بين جبال المغرب العميق وخلف مدينة جرسيف، يعاني جزء من قبائل هذا الإقليم الفتي ، من البطالة والفقر المدقع والتهميش.. لم يشفع لقرية ارشيدة تاريخُها وتراثها الضارب في القدم ولا شبابُها المكافح في أن تنال حظها من التنمية تبعد قرية ارشيدة عن مدينة جرسيف بحوالي 56 كلم تمكنت أرضها الطيبة من «مجاراة» أراضي تافراطة وهضاب الگعدة وبالضبط في الجماعة الترابية لمريجة ظلت ارشيدة وما تزال تحت رحمة «الإقطاعيين»، الذي وسّعوا ثرواتِهم ونفوذَهم الإداري والسياسي، بألوان مختلفة.. يملكون الهكتارات من الأراضي الزراعية، التي سطو عليها فيما أزيد من ثمانين في المائة من سكان القرية «لا حول لهم ولا قوة».. يعيشون الفقرَ المدقع. *قرية حيوية وشباب ضائع: أزيد من سبعين في المائة من سكان ارشيدة شباب « قتلهم الفراغ والتفكير في كيفية التخطيط لمستقبلهم الغامض» فمنهم من هاجر ومنهم من ينتظر، داخل قرية ليس فيها أي مصنع أو شركة. ليس الفقر وحدُه العدو اللدودَ لسكان أهل ارشيدة، فسوء التسيير والتدبير لشؤون المواطنين وتدهور بنيتها التحتية ساهما في تذمُّر ويأس السكان. وتكفي الإشارة إلى ما حدث من فيضانات أو ما بات يعرف بالنكبة التي عرفته المنطقة يوم الجمعة الأسود بتاريخ 14 شتنبر 2018 *معاناة السكان مع فصل الشتاء: ما إنْ تبدأ قطرات المطر الأولى في النزول فوق أرض القرية حتى تبدأ معها معاناة السكان مع المجاري والفيضانات، وتصبح الأزقة والمنازل والحقول عرضة للتدفقات المائية: شعاب تنساب سيولها، بعشوائية، وسط القرية، مما يُسّهل ولوج المياه إلى داخل الدواوير السكنية. فحتى طرقات وممرات القرية تزيد من عزلتها، أزقة متدهورة لا تصلح حتى لمرور الدواب «غارقة» في الأزبال والحُفَر.. الشيء الذي زاد من المعانات اليومية لفلاحوا القرية تزامنا مع موسم جني الزيتون في ظل الغياب التام للمسؤولين المحليين رغم نداءات الإستغاثة التي أطلقها هؤلاء إلا أنها لم تلقى أذان صاغية مع العلم أن الجميع يقتاتون من هذه الضيعات هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ومن خلال العديد من الموضوعات التي أشرنا فيها سابقا عن الحالة الكارثية التي تعيشها القرية و التي يمكن أن تشكل في أي وقت خطر يهدد أرواح المواطنين لأن الفاجعة التي ألمت بالقرية بتاريخ 14شتنبر2018 ليست كارثة طبيعة عابرة كما يعتقد البعض بل هي بسبب الإهمال و التسيب الغير مبرر من طرف الكل إبتداء من أبسط مواطن إلى أكبر مسؤول و هذا ما لاحظناه بالعين المجردة فغياب أي مسؤول منتخب الآن في الأحياء الشعبية و ظهورهم مرة واحدة لتزيين صورتهم لا غير أمام شاشات الكاميرات التي تركت آلام المواطن و توجهت نحو كلام مسؤولين لم يعلموا بالكارثة الا بعد وقعها بحوالي ساعات. ومن هنا فإن قرية ارشيدة بالجماعة الترابية لمريجة تعيش خارج عقارب الساعة، وصيرورة التاريخ، وإهتمام المسؤولين، هذا على الأقل ما يمكن أن يختزله المرء وهو يزور هذه القلعة المهمشة في كل شيء، أغلب سكان القرية يكسب قوته من إمتهان الفلاحة التقليدية حيث لا توجد في منطقة لا مصانع ولا مقاولات ولا مشاريع تنموية يمكنها أن تخرج الساكنة من فقرها المدقع، فكل شيء هنا يبنى على الأوهام، وعلى الوعود في التنمية التي كانت ومازالت مجرد سراب يبيعه سماسرة الوعود الإنتخابية للساكنة أيام الجدبة الإنتخابية. فجماعة لمريجة بأحلام سكانها روضة من