كشف المجلس الوطني للصحافة، أن جائحة "كورونا" كبّدت الصحف أزيد من 240 مليون درهم (24 مليار سنتيم)، مضيفا أن الجائحة فاقمت الأزمة التي يعرفها القطاع، وعمقت من متاعب المقاولات الصحفية التي فقدت جزءا مهما من عائداتها المالية، وعجز بعضها عن تسديد أجور المستخدمين. جاء ذلك في تقرير أعدته لجنة المنشأة الصحافية وتأهيل القطاع بالمجلس الوطني للصحافة، حول آثار جائحة كورونا على قطاع الصحافة في المغرب، وارتكز على بحث تم في الفترة الممتدة من 25 ماي إلى 4 يونيو، من خلال عينة عشوائية تمثيلية تتشكل من 30 عنوانا، وكذا من خلال الاستماع إلى كل الفاعلين في قطاع النشر والطبع والتوزيع. وأضاف التقرير أن جل المنشآت الصحافية سجلت انخفاضا مهما لعائداتها المالية بسبب توقف البيع واعتماد المجانية، وصاحب ذلك تراجع مهم للاستثمارات الإعلانية للمعلنين بلغ (-110) في المائة خلال الفترة ما بين 18 مارس و 18ماي لسنة 2020 بالمقارنة مع نفس الفترة من سنة 2019، بالرغم من أن هذه الحقبة تصادفت مع شهر رمضان الذي يعرف عادة كثافة للإعلان. ووفقا للدراسة التي أجراها مكتبMedia Imperium ، الخاصة بالفترة من 16 مارس إلى 20أبريل، يضيف تقرير المجلس، فإن حصة الصحافة انخفضت بنسبة 58 في المائة، مضيفا أن جل المستجوبين أكدوا تراجعا مهولا لحصص الإعلان في حدود 79 في المائة وسطيا بالنسبة للصحف الوطنية و100 في المائة بالنسبة للجهويات الورقية. أما بالنسبة للصحافة الرقمية، فقد أشار التقرير ذاته، إلى أن نسبة التراجع هي أقل نسبيا حيث تصل وسطيا إلى 57.5 في المائة بالنسبة للنشرات الرقمية الوطنية و85 في المائة بالنسبة للنشرات الرقمية الجهوية. وبحسب المصدر ذاته، فإن هذه المعطيات تبرز أن الخسارة الناجمة عن تراجع الإعلان خلال شهر أبريل تقدر بأكثر من 17.5 مليون درهم بالقيمة الخام وحوالي 9 ملايين درهم بالقيمة الصافية، لافتا أنه إذا تم تعميمه على باقي أشهر الجائحة، فإن إجمالي الخسارة يصل إلى غاية أخر شهر ماي حوالي 53 مليون درهم بالقيمة الخام و27 مليون بالقيمة الصافية. وبحسب الملجس الوطني للصحافة، فإن هذا التراجع يعزى أساسا إلى إلغاء جل المعلنين لعملياتهم التواصلية، وفسخ أو تجميد العقود التي تربطهم بالمقاولات الصحفية لأسباب احترازية أو تقشفية مرتبطة بتوقف إنتاج المواد والخدمات وبتوازنات مالية، ولعدم توفرهم على رؤية واضحة بشأن استئناف أعمالهم. وخلص التقرير إلى أن الخسارة الناجمة عن توقف المبيعات وأعمال الطباعة، وتراجع الإعلانات / الإشهار تقدر بأكثر من 81 مليون درهم في الشهر. ويتشكل هذا المبلغ من الخسارة الناجمة عن البيع بأكثر من 44 مليون درهم بالإضافة إلى الخسارة الناجمة عن تراجع الإعلانات، والمقدرة ب37 مليون درهم. وأشار المجلس إلى أن التدابير العملية التي أعلنت عنها الحكومة لإنقاذ قطاع الصحافة، عبر وزير الثقافة والشباب والرياضة، اعتبرها مسؤولو الصحف الورقية والمنتمون لعينة الدراسة، خطوة ايجابية على اعتبار أن قطاع الصحافة يكاد يكون الوحيد الذي استفاد من الدعم العمومي، ويكاد يكون مميزا في المحيط الإفريقي والعربي. إلا أن الملاحظ، يضيف المجلس، هو كون هذه المبادرة ما تزال لم تدقق بعد خصوصا في آلياتها وتفاصيل معاييرها، وما إذا كانت ستشمل المنشآت الصحفية الصغرى التي تعيش أسوأ وضعا في وجودها، وجلها على حافة الإفلاس. كما هو الشأن بالنسبة لبائعي الصحف الذين يعتبرون حلقة أساسية في سلسلة تسويق المنتوج، والذين تضرروا بدورهم من آثار الجائحة، كما لوحظ أيضا ارتباك في المشاورات، حيث لم تتم مع كل الأطراف الفاعلة في القطاع الصحفي. وقدم المجلس الوطني للصحافة من خلال تقريره مجموعة من الإجراءات مستقاة من تجارب دولية متعددة، مع إغناء ذلك بمقترحات مقدمة من طرف الفاعلين المغاربة في قطاع الصحافة، لإنقاذ الصحافة الوطنية من الإفلاس، منها دعم مقروئية الصحف الوطنية، وتنظيم سوق الإعلان/ الاشهار، ودعم عمومي في مستوى التحديات، وتحفيزات لخلق صناعة إعلامية تنافسية، وتعويض عن استغلال المضامين الإعلامية. واقترح المجلس كذلك، تحصين القطاع بمواثيق أخلاقية خاصة، وإعادة النظر في تكوين وتأهيل الموارد البشرية، داعيا إلى ترجمت هذه الإجراءات في أقرب وقت ممكن من أجل إبرام تعاقدات بين مختلف الأطراف المعنية خاصة كانت أو عمومية، لمواجهة أزمة عميقة تهدد في حال استفحال بالإخلال بالدور المجتمعي والحيوي الذي تؤديه الصحافة.