذاكرة وأمجاد ختاما؛ كل الكلمات والعبارات عن الدكتور حسن بحراوي هو غيض من فيض؛ ولن نوفي سي حسن حقه إلا من خلال تتبع المسارات والمشاريع العلمية والفكرية والأدبية التي أطلقها ورسم معالمها، سيفتقد الجيل الجديد التتلمذ على يدي هذه القامة الفكرية والأدبية التي نفتخر بها جميعا، كون أن الأستاذ حسن بحراوي تقاعد أكاديميا لكنه مستمر في الإبداع والكتابة وكما يقال بالمثل لدارج" اللي كتب ماماتش"، أي أن الكتابة تخلد الأحياء والأموات، سي حسن الذي أنار لطلبته الطريق نحو العديد من المعارف التي كانوا يجهلونها، ولا ننسى ثقافة الاعتراف التي يتميز بها الدكتور البحراوي ووصمها في طلبته، من خلال كتابته عن مجموعة من الأدباء والمسرحيين والشعراء الذي عايشهم وتتلمذ على أيديهم وآخرهم المرحوم حسن المنيعي. فهل يعرف الجيل الجديد الدكتور حسن بحراوي، الذي أتمنى له الصحة والعافية؛ وألا يجف قلمه عن الكتابة، لأنه أعطى الكثير للجامعة المغربية والساحة الثقافية هو وزملاؤه سعيد بن كراد وسعيد يقطين وحسن نجمي ومحمد مفتاح وحسن المنيعي والقائمة طويلة…، ممن قدموا لنا إرثا ثقافيا ونقديا وأدبيا، وجب أن نفتخر به ونحرص على إيصاله إلى الأجيال القادمة.