الإنتخابات الرئاسية الأخيرة بالولاياتالمتحدةالأمريكية عرفت متابعة واهتمام غير مسبوق على المستوى العالمي عامة وخصوصا بالمنطقة العربية، الغريب في الأمر أن التفاعل مع هذه الإستحقاقات والتعاطي معها في منصات التواصل الإجتماعي خلق حالة من التقاطب بين من يدعم ولاية ثانية لترمب ومن يتمنى فوز جوزيف بايدن من أجل إحداث قطيعة مع ولاية رئاسية وصف من كان يدبرها بالشعبوي. الرهان على فوز مرشح وتفضيله على الآخر طغت عليه التقديرات الغريزية، ولم يكن لمنطق المنجزات والحصيلة أي أهمية لدى أغلب المتتبعين والمهتمين بالإنتخابات الرئاسية الأمريكية على شبكات التواصل الإجتماعي. العالم العربي في حد ذاته انقسم بين مؤيد لترمب وبين آخر يدعم جوزيف بايدن، الداعمون للمرشح الجمهوري من العرب هم أنظمة حكم توصف على أنها دول لا تؤمن بالديمقراطية وحرية التعبير لدرجة اعتبار نقد سياسات الحكومة جريمة وتآمر على أمن الدولة، وهناك جزء من الشعوب العربية من يتمنى فوز ترمب لأنه كشف عورة الأنظمة العربية وفرض عليها قيود اقتصادية وعسكرية، كما أنه احتقر بعض قادتها علنيا وأذلها أمام العالم بأسره. أما في ما يتعلق بالعرب الذين يؤيدون المرشح الديمقراطي، فهم يبررون ذلك من خلال المواقف السياسية للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته خلال فترة الولاية الأولى من القضية الفلسطينية، حيث أنه قام بوقف تمويل منظمة وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطنيين (الأونروا)، وأوقف كذلك تمويل السلطة الوطنية الفلسطينية، كما أغلق منظمة التحرير في واشنطن، بالإضافة لإعترافه بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية إليها، وبعد كل هذه القرارات يأتي مشروع صفقة القرن الذي يخدم الكيان الصهيوني ويحرم الفلسطينيين من دولة ذات سيادة. ليس فقط البعض من هذه الشعوب العربية من يدعم المرشح الديمقراطي، هناك كذلك من الأنظمة العربية من ترى في فوز جوزيف بايدن طوق نجاة لها من الضغط الذي تتعرض له من أجل أن تقوم بتطبيع علني وبناء علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني. على العرب أن يدركوا أن مشاكلهم الداخلية والإقليمية لا يمكن حلها إلا من خلالهم وبإرادتهم، أما التعويل على رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية القادم من أجل تحقيق مصالح معينة، فهو درب من دروب الخيال، لسبب بسيط هو أننا أمام دولة كبرى لا تخضع لفرد أو يحكمها مجموعة من الأفراد، بل هي دولة تحكمها مؤسسات لها مصالحها وتحالفاتها التي لا تتغير فقط بتغير الرئيس، بالإضافة لهذا كله، الولاياتالمتحدةالأمريكية ليست اللاعب الوحيد في المنطقة العربية، فهناك لاعبون متعددون.