بناء على نصيحة صديق عزيز، سارعت للبحث عن الفيلم الوثائقي the social dilemma، وشاهدته كاملا. ووجدت أن في الفيلم- الذي أعلن عنه على شبكة "Netflix" وأطلق خلال الشهر الجاري - مايخيف ويفزع، ليس لأن معلوماته جديدة، فقد تحدث عن مخاطر وسائل وشبكات التواصل الاجتماعي، والعالم الرقمي كثيرون من قبيل "l'homme nu :la dictature invisible du numérique" و" "Ten arguments for deleting your social media accounts right now"، بل إن الفيلم صادم ومفزع، لأن المتكلمين وأغلب "الشهود" الذين استقى شهاداتهم، من المهندسين والمتخصصين في التكنولوجيا وأبناء وادي السيليكون ، ممن صنعوا مجد شركة غوغل، وتلك المنصات والشبكات، وطوروها وخاصة فيسبوك وانستغرام وتويتر، ويوتيوب، ومنهم الأمريكي تريستان هاريس (Tristan Harris). وقد شرح الشهود كيف تتلاعب تلك الوسائل وخوارزمياتها بالعقول وتجعلها تحت سلطة وربما سياط الذكاء الاصطناعي بشكل سحري ورهيب جدا. كما شرحوا كيف تتاجر تلك المنصات بالمعلومات الشخصية للمنخرطين فيها، وتربح بها وبنقراتهم الملايير، مقدمين في الوقت نفسه نصائح للتقليل من المخاطر وتفادي تلاعب الخوارزميات بالعقول. ومما كشفه الفيلم الوثائقي، أن أغلب أولئك الشهود لايسمحون لأبنائهم بفتح حسابات بمنصات التواصل الاجتماعي، وينصحون بأن لايسمح لهم بذلك إلا ابتداء من مرحلة الثانوية أو بعدها، مع الوعي بمخاطر تلك الشبكات والمنصات على الصحة النفسية والعقلية وسرقة الوقت، بل وإٍرباك المجتمع وخلق فتن داخله وربما صدامات.. ومن الشهادات التي وردت في الفيلم نفسه وأثارت انتباهي، إجماع الشهود على أن الأخبار الزائفة تنتشر في تلك الشبكات ست مرات بالمقارنة مع الأخبار الحقيقة، موضحين أن النظام الذي تشتغل به تلك الشبكات ينحاز للمعلومات الخطأ، وهذه الأخيرة تذر أرباحا أكبر من الأخبار الصحيحة والحقيقية. وفي الوقت الذي أثار الفيلم جدلا ونقاشا على عدد من القنوات والمواقع في أميركا وأوروبا، لم أجد - حسب معلوماتي- نقاشا حقيقيا حوله في الإعلام العربي/ ماعدا بعض المحاولات لمن نصفهم ب"صناع المحتوى" و"اليوتبرز"وهم قلة، ومواقع إخبارية قليلة. والحال أن الأمر يستدعي فتح نقاش حقيقي وعلني في الإعلام العمومي والإعلام بشكل عام حول مخاطر شبكات التواصل الاجتماعي، وبالأخص على الأطفال والمراهقين، لأن الخطر حقيقي وجدي وليس مزحة، ولأن وسائل التواصل الاجتماعي باتت فعلا وحقيقة معضلة حقيقية ومصيدة رهيبة.