برادة: سيتم تكوين أزيد من 3000 أستاذ للتعليم الابتدائي في مجال تدريس اللغة الأمازيغية    تفاصيل انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل    الدوري السنوي لنادي اولمبيك الجديدة للكرة الحديدية , إقبال مكثف وتتويج مستحق    توقيف قائد بإقليم ميدلت للاشتباه في تورطه بإحدى جرائم الفساد    موجة برد مرتقبة من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    السلطات المغربية توقف مواطنا تركيا بتهمة الانتماء لمنظمة إرهابية    ارتفاع عدد قتلى حرائق لوس أنجليس المستعرة    باعتراف حكومي.. ثلثا التلاميذ لا يعرفون الحساب ولا يتقنون العربية ولا يفهمون الفرنسية في نهاية المرحلة الابتدائية    أكادير.. توقيف 4 أشخاص حجز 155 غراما من الكوكايين ومحركين بحريين يشتبه في استعمالهما في تنظيم الهجرة غير النظامية    مندوبية التخطيط تتوقع عودة الانتعاش الاقتصادي الوطني في بداية عام 2025    الوداد يحسم أول صفقة في فترة الانتقالات الشتوية    الاحتفال برأس السنة الأمازيغية.. طقوس وعادات تعزز روح الانتماء والتنوع    نبيل صانصي يصدر ألبومه الجديد "الكوحل"    رواية "على بياض" لخلود الراشدي.. تجربة فريدة تتناول موضوع الإدمان وتمزج فن الراب بالرواية    المنتخب المغربي لكرة القدم لأقل من 16 سنة يخوض تجمعا إعداديا بسلا    أطباء القطاع العام يعلنون إضرابا وطنيا لعشرة أيام احتجاجا على تجاهل مطالبهم    بلاغ هام لوزارة الداخلية بشأن مراجعة اللوائح الانتخابية العامة    بلعسال منسق فرق الأغلبية بالنواب    أنشيلوتي يعترف : ريال مدريد لم يكن متماسكا وبرشلونة كان الأفضل    بركة: الجهود الحكومية لم تحقق نتائج في خفض البطالة والغلاء    ياسين عدنان: مهرجان مراكش للكتاب الإنجليزي يواكب التحولات العميقة للمجتمع المغربي    بشرى سارة للمرضى.. تخفيضات جديدة على 190 دواء في المغرب    قطر تسلم إسرائيل وحماس مسودة "نهائية" لاتفاق وقف إطلاق النار    دعوات للاحتجاج تزامنا مع محاكمة مناهض التطبيع إسماعيل الغزاوي    شي يشدد على كسب معركة حاسمة ومستمرة وشاملة ضد الفساد    على أنقاض البيئة.. إسرائيل توسع مستوطناتها على حساب الغطاء النباتي الأخضر    حموشي يؤشر على تعيين كفاءات شابة لتحمل مسؤولية التسيير الأمني    ارتفاع طفيف في أداء بورصة البيضاء    السعودية تطلق مشروع مدينة للثروة الحيوانية بقيمة 2.4 مليار دولار    الذهب يتراجع متأثرا بتقرير عن الوظائف في الولايات المتحدة الأمريكية    المغربي العواني يعزز دفاع التعاون الليبي    أخنوش: ملتزمون بترسيم الأمازيغية    فن اللغا والسجية.. الظاهرة الغيوانية بنات الغيوان/ احميدة الباهري رحلة نغم/ حلم المنتخب الغيواني (فيديو)    راديو الناس.. هل هناك قانون يؤطر أصحاب القنوات على مواقع التواصل الاجتماعي (ج1)؟    فيتامين K2 يساهم في تقليل تقلصات الساق الليلية لدى كبار السن    الدولار يرتفع مدعوما بالتقرير القوي عن سوق العمل    من بينهم نهضة بركان.. هذه هي الفرق المتأهلة لربع نهائي كأس الكونفدرالية    أطباء مغاربة يطالبون بالإفراج عن الدكتور أبو صفية المعتقل في إسرائيل    المزيد من التوتر بين البلدين.. وزير العدل الفرنسي يدعو ل"إلغاء" اتفاقية تتيح للنخبة الجزائرية السفر إلى فرنسا بدون تأشيرة    للتعبير عن انخراطهم في حملة "مرانيش راضي".. احتجاجات شعبية في ولاية البويرة الجزائرية (فيديوهات)    أخيرا..