طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب    كأس إفريقيا لكرة القدم للسيدات المغرب 2024.. لبؤات الأطلس في المجموعة الأولى مع الكونغو الديمقراطية والسنغال وزامبيا    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين        الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    السجن المحلي بالقنيطرة ينفي تدوينات يدعي أصحابها انتشار الحشرات في صفوف السجناء    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال        مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    الرابور مراد يصدر أغنية جديدة إختار تصويرها في أهم شوارع العرائش    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    تفكيك شبكة تزوير وثائق السيارات بتطوان    زَمَالَة مرتقبة مع رونالدو..النصر السعودي يستهدف نجماً مغربياً    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريمة عدم توفير مؤونة الشيك ونظام صعوبات المقاولة.. فراغ تشريعي يهدد مصير المقاولات
نشر في العمق المغربي يوم 29 - 05 - 2020

إن واقعة عدم خضوع جريمة الشيك بدون مؤونة لقاعدة وقف المتابعات الفردية المنصوص عليها في نظام صعوبات المقاولة وما لها من تأثير على المراكز القانونية للدائنين، و استمرارية المقاولة المفتوحة في وجهها مسطرة التسوية القضائية، أو تلك التي ستفتح في وجهها، تجعل من تدخل المشرع لسد الفراغ التشريعي ضرورة ملحة خصوصا في ظل تداعيات أزمة فيروس كوفيد 19 على الاقتصاد الوطني وما سينتج عنه من تزايد لظاهرة رجوع الشيكات الصادرة عن المقاولات بدون أداء …*
الجزء الأول:
الحالات التي يتم رصدها من خلال العمل الميداني والمتعلقة بتأثير مسطرة الشيك بدون مؤونة على وضعية المقاولة واستمراريتها.
تشكل مسطرة التسوية القضائية مرحلة مهمة تعكس بوضوح تدخل المشرع المغربي على مستوى المقاولة الخاضعة لمجموعة من الصعوبات عن طريق تقوية وتعزيز دور القضاء في حماية الحقوق القائمة، وذلك بهدف تقويم وضعيتها وإيجاد الحل الأمثل لضمان استمراريتها في مزاولة نشاطها.
حيث أن تسوية وضعية المقاولة التي تعاني من صعوبات والمحافظة على استمرارية نشاطها، يفرض توفير أرضية ملائمة لأجهزة المسطرة من اجل تمكينهم من تحقيق أهداف المشرع ، وذلك بجعل المقاولة المفتوحة في وجهها مسطرة التسوية القضائية في معزل عن المتابعات الفردية الهادفة إلى استنزاف أصولها أو التأثير على المراكز القانونية للدائنين عن طريق إقرار مجموعة من الآليات والأجهزة الفاعلة والقادرة على فحص وضعية المقاولة وبلورة الحلول الناجعة، مع توفير مناخ قانوني مناسب يمكن المقاولة من استرجاع أنفاسها وتجاوز الإختلالات التي تحيط بها.
وتعتبر المقتضيات القانونية التي تم إقرارها بمقتضى القانون رقم 17-73 المتعلقة بالآثار المترتبة عن الحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية القضائية من أهم الإجراءات الحمائية التي يمكن أن تكفل تحقيق أهداف المشرع من سن هذا القانون، وبالتالي توفير مناخ ملائم لأجهزة المسطرة من اجل العمل على إعادة هيكلة المنظومة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة، اذ يترتب عن الحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية القضائية نشوء وضع قانوني جديد تتأثر معه بقوة القانون كل المراكز القانونية للأطراف المرتبطة بالمقاولة.
وحيث إنه بالرغم من الجهود المبذولة في سبيل إنقاذ المقاولة المفتوحة في وجهها مسطرة التسوية القضائية، إلا أن هناك بعض الاشكالات التي تطرح على المستوى العملي والتي يعاني منها رئيس المقاولة الذي أنيطت به مهمة تسيير المسطرة بمقتضى الحكم القاضي بفتح المسطرة، وتتأثر بها بعض المراكز القانونية للدائنين أصحاب الديون العادية، الأمر الذي يجعل المقاولة تتخبط في مجموعة من المشاكل الفرعية التي قد تؤدي إلى فشل مخطط استمراريتها أو عدم قدرتها على تبني الحل المناسب، وبالتالي فشلها في تخطي الصعوبات التي كانت وراء تمتيعها بمسطرة التسوية القضائية.
