ما كنت أحب ان ادخل في سجال مع سيادة المطران عطا الله في وقت نحن في أمس الحاجة فيه الى وحدة الصف، والابتعاد قدر المستطاع عن منغصات الوحدة الدينية والوطنية التي اعتبرها الأساس القوي الذي نتكئ عليه في معركتنا لمواجهة كل أنواع التمييز العنصري والقهر القومي الإسرائيلي، أضافة الى الاحتلال الصهيوني الذي يهدد وجود فلسطين وطنا وشعبا ومقدسات وقضية.. إلا ان بيان سيادة المطران فاجأني ليس فقط من حيث أسلوبه المتعالي، ولكن بتناوله الفج والعدائي قضايا وملفات نعتبرها نحن المسلمين من أمهات قضايانا الدينية والوطنية والعقائدية، التي تُشَكِّلُ محط إجماع تقريبا على مستوى مليار ونصف مليار عربي ومسلم في هذا العالم ، بما في ذلك الشعب التركي والأغلبية الساحقة من أحزابه السياسية بتوجهاتها السياسية والأيديولوجية المختلفة المؤيدة والمعارضة لأردوغان، الذين أيدوا قرار المحكمة الإدارية العليا وهي اعلى هيئة قضائية في تركيا، بإبطال قرار مجلس الوزراء عام 1934 بتحويل آيا صوفيا من مسجد إلى متحف، حيث عمل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرار المحكمة بإعادة فتحه كمسجد للعبادة. انطلقت جميع الأحزاب التركية في موافقتها على القرار من اعتبار هذه الخطوة وطنية وتعبر عن السيادة التركية، وأنها محل إجماع في الشارع التركي.. ما تجاهله سيادة المطران على الرغم من الخلافات السياسية الحادة بين أردوغان وكافة أحزاب المعارضة، إلا أن أغلبها أعلن تأييده للقرار بشكل علني واعتبره خطوة تاريخية مهمة وقرارا سياديا تركيا، ومنها أحزاب معروفة بمواقفها السابقة المعارضة لهذه الخطوة، ويعرف عن زعمائها أنهم معارضون بشدة لهذا النوع من القرارات.. من هؤلاء القيادي العلماني (محرم إنجي) أحد أبرز مسؤولي حزب الشعب الجمهوري (حزب اتاتورك)، أكبر أحزاب المعارضة والمرشح السابق للرئاسة التركية، الذي صرح بأن: "آيا صوفيا داخل حدود تركيا، وفتحه للعبادة قرار سيادي لتركيا.. هذا أمر لا يحق لروسيا والولاياتالمتحدة واليونان أو أي دولة أو مؤسسة أخرى أن تقرر بشأنه"... فهل هؤلاء أيضا "عثمانيون" في نظر سيادة المطران؟!! ما كنت لأرد على البيان لو صدر من شخصيةٍ (محروقة) دينيا ووطنيا وقوميا، أو من جهة متعصبة قوميا أو دينيا.. إلا أن صدور مثل هذا البيان العدائي شكلا ومضمونا عن سيادة المطران عطا الله وهو من هو التزاما بثوابت الامة، والتصاقا بعناوين نضالها الديني والوطني، جعلني احتار كثيرا، وأقف ملِياً أمام هذه الظاهرة الغريبة والعجيبة.. لا أجد تفسيرا لصدور هذا البيان الا واحدة من ثلاث: الأولى، خطأ فني، وكبوة كباها سيادة المطران، ولكل عالم كبوة، جاءت ثمرةً نكدةً لضغوطات واقع معين ومحدد.. فإن كان كذلك، فأتوقع من سيادة المطران المسارعة للاعتذار للمسلمين حول العالم على ما صدر منه من مساس بثوابتهم وبتاريخهم، من غير تنازل عن رأيه الشخصي في مسألة قد تختلف الآراء حولها، وله ان يبدي فيها رأيا لا يتجاوز فيه الموضوعية الى الطعن في الثوابت والمس بكرامة أمة كاملة.. الثانية، والتي أتمنى ألا تكون، فبيانٌ كشفَ من خلاله سيادة المطران عن قناعاته حول طبيعة نظرته ونظرة امثاله الى التاريخ الإسلامي، والرافضة لحق الامة المسلمة في البحث عن حلول لقضاياها المعاصرة من خلال دينها وتاريخها، والتي يقف في صلبها إقامة الكيان السياسي الموحد للامة العربية ابتداء، تمهيدا لإقامة الكيان الإسلامي الموحد (الولايات العربية المتحدة/الولايات الإسلامية المتحدة)، وهو المشروع الذي سيحرر الامة من مؤامرة (سايكس – بيكو) وغيرها من المؤامرات التي استهدفت وحدة الامة ووحدة مرجعيتها السياسية والفكرية، والتي مثلتها الخلافة الإسلامية عبر عصورها المختلفة والطويلة بما في ذلك الخلافة الإسلامية العثمانية.. الثالثة، تخوف سيادته من أن يشكل المشروع الإسلامي خطرا على مسيحيي المشرق العربي – الإسلامي، وهو تخوف لا مكان له ابدا، ولا بأي شكل من الأشكال، إذ ان الإسلام كدين (وقد أشار المطران إلى العهدة المحمدية والعهدة العمرية في بيانه)، وكممارسة عبر تاريخ طويل، أثبَتتْ الامة الإسلامية خلاله - لا من أجل ان تُرى في أعين الغير جميلة ومتألقة - ولكن أيمانا منها – دينيا وليس سياسيا فقط - وهي التي تشكل ربع سكان العالم، بحق كل مواطني الدولة الإسلامية بغض النظر عن دينهم أو.. أو.. في التمتع بحقوق المواطنة الكاملة دونما تمييز، وهو الامر نصت عليه اول وثيقة وحدة وطنية في تاريخ البشرية التي وضعها الرسول عليه الصلاة والسلام لدولته الإسلامية الأولى في المدينةالمنورة التي كان يسكنها بالإضافة للمسلمين اليهود والنصارى أيضا.. هذه الوثيقة التي تعكس أعظم صور الوحدة الوطنية التي تحقق المساواة بين مواطنيها، هي التي أصبحت منذ ذلك الحين هوية الامة الإسلامية وحكوماتها بما في ذلك الخلافة العثمانية العظيمة.. لا بد هنا من الإشارة الى أن مسلمي العالم لن يقبلوا ابدا بأن يكون لأي مُكَوِّنٍ من مكونات الامة بغض النظر عن دينها أي حق للفيتو يمنع من إقامة الدولة كما يصبو اليها الإسلام والاسلاميون، لا جبرا وإكراها، ولكن من خلال الاحتكام الى صناديق الاقتراع التي يحدد الشعب من خلالها شكل وهوية دولتهم، ودستورها الذي يحفظ الوحدة الوطنية، والحقوق المدنية والسياسية، والكرامة الدينية والقومية والوطنية للجميع.. (1) امتلأ بيان سيادة المطران عطا الله حنا - على أثر قضية أيا صوفيا - باتهامات باطلة رفعها في وجه الخلافة العثمانية ودورها التاريخي، ولرئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان، وَنَسْفِهِ حقبة ذهبية من تاريخ الإسلام العظيم امتدت لنحو ستمائة عام تقريبا، افتقدت الى المنطق العلمي والتناول الأكاديمي الرصين، لمصلحة أسلوب شعبوي لا يليق بقامة دينية وطنية كسيادته، الأمر الذي وضعه مباشرة في وجه العاصفة التي عبَّرَتْ عن صادق مشاعر المسلمين تجاه تاريخهم ودينهم ومقدساتهم.. لم يكن من اللائق ولا من الانصاف والعدالة ابدا، اتهام سيادة المطران الدولة العثمانية والرئيس أردوغان بالتطرف و- "الداعشية العنصرية"، وإدانته الفجة لكل المؤيدين للدولة العثمانية وللرئيس اردوغان الذي اتهمه زورا وبهتانا بالتآمر على القضية الفلسطينية وعلى القدس والاقصى المبارك، واتهامه "بسرقة تراث انساني مسيحي عريق ونسبه للعثمانية الهمجية الجاهلية الحاقدة" على حد قوله"، ووصفه الفتوحات الإسلامية (ضمنا) والعثمانية (صراحة) ب - "الاحتلال"، مذكرا المسلمين حول العالم بأنهم طارئون، وأن المسيحية والمسيحيين هم الأصل، وأن المسلمين ليسوا اكثر من (لصوص!!) و (مستعمرون!!) احتلوا تركيا وسرقوا حضارة المسيحيين ونسبوها إليهم، وارتكبوا المجازر المروعة ضد المسيحية والمسيحيين، ونهبوا كنائسهم، وأنه – أي اردوغان - مستمر في مسيرة الاجرام والحقد والعنصرية والهمجية التي كان يتبعها اسلافه من العثمانيين المجرمين الحاقدين على حد زعمه...!!!! نسي سيادة المطران المبجل – في لحظة غياب عن الوعي كما يبدو - أن الحكومات الإسلامية المتعاقبة حررت شعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وثلاثة ارباع العالم القديم من سيطرة الامبراطوريات الرومانية والفارسية وغيرها، والتي مارست كل أنواع الإرهاب ضد هذه الشعوب التي خضعت لحكمها البغيض، والتي رأت في الفاتحين المسلمين المنقذ الذي أخرجهم من عبادة العباد وجورهم الى عبادة رب العباد وعدله، ومن جور الأديان والايديولوجيات العابثة الى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والآخرة، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه لدخول اغلب هذه الشعوب الى الإسلام راضين غير مكرهين، وما زالوا متمسكين بإسلامهم، معتزين بدينهم ومضحين في سبيل عقيدتهم بكل غال ونفيس حتى بعد ان غاب سلطان دولة الخلافة عن سماء بلادهم، وحكمتها غربان لا صلة لها بالإسلام ولا بالتاريخ ولا بالحاضر ولا بالمستقبل.. (2) ما كان ينبغي لقامة كقامة سيادة المطران ان يقع في مصيدة نفسه باتهامه لكل من يؤيد الخلافة العثمانية ويحبها، وكلَّ من يرى في اردوغان املا وسط ظلام التخلف والانحطاط الذي تعيشه اغلب الدول العربية والإسلامية، بأنهم "لن يكونوا في يوم من الايام جزءا من معادلة تحرير فلسطين، لان فلسطين ليست موجودة على اجندتهم وهم منغمسون حتى النخاع بروح الكراهية والتطرف والعنف والطائفية المقيتة".. فهل يتهم سيادته كل من يحب دولته العثمانية - وكلنا نحبها مع 90% في العالم العربي والاسلامي – ويؤيد الرئيس اردوغان وحكومته تأييدا مبصرا لا تأييدا أعمى - وكلنا نؤيده مع 90% من العالم العربي والإسلامي؟!! إنه يتهنا جميعا، ويتهم 90% من امتنا العربية والإسلامية، بما في ذلك شعبنا الفلسطيني في اغلبيته الساحقة، بأننا لن نكون: " في يوم من الايام جزءا من معادلة تحرير فلسطين، لان فلسطين ليست موجودة على اجندتهم وهم منغمسون حتى النخاع بروح الكراهية والتطرف والعنف والطائفية المقيتة".. سمعت وقرأت الكثير عن شطحات البعض والتي تكاد تصل حد الجنون، إلا أنني لم أتوقع في أكثر احلامي كابوسية، أن يصدر هذا الشطط، وان يقع هذا الخطأ الفاحش، عن قامة سامقة كسيادة المطران الذي رأينا فيه لحما من لحمنا ودما من دمنا وعصبا من عصبنا.. كيف يمكن لأحد مهما بلغ في مركزه ان يتهم شعوبنا وامتنا العربية والاسلامية ولاء لفلسطين او خيانة لها، بناء على معيار ما سمعنا به في الاولين، ولا اظن اننا سنسمع به في الآخرين!!!!!!!!!! انه معيار خاص بسيادة المطران وحده والذي يقول: من يحب الدولة العثمانية ويؤيد أردوغان، فلا علاقة له بفلسطين، ولن يكون يوما من