يبدو أن هناك بوادر لتحالف إقليمي داخل العالم العربي، تقوده دول عربية كبرى إلى جانب الطرف الآخر وهو الكيان الاسرائيلي المحتل. حيث أصبحت خيوط هذا التحالف تنسج على أرض الواقع، ويطرح بعيدًا عن أعين وتطلعات الشعوب العربية، وهذا الحلف المنتظر هو ما كانت تطمح إليه الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ زمن ليس بالبعيد. لا سيما، وأنها شنت من أجل تطبيق على الواقع عدة حروب وتدخلات في المنطقة العربية، العراق نموذجًا. أما الآن الصورة اتضحت، وتشكلت أركانها ومقوماتها الأساسية ومع تخاذل الحكام العرب، وذلك بتوافق الرؤية وملامح التطبيق، على أرض الواقع مع الإدارة الأمريكية الحالية، التي ارتأت أن تكون جميع سياساتها الخارجية مساندة لإسرائيل. وجعل جميع السيناريوهات تطابق الرؤية الإسرائيلية للمنطقة، وتصبح بذلك الدول العربية تدور في محيطها وسياساتها. إضافة إلى وجود عوامل أخرى، لتحقيق التحالف المفروض. أولا: تهافت الدول العربية لكسب ود ترامب وإسرائيل وهذا ما تجلى خلال هذه المرحلة التي تعيش فيها الأمة العربية عدة أزمات متتالية، حيث باتت جميع الدول العربية من المحيط إلى الخليج، تتنافس على كسب ود الرئيس الأمريكي ترامب، والمصادق على كل المخططات والالتزامات التي يطرحها فورًا. وخير مثال على ذلك هو القرار المتعلق بالقدس الشريف. والذي أعطى للصراع العربي-الإسرائيلي أبعادًا أخرى، وجعل الفلسطينيون يسلكون المسار اتحرر بمفردهم، داخل متغيرات سياسية واقتصادية، فرضتها عليهم الإدارة الأمريكية الحالية، ولم يجدوا «الإخوة» العرب في صفهم، بل كانوا أحد أضلاع اللعبة السياسية المرسومة. وهذا تجلى بالأساس خلال الصمت الرهيب، الذي كان من قبل الدول العربية، إبان نقل أمريكا سفارتها إلى القدس الشريف، نعم، كانت هناك أصوات عربية تدين، لكن تحت طاولة السياسة.المسألة ارتبطت بحسابات سياسية ضيقة، شاركت فيها دول عربية كبرى، لتساعد بالتالي أمريكا وإسرائيل على تفعيل الصفقة والتطبيع على أرض الواقع. ثانيا: التحالف موجه ضد إيران هذا الطرح الذي هو في طور الرسم، يتمثل في «شيطنة» إيران، مقابل جعل إسرائيل دولة سلام وديمقراطية، ويجب على الدول العربية-الإسلامية التحالف والتطبيع معها وجعلها حليفًا في مواجهة إيران. وهذا ما بدا جليًّا، من خلال عدة لقاءات عربية أمريكية صهيونية. والتي انتهت بانسحاب أمريكا من الاتفاق النووي مع إيران، وهو بمثابة بداية جديدة للتعامل الأمريكي مع طهران، وهذا ما يجب أيضًا على الدول العربية أن تنتهجه لتوافق الرؤية الأمريكية، ونلاحظ أن بعض الدول العربية رحبت بهذا القرار، بل هناك دول قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع طهران. لنخلص في الأخير أن بوادر الحلف العربي-الإسرائيلي، بدأت تتشكل بشكل متسارع مع الإدارة الأمريكية، وحلت محل «الشرق الأوسط الكبير» الذي طرحته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة «كونداليزا رايز». والتي كانت تطمح أن تكون إسرائيل أحد أضلاع «الشرق الكبير»، لاسيما، وأنها مهندسة «الفوضى الخلاقة» في الشرق الأوسط، آنذاك، لم تكن لها الإمكانات الكافية، لتحقيق المكتسب الأهم، وهو أن تدخل «إسرائيل» الرسم العربي، وذلك، بوجود عدة دول عربية تقف بالمرصاد لهذا الموفق، وتدعم الفلسطينيين في قراراتهم العادلة. لكن، الآن للأسف، انتهت نخوة العرب مع الانبطاح المتزايد، خلال القرارات الأمريكية الأخيرة تجاه فلسطينوالقدس الشريف. بل أكثر من ذلك، أصبحت بعض الدول العربية، تدافع عن المخططات «الإسرائيلية»، وتعطي لها عدة مبررات، في مواجهة الفلسطينيين. وخير دليل على ذلك، هو ما وقع في انتفاضة "غزة" والتعاون الرهيب تجاه انتفاضة العودة مع المحتل الإسرائيلي، لكسر شوكة الفلسطينيين والمقاومة إلى جانب التطبيع العلني مع المحتل. ليتضح في الختام، أن الدول العربية "أي حكام العرب"، أصبحوا بعيدين كل البعد عن تطلعات الشعوب العربية، التي تبقى هي "القلب النابض" من أجل نصرة إخوانهم في «الأراضي المحتلة»فلسطين. ليطرح السؤال الأكبر: هل الكيان الصهيوني ضمن الجامعة العربية مستقبلا ? * باحث في العلوم السياسية