وحيث انه من أهم المشاكل التي تواجه المقاولة بهذا الخصوص، يطرح إشكال عدم خضوع جريمة عدم توفير مؤونة الشيك الصادر عن المقاولة المدينة لقاعدة وقف المتابعات الفردية المنصوص عليها ضمن مقتضيات المادة 686 من الكتاب الخامس من مدونة التجارة، بالنسبة للديون السابقة لتاريخ فتح المسطرة، إذ تصطدم المقاولة بعد صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية القضائية بلجوء مجموعة من الدائنين اللذين سبق واستفادوا من شيكات صادرة عن المقاولة رجعت بدون أداء بسبب توقف الشركة عن الدفع، إلى تقديم شكايات من أجل عدم توفير مؤونة شيكات في مواجهة الممثل القانوني للمقاولة – رئيس المقاولة- مما يترتب عنه دخول المقاولة في مجموعة من المشاكل، والتي لم يستطع لحد الآن أي طرف من الأجهزة المتدخلة في المسطرة إيجاد حل لها، الأمر الذي جعل مجموعة من المقاولات التي عانت من هذه الوضعية تحيد عن الهدف الذي رسمه لها المشرع لتجاوز الصعوبات التي تعتريها، وتدخل في دوامة المتابعات الناتجة عن سلوك الدائنين أصحاب الشيكات للمسطرة الجنحية أمام القضاء العادي، في حياد تام عن قواعد المساطر الجماعية المتعلقة بتراتبية الدائنين، بالرغم من كون الديون المتعلقة بهذه الشيكات هي ديون تجارية بمناسبة عمل تجاري مرتبط بنشاط المقاولة وتتعلق بالفترة السابقة لتاريخ فتح المسطرة في حق المقاولة.
سنحاول من خلال هذه المقالة تسليط الضوء على بعض الاشكالات العملية المرتبطة بهذه الظاهرة التي أصبحت تهدد مصير مجموعة من المقاولات خصوصا في ظل الظرفية الحالية، ومدى تأثيرها على السير السليم للمقاولة المفتوحة في وجهها مسطرة التسوية القضائية، وذلك عبر التطرق للحالات التي يتم رصدها من خلال العمل الميداني والمتعلقة بالتأثيرات السلبية لمسطرة الشيك بدون مؤونة على وضعية المقاولة واستمراريتها..
تعتبر واقعة رجوع الشيكات الصادرة عن المقاولة المفتوحة في وجهها مسطرة التسوية القضائية خلال الفترة السابقة لتاريخ الحكم القاضي بفتح المسطرة من أبرز مظاهر الإختلالات المالية التي ينتج عنها توقفها عن الدفع وتجعلها تلجأ إلى القضاء من أجل طلب فتح مسطرة التسوية القضائية .
وحيث إنه من المعلوم أن المحكمة المقدم أمامها طلب فتح المسطرة بعد رصدها للإختلالات المالية، الاقتصادية، والاجتماعية التي تعاني منها المقاولة، وتأكدها من أن وضعيتها قابلة للتقويم، تقضي بفتح مسطرة التسوية القضائية في حقها مع تعيين القاضي المنتدب ونائبه وتكليف السنديك بإحدى المهام المنصوص عليها قانونا.
وحيث أننا سنتناول حالة الحكم القاضي بفتح المسطرة وتعيين السنديك مراقبا لعمليات التسيير مع إبقاء جميع صلاحيات التسيير في يد رئيس المقاولة، وإقدام أحد دائني المقاولة أو مجموعة من الدائنين على تقديم شكايات في مواجهة رئيس المقاولة من أجل عدم توفير مؤونة شيكات صادرة عن هذه المقاولة، متعلقة بديون ناشئة قبل تاريخ فتح المسطرة .