الأيام جزءا من عملية تحريرها.. اما من يكرهون الدولة العثمانية، ويتعبرونها احتلالا اغتصب الأوطان المسيحية، وأجبر المسيحيين على اعتناق الإسلام، والتي هي تُهم باطلة وساقطة علميا، هؤلاء فقط – في نظر سيادته – هم المستحقون لشرف تحرير فلسطين!!!!! أرأيتم عبثا أفظع من هذا العبث؟!! ليس الى هذا الحد يا سيادة المطران!! زودتها كثير.. حاول سيادته الربط بشكل تعسفي بين قضية فلسطينوالقدس ومسألة أيا صوفيا، معتبرا بشكل غير مفهوم ان هذا القرار سيكون متكأً للاحتلال الإسرائيلي لتحويل الأقصى المبارك الى كنيس!!! الحقيقة أنه لا مجال للمقارنة بين أيا صوفيا والمسجد الأقصى، فتركيا دولة ذات سيادة، تعاملت مع مسجد يقع تحت سيادتها القانونية والسياسية، وهي ليست دولة احتلال وانما هي دولة سيادية تتصرف بأملاكها وارضها واوقافها وفق مقتضيات هذه السيادة، خلافا للاحتلال الاسرائيلي الذي يحتل الارض والمساجد ولا يملك اي مسوغ قانوني او شرعي لتغيير واقعها، وإنْ فَعَلَ كما فعل مع المئات من الوقفيات الإسلامية مساجد ومقابر ومقامات وعقارات وغيرها من أنواع الوقف الإسلامي والمسيحي، فهو معتد حسب كل القوانين على اعتباره قوة احتلال، لا تعطيه انتهاكاته أي مسوغ قانوني او أخلاقي، وتنفي عنه أي صفة سيادية.. (3) أحب أن أؤكد هنا بدهية بالنسبة لنا نحن المسلمين، أن الخلافة العثمانية هي الوريث الشرعي لما سبقها من حكومات الاسلام ابتداء من الحقبة النبوية الشريفة، فالخلافة الراشدة، فالخلافة الاموية والأخرى العباسية.. حجزت كلها للإسلام والمسلمين مكانا تحت الشمس عدالة وسياسة وحضارة ومدنية، وجعلت من الامة الإسلامية عنوانا لكل تقدم وازدهار في هذا العالم.. نفتخر بالخلافة العثمانية ونعتز.. عاشت في ظل عدالتها التي امتدت لأكثر من ستة قرون، شعوب وأعراق وملل ونحل. كما وعاشت امتنا ومعها أمم الارض، في ظل سلطانها عزيزة مهابة الجانب، آمنة ومطمئنة.. اوقفت المد الصليبي الأوروبي لقرون طويلة، وأرعبت دوله الطاغية والمجرمة، وحمت مقدسات المسلمين في الجزيرة العربية (مكةوالمدينة)، وفي فلسطين (القدس والمسجد الاقصى المبارك)، من كيد الصليبيين والصهاينة الطامعين والمتحالفين.. لا تجد مكانا في فلسطين وبالذات في القدس والاقصى، وفي العالم العربي وأوروبا إلا ويشهد على عظمة تلك الدولة الاسلامية التي كانت من أعظم سفراء الاسلام الى العالمين.. بشر الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم بفتح القسطنطينية في قوله: (لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش).. فتح القسطنطينية لم يكن احتلالا.. بل كان أسقاطا لآخر معاقل الصليبية التي كادت لأمتنا الاسلامية منذ الحروب الصليبية وحتى فتحها على يد السلطان التقي النقي محمد الفاتح رحمه الله ورضي عنه.. بفتح القسطنطينية سقط آخر أوكار التخطيط التي كلف العالم الاسلامي الكثير من الدماء والارواح، وعرضه للكثير من المخاطر والتحديات الوجودية.. تكالبت على كتابة تاريخ الدولة العثمانية جهات غربية، شديدة العداء لها، كانت تبعيتها للمنتصر في الحرب العالمية الأولى، الذي خطط لإنهاء آثار الدولة العثمانية الجليلة ووضعها في قفص الاتهام بعد