رياض الجنة، لكن هذه الأحلام تموت في مهدها لأن مراكز صنع القرار يتجاهلون هذه الجماعة التي تعتبر من مناطق إقليمجرسيف المنسي علما أنها ضمن حدود عاصمة الجهة الشرقية وأنها تتوفر على موارد طبيعة وطاقات شابة ذات كفاءة عالية لذا لا غرابة في أن نجد أن المجلس القروي لهذه الجماعة خارج عن التغطية لما يقع لهدر حقوق الساكنة في توفير شروط العيش الكريم وتمكين المواطنين من الوعود المقدمة إبان الجذبة الإنتخابية وما صاحبها من وعود معسولة للنهوض بأوضاع الساكنة . فمازالت ساكنة الجماعة تشكو ضعف البنيات التحتية , غياب قنوات الصرف الصحي , انتشار الأزبال التي تؤتث الأزقة وجنبات الطرق , إضافة إلى غياب المرافق العمومية للشباب وتدني الخدمات الصحية مشاكل كبيرة والمسؤولين المحليين في دار غفلون، همهم الوحيد هو الإستفاذة من خيرات ثرواتها الغابوية. وتجدر الإشارة أن ملف ازير ارشيدة مؤخرا سال حوله مداد العديد من الجرائد المحلية والوطنية والصفحات الفيسبوكية، لدرجة أن رائحته فاحت في سماء الجهة والإقليم حيث خاضت 11 جمعية وتنسيقية معركة نضالية مع الإدارة الوصية على القطاع تكللت بنشر بيانات نتج عنها عقد إجتماعات ماراطونية انصبت حول تمكين الغابة من الراحة البيولوجية، كل هذا تم أمام صمت فيدرالية المجتمع المدني لمريجة وتحت أنظار المنتخبين بالجماعة الترابية لمريجة ، الشي الذي طرح لمتتبع الشأن العام المحلي أكثر من علامة إستفهام . هذا وذاك جعل رئيس الجماعة الترابية لمريجة يطل علينا كعادته بشطحة ضمن شطحاته، وذلك رغبة منه إدراج ملف أزير ضمن جدول أعمال أنشطة الدورة الإستتنائية المزمع إنعقادها بتاريخ 19 غشت 2020 بغية إصدار الموافقة لبيع الغابة في إطار صفقة عبر السمسرة العمومية تشرف عليها الإدارة الوصية . علاوة على ذلك يبقى بيع الغابة من طرف المجلس الجماعي لمريجة للإستفاذة من مداخلها أهم خطر يهدد الغابة ويصيبها بالتصحر وبالتالي فإن هذه الجماعة التي لايمتلك مدبري ومسيري شؤونها ضمير إنساني إما لغياب وعي عند أعضاء مجلسها بأهمية الغابة إيكولوجيا وتنمويا أو السعي إلى إستغلال الغابة لأهداف سياسية إرضائية للتعاونيات والمقاولات الغير مواطنة ومستغلين غابويين بمبررات واهية !!! من غير هذا تبقى خرجات و طلات من أوكلت لهم حماية هذا الملك متاحة للإستهلاك الإنتخابي لا أقل ولا أكثر . ختاما يمكن القول أن معاناة القرية لا يمكن عدها و لا حصرها فهي في كل الإتجاهات و على مستوى جل الميادين و الأصعدة .. القرية تفتقر إلى أدنى متطلبات الحياة، فحالة التهميش و الاقصاء الذي تعانيه هذه القرية التعيسة لا يمكن أن تخفى عن كل من يملك عين يبصر بها فمظاهر البؤس والتعاسة تراها أينما وليت وجهك شطر دواويرها ... و بتعبير أدق لا شيء يوحي بأن هذه القرية تنتمي الى القرن الواحد و العشرين ..لأن ما تعيشه هذه القرية من إقصاء و تهميش في ظل الحديث عن الإهتمام بساكنة العالم القروي وتذليل كافة العقبات التى يواجهها المواطن البسيط وغيرها من الدعايات الحكومية والخطب المعسولة ، كان لا بد من الوقوف على حقيقة الأمر في الواقع..حقيقة التهميش والمعاناة التي يتوارثها ساكنة القرى النائية أب عن جد.. هكذا هي قرية ارشيدة بالجماعة الترابية لمريجة، منطقة منسية لا تختلف صورتها عن صورة أغلب مناطق المغرب العميق، تعيش في العصور الحجرية ولا صلة لها بالعالم الخارجي