حيث إنه بمجرد تقديم شكاية من أجل عدم توفير مؤونة شيكات عند التقديم في مواجهة المقاولة، تقوم النيابة العامة المختصة بإصدار تعليماتها لمصالح الضابطة القضائية من أجل البحث والتقديم في مواجهة رئيس المقاولة الوارد اسمه بمستخرج السجل التجاري، دون أن تأخذ بعين الاعتبار وضعية المقاولة موضوع هذه الشكاية، وأنها تتمتع بوضع خاص يقتضي نوع خاص من الإجراءات.
من أجل الإحاطة بجوانب موضوع النقاش على المستوى العملي سنتطرق لثلاث حالات تواجه رئيس المقاولة بعد مواجهته بشكاية الدائن الحامل لشيك صادر عن المقاولة رجع بدون أداء، ومباشرة النيابة العامة للإجراءات المترتبة عن تقديم هذه الشكاية، ومدى تأثيرها على استمرارية المقاولة.
الحالة الأولى: أن يقوم رئيس المقاولة بأداء قيمة الشيكات موضوع الشكاية ويتابع في حالة سراح:
إن هذه الحالة تضعنا أمام مخالفة لمقتضى قانوني مهم وهو المنصوص عليه في المادة 690 من مدونة التجارة، الذي يقر قاعدة منع المقاولة من أداء الديون السابقة لتاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية، إذ أن قيام رئيس المقاولة بأداء قيمة الشيكات رهين بموافقة القاضي المنتدب على هذا الإجراء، وهو الأمر المرفوض قطعا من طرف هذه الجهة بدليل مجموعة من الأوامر الصادر بهذا الخصوص.
وحيث انه في حالة أداء رئيس المقاولة بواسطة أمواله الخاصة أو عبر الاستعانة بجهة أجنبية، وقيام الدائن بسحب مبالغه التي تعتبر دين سابقا لتاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية في حق المقاولة، يطرح التساؤل عن مصير هذه المبالغ؟ وهل يمكن اعتبارها دينا للمسير على المقاولة يحق له استرجاعها فيما بعد؟ أم أن هناك جهة أخرى يحق لها المطالبة باسترجاعها، وهنا نتحدث عن الجهاز المراقب لعملية التسيير وهو السنديك، على اعتبار أن الأداء تم باسم المقاولة في شخص ممثلها القانوني، وهو الأمر الشائع في مجموعة من الحالات، إذ بمجرد علم السنديك بإقدام أحد أقارب رئيس المقاولة على أداء قيمة الشيكات والإفراج عنه، يبادر إلى استصدار أمر عن القاضي المنتدب من أجل استرجاع ما دفع، باعتبار تلك الأموال دفعت باسم المقاولة ومرتبطة بنشاطها وأن استخلاصها من طرف الدائن عن طريق تقديم الشكاية من شأنه تضيع حقوق باقي الدائنين طبقا لمقتضيات المادة 691 من مدونة التجارة.
وأما فيما يخص الطريقة الثانية التي يمكن أن يتم بها الأداء، وهي عن طريق مخالفة رئيس المقاولة للقانون وإقدامه على أداء قيمة الشيك موضوع الشكاية من أموال الشركة خلافا لمقتضيات المادة 690 من مدونة التجارة، فإنه يصبح عرضة للمساءلة القانونية لأن ما أقدم عليه يدخل في خانة المخالفات المنصوص عليها في المادة747 من مدونة التجارة، وفي هذه الحالة يحق للسنديك بمجرد علمه بواقعة استعمال أموال المقاولة من أجل أداء دين سابق بغض النظر عن المبرر، أن يستصدر أمرا عن القاضي المنتدب من أجل استرجاع ما دفع وضخه في حسابات الشركة الخاصة بالتسوية القضائية.