ان كانت ملأ سمع وبصر العالم لقرون طويلة. من المؤسف ان الدول الغربية هذه جندت لخدمة هدفها هذا مؤرخين ومفكرين عربا ومسلمين قامت بريطانيا وفرنسا بدعمهم في مصر والشام في دعوتهم الى تأصيل الإطار القومي وتعميقه، كان معظمهم من النصارى واليهود، كما انهم في اغلبهم ان لم يكونوا جميعا من المنتمين الى الحركة الماسونية التي تغلغلت في الشرق الإسلامية منذ عصر محمد علي والتي كانت ذروتها مع قدوم نابليون في حملته الفرنسية. (4) لم تكن هذه (السقطة) هي الأولى في تاريخ سيادة المطران الذي حدد في تصريحاته الكثيرة والمتكررة خلال السنوات الأخيرة، موقعه على خريطة المخاض العسير الذي تخوضه امتنا العربية والإسلامية ضد الاستبداد والدكتاتورية والتخلف، والذي يمكن تلخيصه في الحرب التي يشنها حكامها المستبدون وعلمانيوها الاستئصاليون، وليبراليوها الظلاميون (لتمييزهم عن العلمانيين والليبراليين المتنورين والمتصالحين مع غيرهم)، على اختلاف الوانهم الفكرية والأيديولوجية، على كل محاولة للنهضة الحقيقية لأمتنا العربية والإسلامية، خصوصا إذا كان يقودها الإسلاميون حملة المشروع الإسلامي العظيم الذي يُذَكِّرُ بتاريخ تليد عاشت الامة في ظلاله موحدة وقوية وقادرة ومزدهرة، هابها العالم، واعترف لها عباقرة الدنيا الحياديون والمنصفون بالفضل في بناء الحضارة الإنسانية والنهضة الأوروبية والغربية.. ليس من عادتي توجيه النقد لشخصيات تحظى لدي باحترام خاص كسيادة المطران حنا، وهو على ما هو عليه من المكانة الدينية والوطنية التي من المفروض أن تكون جامعة لأسباب كثيرة من بين أهمها كونه قيادة مسيحية مشرقية يجب أن تفكر كثيرا قبل الخوض في قضايا لها صبغتها الإسلامية المحضة.. إلا أن بيانه الحالي والذي يُضاف الى تصريحات سابقة كتصريحات سيادته الداعمة لنظام الأسد منذ تفجر الأزمة السورية التي قتل وشرد واعتقل فيها النظام البعثي الاستبدادي المجرم حتى الآن أكثر الملايين من السوريين المدنيين الأبرياء، وتحويله سوريا إلى كومة من الأنقاض، إضافة إلى تنفيذه سياسة تطهير طائفية عرقية تهدف الى تحويل سوريا السُّنِّيَّة في اغلبيتها الساحقة الى دولة علوية – شيعية – نصيرية، وكذا تصريحاته الداعمة للانقلاب الدموي للسيسي في مصر، واتهامه للضحايا بإثارة الفتن الطائفية، والاعتداء على الكنائس المسيحية في مصر - الأمر الذي نفاه المنصفون من مسيحيي مصر - بدل تنديده بجرائم الانقلاب ومذابحه التي ما زالت مستمرة الى الآن، متهما ضحايا النظام الانقلابي بأقذع التهم التي لا يمكن الا ان توضع في سياق التحامل غير المنضبط على مفردات الثورات العربية التي شكل الاسلاميون فيها القلب النابض.. كل ذلك دعاني الى المسارعة في توضيح موقفنا من كل ما يطرحه سيادة المطران، على املٍ كبير مني ان يعيد النظر في كل ما يصرح به، والا يتعجل من الآن فصاعدا في إصدار البيانات التي لا يمكن ان تصب في صالح القضايا التي يؤمن بها، وعلى رأسها الشراكة الإسلامية – المسيحية التي هي درع الحماية القوي في وجه كل أنواع الظلم مهما كان مصدره، وخصوصا الظلم الاسرائيلي.. * الرئيس السابق للحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني..