أحدثت استقالة كل من إدريس الأزمي الإدريسي من رئاسة المجلس الوطني والأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، والمصطفى الرميد من وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقة مع البرلمان رجة داخل الحزب الإسلامي. واعتبر المحلل السياسي عبد الصمد بلكبير أن ما يحدث داخل حزب المصباح، نتيجة لتخليه عن المبادئ التي تأسس عليها، فيما رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، سلمان بونعمان، أن هناك "عطب في العقل النظري الاستباقي للبيجيدي". الحزب الإسلامي الذي تولى رئاسة الحكومة منذ 10 سنوات، بدأ يضطرب داخليا منذ انتخابات 2016 بعد إعفاء أمينه العام السابق من رئاسة الحكومة إثر "البلوكاج" الذي عرفه تشكيل الحكومة آنذاك. العقل النظري معطوب وفي تصريح لجريدة "العمق"، قال بونعمان، إن الأزمة الداخلية للبيجيدي بدأت منذ "البلوكاج" الذي أعقب انتخابات 7 أكتوبر 2016، معتبرا أن ما يعيشه البيجيدي يعكس "وجود عطب في العقل النظري الاستباقي". وتابع أن أزمة الحزب الإسلامي "كبيرة وعميقة على مستوى العلاقة مع المرجعية والهوية وعلى مستوى فعالية الفكرة الإصلاحية، وأيضا على مستوى تدبير الملفات المتوترة والحرجة". ووصف الحوار الداخلي الذي فتحه الحزب بأنه محدود الأثر ، خاصة أن عددا من قيادات الحزب قاطعته بما فيها بنكيران"، قائلا إن "العقل المفكر أو التفكير الجماعي للحزب انخرط في علاجات مؤقتة وموضعية تعالج أعراض المرض ولا تنفذ إلى عمق الأزمة". ولتجاوز الأزمة الداخلية التي يعيشها المصباح، شدد بونعمان على ضرورة توقف "العقل التبريري" واشتغال "العقل النظري الاستراتيجي"، مسترسلا "المشكل أن قيادات الحزب عادة ما تتعامل مع موضوع التجديد الفكري والسياسي بفكرة دعها تقع، حيث لا تتجه مباشرة إلى إعلان اجتهادات، وإنما تلجأ إلى نوع من التكيف البراغماتي مع الواقع". وأضاف أن ما وصفع ب"التكيّف الإيجابي والتقدير المصلحي والاجتهاد المقصدي وفقه المآلات"، لا يعني السقوط في "السيولة التبريرية، والشيخوخة النضالية، والخوف المرضي من كلفة التجديد". حزب تخلى عن مبادئه من جهته اعتبر بلكبير أن كل من استقالة الأزمي والرميد، نتاج لتبدبير العدالة والتنمية للشأن العام وتخليه عن المبادئ التي تأسس عليها في اليوم الأول. ووصف ما يقع داخل البيجيدي بأنه رد فعل "طبيعي"، مضيفا "الذين أسسوا الحزب والذين التحقوا به والذين صوتوا عليه، أدركوا بأنه يعد نفس الحزب"، مسترسلا أنه "وافق على فرنسة التعليم وعلى التطبيع مع إسرائيل وعلى تقنين القنب الهندي.. واحتمال زيارة العثماني لإسرائيل.. كل هذه العوامل فجرت الوضع الداخلي". وأوضح أن "إسرائيل تضغط مقابل أن تفي بوعودها للمغرب وهي كثيرة.. طلبت بزيارة للملك محمد السادس، ويبدو أنهم توصلوا لاتفاق بزيارة رئيس الحكومة.. وهذا سيفجر الوضع داخل الحزب"، معتبرا أن المصباح تأخر في رد الفعل. لايمكن تبرير كل شيء وقدم الرميد، أمس الجمعة، استقالته لرئيس الحكومة، لأسباب صحية، ليرفعها إلى الملك سيبث فيها بالقبول أو الرفض، كما قدم في نفس الوقت الأزمي استقالته من رئاسة المجلس الوطني والأمانة العامة، جاء فيها أنه "لم يعد هناك مجال لقبول كل شيء وتبرير كل شيء". ورفض الأزمي في رسالة استقالته "التهوين من الآراء المخالفة، والاعتماد في كل مرة على المسكنات المبنية على عامل الزمن، عوض الإشراك والإقناع، وعلى المهدئات المبنية على التبرير، عوض تحمل المسؤولية من الموقع المتبوأ وفي الوقت المناسب وبالوضوح اللازم". وقال إن هناك حالة من الإحباط والفشل والانسحاب والسلبية التي تخلفها هذه المنهجية في الحزب، مشددا على أنه لابد للحزب أن ينهض وأن يراجع نفسه ومقاربته، إن لم يكن قد فاته الأوان والقطار، على حد تعبيره.