الحالة الثانية: أن يتعذر على رئيس المقاولة أداء قيمة الشيكات أو الوصول إلى حل ودي مع أصحابها وتتم متابعته في حالة اعتقال:
إن هذه الحالة للأسف تجد أساسها في العديد من القضايا المعروضة أمام المحاكم، والتي تتم فيها متابعة رئيس المقاولة وإحالته على جلسة الحكم في حالة اعتقال، وتصبح المقاولة المفتوحة في وجهها مسطرة التسوية القضائية بدون مسير، مما يفشل خطة انقاذ هذه المقاولة ومساعدتها على تخطي أزمتها الاقتصادية والاجتماعية، إذ لا يمكن تصور استمرار مقاولة في غياب رئيس يقوم بمهام التسيير وتنفيذ المخطط المحكوم به أو إعداد الحل المناسب لاستمراريتها، من خلال مساعدة السنديك على إعداد الموازنة المالية والاقتصادية لهذه المقاولة،ناهيك عن فقدان جميع المتعاملين مع المقاولة لثقتهم في استمراريتها وبالتالي يضعون حدا لتعاملاتهم معها.
وحيث انه بالإضافة إلى فقدان الثقة في التعامل مع المقاولة من خلال معاينتنا الميدانية لبعض القضايا المشابهة فقد تصل نتائج اعتقال رئيس المقاولة إلى حد الإقدام على نهبها من طرف الأجراء أو بعض الدائنين الذين يستغلون حالة التوتر التي تعقب واقعة اعتقال المسير، ويقومون بالهجوم على مقر الشركة والاستيلاء على المعدات والمنقولات وكل ما يمكن أن يشكل قيمة مادية لتعويض مقابل ديونهم، كما نعاين إقدام مجموعة من الأجراء والمستخدمين على البحث عن أماكن أخرى للعمل وتقديم استقالاتهم أو المغادرة التلقائية للشركة، لأنهم يعتبرون أن اعتقال المسير يعني انتهاء مشوار الشركة وتعرضها للهلاك.
الحالة الثالثة: أن يختفي رئيس المقاولة عن الأنظار ويتم تحريك مذكرة بحث في حقه:
إن هذا الأمر يجعل من مهمة مساعدة المقاولة المفتوحة في وجهها مسطرة التسوية القضائية على تخطي صعوباتها وتنفيذ مخططها أمرا مستحيلا، في غياب رئيس المقاولة الذي بيده جميع المعطيات المتعلقة بالمقاولة والدائنين، وبالتالي يكون مصيرها التصفية، إذ أثبتت التجارب العملية أن السنديك لا يمكنه لوحده إنقاذ المقاولة في غياب التواجد الفعلي والمستمر لرئيسها الذي يعبر المحرك الأساسي للنهوض بوضعية هذه المقاولة.
انطلاقا من رصد الاشكالات التي تطرحها هذه الظاهر وتأثيرها على استمرارية المقاولة المفتوحة في وجهها مسطرة التسوية القضائية، يبقى التساؤل المطروح دائما هو تحديد الجهة المخول لها قانونا الحسم في الآثار السلبية التي تنتج عن عدم خضوع جريمة عدم توفير مؤونة شيك عن التقديم في مواجهة المقاولة لقاعدة وقف المتابعات المنصوص عليها في المادة686 من مدونة التجارة، وتتم متابعة رئيس المقاولة في حالة اعتقال؟ مع العلم أن المادة 686 من مدونة التجارة تنص على أنه يوقف الحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية القضائية أو يمنع كل دعوى قضائية يقيمها الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل الحكم المذكور ترمي إلى الحكم على المدين بأداء مبلغ من المال….، إذا اعتبرنا أن إقدام الدائن على تقديم الشكاية هدفه الأساسي هو إجبار المقاولة على أداء الدين موضوع الشيكات، وهو المقتضى الذي يتعارض مع مضمون الباب الرابع من مدونة التجارة الذي يؤطر حالات منع أداء الديون السابقة، إذ نجد المادة 690 منه تنص على أنه يترتب عن حكم فتح المسطرة بقوة القانون منع أداء كل دين نشأ قبل صدوره، والمادة 691 التي تنص على أنه يبطل كل تسديد تم خرقا لمقتضيات المادة السابقة بطلب من كل ذي مصلحة…
وحيث أن رئيس المقاولة في هذه الحالة يكون بين وضعين إما فقدان حريته بسبب وضعية خارجة عن إرادته والمتمثلة في حالة التوقف عن الدفع التي عانت منها المقاولة قبل تاريخ فتح المسطرة في وجهها، والتي من بين مظاهرها رجوع الشيكات بدون أداء، وبين أداء قيمة هذه الشيكات – في حالة قدرته المادية على ذلك- والوقوع في مخالفة مقتضيات قانونية من النظام العام وهي تلك المنصوص عليها في المواد 690 و691 من مدونة التجارة ؟؟؟ وهاذين الوضعيين معا من شأنهما التأثير على المقاولة في ظل عدم قدرتها على تخطي الصعوبات التي تواجهها، في غياب رئيسها الذي أنيطت به مهمة التسيير بمقتضى الحكم القاضي بفتح المسطرة.