الحكومة تحيل مشروع المسطرة الجنائية على مجلس النواب بعد مرور أزيد من 4 أشهر على المصادقة عليه    برشلونة بعشرة لاعبين يقسو على ريال 5-2 بنهائي كأس السوبر الإسبانية    النفط يسجل أعلى مستوى في أكثر من 3 أشهر مع تأثر صادرات روسيا بالعقوبات    كيوسك الإثنين | "الباطرونا": الحق في الإضراب لا يعني إقصاء حقوق غير المضربين    تحذيرات خطيرة من كاتب سيرة إيلون ماسك    دراسة: ثلث سواحل العالم الرملية أصبحت "صلبة"    الحسيمة تستقبل السنة الأمازيغية الجديدة باحتفالات بهيجة    بولعوالي يستعرض علاقة مستشرقين بالعوالم المظلمة للقرصنة والجاسوسية    رياض يسعد مدرب كريستال بالاس    تحرك وزارة الصحة للحد من انتشار "بوحمرون" يصطدم بإضراب الأطباء    خمسة أعداء للبنكرياس .. كيف تضر العادات اليومية بصحتك؟    أخطاء كنجهلوها.. أهم النصائح لتحقيق رؤية سليمة أثناء القيادة (فيديو)    أغلبهم من طنجة.. إصابة 47 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة "بوحمرون" بسجون المملكة    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلّ الخير يأتي من الصحراء وكُلّ الشرّ يأتِي منها.. نحو إنهاء النزاع
نشر في العمق المغربي يوم 06 - 11 - 2020

ليس ثَمّةَ حاجة اليوم إلى تلقين المواطن المغربي _ ما خلا الناشئة _ فَهْمًا ومعطياتٍ وأحداثٍ مفصلية من تاريخ الصحراء المغربية، هته المسّماة في أعراف النزاع وفي أوساط الساسة الكبار ب"قضية الصحراء الغربية"..، ولا إلى إعادة تكرار مَشَاهِد الاحتفاء والاحتفال التقليدية بمحطات وطنية خالدة ارتبطت بمسار هته القضية؛ وإنّما المطلوب العمل على تفهيم المُوَاطِن والأجيال الصاعدة الأهمية الحيوية للوعي الفَردي بخطورة نزاع الصحراء، ورَذَاذ تأثيراته الرهيبة على المنطقة، وتفهيمه كذلك القيمة المضافة للدفاع والترافع المدني والمجتمعي عن مغربية الصحراء والنهوض بها، فِعلا، واستِدامةً.
من هنا؛ فَلَيْسَت المشكلة في أنْ نلقِّن المواطِن _ مع اختلاف رؤيته وتقديره وأدْلوجته وتحيّزاته _ عقيدةَ حبّ الوطن وقطعةً إستراتيجية منه هو يملِكُ إزاءهما وطنية وحبّا خالِصيْن؛ وإنَّما الأهمّ أنْ نسعى عبر تعليمنا وجامعاتنا وإعلامنا وأُسَرِنا وحكومتنا وجمعياتنا إلى أنْ نردَّ لتلك العقيدة فعاليتها العملية وقوّتها الإيجابية وتأثيرها اليوم وغدا في مسار الشَّخص/المواطِن، والتاريخ، والقضية.
وإنَّ حَدث المسيرة الخضراء وهو يُطلُّ علينا في ذكراه الخامسة والأربعين؛ لَطافحٌ بالدّروس والعِبَر المعينة في فَهمِ طبيعة الأدوار المنوطة بنا للدفاع العاقِل الجالِب للمصالح عن مغربية صحرائنا، نرصُد من ذلكَ دروساً ثلاثة:
الأوّل: أنَّ المسيرة الخضراء كحدث بارِز في مسيرة مغرب القرن العشرين جاءت تتويجاً لمسارٍ طويلٍ من الحوارات والتواصل والتنسيق السياسي والنفير المدني والثقافي من أجلِ الصحراء، بل لم يكن للحدَث أنْ يَنْجَح في مقصده، ويُشِعَّ بثِقله في وسائل الإعلام الدولي والعربي والوطني، ويُحقّق المراد؛ لولا ما تَظافَر _ قَبْلاً _ مِن جهودِ التعبئة الوطنية وإطلاع قادة العالم على الخطوة، وبَعْث المثقَّفين والساسة إلى القارات الخمس لتحشيد الرأي العام المدني والسياسي قصْدَ دَعمِ المغرب في مسعاه لتحرير الأرض (علال الفاسي وامحمّد بوستة وعبد الرحيم بوعبيد وعبد الله العروي..) وآخرون كلَّفهم الحسن الثاني بإيصالِ مُخرَجات قرار محكمة العدل الدولية ونِية المغرب في تنظيم المسيرة الخضراء، بما يُفيدُ أنَّ الديمقراطية التشاركية واقتِسام المسؤولية إزاء قضايا بلادنا والبناء على التراكُم الحاصِل؛ أمور بالغة الأهمية في استِكمال مِشوار المطالَبة العادِلة والدفاع المدني والسَّعْي الرّسمي لاستِرجاع حقِّنا في أرضنا، إنصافاً لتاريخ المنطقة، ولحقائق الجغرافيا، وتخفُّفًا من إرْثِ ثِقْلِ ماضي الخلافات والشِّقاقات بين الجزائر والمغرب.
الثٍاني: أنَّ القصر والقوى الوطنية أَحْسَنَا الاستِثمار في الشعور الوطني الفيّاض للدفاع عن البلاد وحَرارة النضال من أجل الوطن التي كانت لا تزال تَسْري في أوصال الشعب المغربي الذي لم تكن تفصِله عن ملحمة الاستِقلال والكفاح غير 15 سنة، وجيش تحرير الجنوب الذي كان إلى غاية 1959 ما يزال يُقاتِل القوات الإسبانية لإجلائها عن الصّحراء. كما أجادَ الملك استِثمار ما رآه من مُبادرات الأحزاب الوطنية التي كانت إلى ذلكم التاريخ، تجْعَل من لقاءاتها ومؤتمراتها وفعّالياتها؛ مِنصّات لاحتضان النقاش عن مصير الصحراء "الغربية". وفي هذا الصدد نُذكِّر أنَّ المثقف السياسي الراحل محمد عابد الجابِري أكّدَ في "مذكّراته السياسية والثَّقافية" أنَّ حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بقيادة الزعيم الوطني الغيّور (عبد الرّحيم بوعبيد) نظَّم وقادَ مسيرة شعبية سلمية حاشِدة في مدينة أكادير للمطالبة بجلاء الاستعمار الاسباني واستِرجاع الصحراء الغربية؛ الأمر الذي شكَّلَ فُرصة استِثنائية اسْتَثْمَرها الحسن الثاني وطوَّر الفِكرة في اتجاه تنظيم مسيرة خضراء رائدة. وفي ذات السياق؛ ذَكر الراحل (الجابري) في الفُصول (29 – 37) من الجزء الثالث من كتابه "في غمار السياسية؛ فِكراً وممارسةً"، أنَّ فِكرة عَرض قضية الصّحراء على أنظار محكمة العدل الدّولية كانت مِن بنات أفكار الأستاذ عبد الرحيم بوعبيد، التي وافَقه عليها الملك الراحل، وأحال الملف على قُضاة لاهاي، واستثمَر وقْتَ التوصُّل بالجواب في التحشيد والتعبئة الداخلية والخارجية لحَدَث المسيرة الخضراء الشّعبية.
الثّالث: أنَّ وِحدة الصفّ الداخلي وتقوية المسار الديمقراطي شَرْط واقِفٌ لخوض تجربة النضال الخارِجي، ذلكَ أنَّ لقاءات الملِك الحسن الثاني المتكرِّرة مع قادة أحزاب المعارضة التاريخية وإطلاق سراح المعتقلين وبداية الإعلان عن مسار الانتقال الديمقراطي؛ سهَّلت إيجاد ما أَطْلَق عليه المؤرخ الفرنسي (بيير فيرمورين) "الرِّباط المُقَدَّس"، وتخصيص سنة 1974 – 75 سَنة الصحراء بامتياز. وأنَّ مُناخ الثِّقة المتبادَلة بين الشعب والعرش والأحزاب السياسية؛ من شأنِها أنْ تُيسِّر التِقائية الإرادات والعَزمات والمبادرات، وتَرُصّ الصفوف لمواجهة حتمية التحديات القائمة.
ولذا؛ فإنّ الخير؛ كل الخير، للبلد وللعائلة الوطنية ولفضائنا المغاربي وللجوار الإفريقي ولتجربتنا الديمقراطية يأتي من الصَّحراء، وكلُّ الشر _ بتعبير الحسن الثاني _ يأتي منها. فلنُواصِل المسير، حريصين على تعبئة جميع الوسائل البشرية والعسكرية والاقتصادية والفكرية والتنظيمية التي نملكُها للدفاع عن وحدة البلاد وسلامة أراضي الوطن، ومُستندين إلى خِبرتنا التاريخية في التعايش والسِّلم والحوار، وإلى وثيقتنا الدستورية وأطروحة الوحدة، داعمين لمقترح الحكم الذاتي لجهة الصحراء، ومُواصِلين لجهود إنهاء النّزاع وتحرير الصحراء المغربية التي نعتبرها قِسماً هامّاً من التراب الوطني استناداً إلى مبدأ وحدة التراب الذي تَضَمَّنَتْهُ كلّ الأوْفاق الدولية، ومتشبِّثين بالوطنية المتفَتِّحة، الوطنية المؤمِنة بوحدة المغرب الكبير كضرورة تاريخية، وعازِمين على مزيدٍ من ثقافة التملُّك العمومي لقضية الصحراء، فهي مِلكٌ للشَّعب والأمة المغربية والنِّظام المغربي.
كما يجب أنْ تَنْصَبَّ الجهود المدنية والإعلامية والرسمية والتربوية في اتِّجاه إعادة بناء الوعي الجماعي بالحمولة التاريخية والسياسية والثقافية لقضيتنا الترابية، واستِلهام العِبرة مِن الخِبرة المغربية وإخفاقاتها في إدارة النزاع، وتعبئة المواطنين لأداء أدوارهم الفردية والجماعية في الدفاع عن الصحراء المغربية، والتعريف ب"قِصَّتِها"، واستِثمار المُتاحات الدستورية والمدنية لصياغة وتنفيذ خُطط دبلوماسية موازية لنصرة القضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.