بعد انتشار فيروس كورونا عبر كافة بقاع العالم موديا بحياة مئات الالاف من الاشخاص تناسلت الخرافات من كل صدب و حدب حول الفيروس القاتل فخلقت مزيجا من الهلع و القلق لدى الافراد و المؤسسات على حد سواء الأمر الذي جعل منظمات و هيئات عالمية و اقليمية تسعى جاهدة لتقليص حجم الخرافة و الحد من تاثيرتها السيكولوجية و الاقتصادية و الاجتماعية. في مجال العلوم الإنسانية (الأنثروبولوجيا ، علم الاجتماع ، التحليل النفسي ، و غيرها)، يتم توصيف الخرافة باعتبارها عيبا في المعرفة بالإشارة إلى مجموع المعتقدات التي تجد لها مكانا عند الجاهلين لدرء عجز الانسان في مواجهة الظواهر التي تتجاوز فهمه محاولة منه لربط ما لا يفهم بما يفهم. غير أنه و على الرغم من التقدم العلمي الكبير الذي تعرفه المجتمعات العصرية، تستمر المعتقدات الخرافية وتتأقلم لتتوافق مع طرق معينة لفهم الواقع حيث غالبا ما يتم توظيف الاعتقاد الخرافي لتبرير عديد من الظواهر البيولوجية والنفسية التي يستعصي فيها الفهم على العلم الحديث ما يجعل من الخرافة نتاجا اجتماعيا قبل أن يكون سلوكا فرديا. و عليه يمكن تفسير الظاهرة الخرافية على انها بمثابة عيب في المعرفة حيث تهدف المعتقدات الخرافية إلى درء و تجاوز عجز الإنسان في مواجهة الطبيعة على سبيل المثال حينما يستعصي على العلوم التجريبية إيجاد علاجات، وقتيا، لبعض الأمراض، فإن الخرافة توغل في تاثيرها لتحتل قلوب الناس و عقولهم و تصبح سبيلهم الوحيد للفهم حيث يرى فرويد أن العلم هو عمل العقل والفهم و أن عمق الخرافة عاطفي (الخوف والأمل) بالأساس بحيث يقارن تاثير الخرافات بحال الطفل الصغير الذي كلما روعته قوة و سطوة الكبار (تلك الخاصة بالأب على وجه الخصوص) كلما وجد نفسه مضطرا ان يحمي نفسه بحب ما يخاف. خلال دراسة أجريت سنة 1980 ، تم سؤال 800 شخص بفرنسا حول مدى ايمانهم بالامور الخارقة و الخرافية، أبدى 82٪ من النساء اعتقادهم بوجود ظواهر خارقة مقابل 70٪ من الرجال. نفس الدراسة أظهرت ان هذا الاعتقاد لا يرتبط بالمستوى الاكاديمي أو بالذكاء بل لوحظ ان هذا الاعتقاد يقل بشكل عام لدى المتدينين و أنه يرتفع عند بعض المهن المعرضة أكثر للخطر على سبيل المثال العصابات والرياضيين والممثلين … دراسة أخرى بينت أيضا انه توجد خرافات في جميع البلدان حيث تتغير المعتقدات فقط وفقًا للثقافات أو في بعض الأحيان الفئات الاجتماعية. على سبيل المثال، يوجد رقم سيء في كل مكان من العالم على سبيل المثال يشكل رقم 13 بالنسبة للفرنسيين رقم شؤم. نفس الأمر بالنسبة لرقم 4 بالنسبة لليابانيين. كذلك ترتبط الخرافة أيضا ببعض الحيوانات دون غيرها فالبوم و الغراب و القط الأسود هي رموز للحظ السيء في كافة بقاع العالم والخيل و الطيور المغردة ايقونات الخير غير أن الخرافة قد تجد لها أيضا مكانا في العلم، سيما حينما يخال عدد من المحسوبين على المعرفة انفسهم قادرين على تبرير كل شيء مدعين، بكل انانية، كونهم مالكين للحقيقة دون غيرهم سيما بربط المعرفة العقلانية بأغراضهم المريبة التي ترمي الى التخلص من كل من يخالفهم الراي و لو اقتضى الامر نعته بالتخلف و الرجعية و حتى الخرافة. و عليه فإن الخرافة تأسيس لعالم الخداع حيث يخدع الإنسان نفسه و يوهمها انه قادر على تبرير الاشياء غير آبه بترسيخ قيم الفهم و المعرفة المؤسسة على منهج البحث العلمي و العملي كما تبقى اوقات الازمات هي انسب الاوقات التي قد يعجز فيها العقل ليترك المجال رائجا لبائعي الوهم من اجل الترويج لقناعاتهم و بنات افكارهم الفاسدة.