وحيث أنه يطرح تساؤل ثاني حول مشروعية استغلال الدائنين أصحاب الشيكات الصادرة عن المقاولة والتي رجعت بدون أداء لهذه الوضعية، واستفادتهم من الأسبقية في استخلاص مبالغ الشيكات، في محاولة لحرمان باقي الدائنين من حقهم في استيفاء ديونهم في إطار المساطر الجماعية تبعا للتراتبية المنصوص عليها قانونا؟ وما مصير هذه الديون في حالة عدم أدائها وبقاء رئيس المقاولة رهن الاعتقال، استنادا إلى قاعدة من اختار لا يعود وأن اختيار الدائن لسلوك المسطرة الجنحية لا يعطيه الحق في مباشرة الإجراءات المدنية لكون سند الدين تم إيداعها رفقة الشكاية ولا يسع الدائن هنا إلا الاستمرار في إجراءات هذه المسطرة والتنصيب كطرف مدني؟؟؟
كل هذه الإشكاليات وغيرها المترتبة عن الفراغ التشريعي الذي خلفه عدم خضوع جريمة عدم توفير مؤونة شيك عند التقديم لقاعدة وقف المتابعات الفردية، المنصوص عليها ضمن مقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة، تشكل عائقا جديا يحول دون نجاح سياسة المشرع المغربي في مساعدة المقاولات التي تعاني من اختلالات على تجاوز أزمتها والاستمرار في مزاولة نشاطها، خصوصا في ظل الظروف التي يمر منها الاقتصاد الوطني بسبب تداعيات جائحة كوفيد19، وتأثيرها السلبي على المقاولات سواء المفتوحة في وجهها مسطرة التسوية القضائية أو تلك التي ستفتح في وجهها، أو المقاولات التي كانت في وضعية عادية و اضطرت إلى توقيف نشاطها بشكل نهائي أوالمقاولات المستمرة بشكل متعثر، مع العلم أن غالبية هذه المقاولات قد رجعت لها شيكات بدون مؤونة بسبب عدم الاستعداد لهذا الوضع الذي فرضته حالة الطوارئ الصحية.
هذا باختصار شديد رصد لأهم الاشكالات العملية التي تنتج عن تقديم شكاية من أجل عدم توفير مؤونة شيك في مواجهة مقاولة مفتوحة في وجهها إحدى مساطر معالجة صعوبات المقاولة خصوص ديون سابقة لتاريخ فتح هذه المساطر، حيادا على الضوابط المنصوص عليها ضمن قاعدة وقف المتابعات الفردية المنصوص عليها في الكتاب الخامس من مدونة التجارة، وسنتولى انشاء الله التعرض لمجال تدخل أجهزة مسطرة صعوبات المقاولة للحد من الآثار السلبية لجريمة عدم توفير مؤونة شيك على المقاولة في الجزء الثاني من هذه الدراسة العملية.
* محامية بهيئة المحامين بالرباط/ متخصصة في منازعات قانون الأعمال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.