تعقيب بشأن مقال الأستاذ عبد الكبير طبيح تحت عنوان ” هل نسيت الحكومة عرض مرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ على البرلمان“ -د. حسن أهويو مدير العلاقات مع البرلمان- بعد الاطلاع على مقال الأستاذ عبد الكبير طبيح المنشور مؤخرا بعدة مواقع إلكترونية تحت عنوان “هل نسيت الحكومة عرض مرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ على البرلمان” والذي أثار من خلاله شرعية إصدار المرسوم رقم 2.20.330 المتعلق بتمديد مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا – كوفيد 19 إلى غاية 20 ماي 2020 وذلك حين قال ” وإنه من قيام الحكومة بعرض مرسوم بقانون وفقا للقاعدة الوجوبية التي ينص عليها الفصل 81 من الدستور، يؤدي إلى إثارة شرعية مرسوم رقم 2.20.330 الذي اتخذته في اجتماعها الأخير، حسب ما أعلن عليه الناطق الرسمي للحكومة مساء يوم 18 أبريل 2020 “. وهذا الرأي الذي انتهى إليه الأستاذ عبد الكبير طبيح ارتكز في استنتاجه له على خلاصة أخرى اعتبرت هي الأساس الذي بني عليه الرأي المذكور وسنده الدستوري، حيث اعتبر الأستاذ طبيح أن” مبرر هذا المقال هو أنه بعد إعلان الناطق الرسمي للحكومة على مرسوم التمديد المذكور،يلاحظبالاطلاععلى ما نشرته الجريدة الرسمية في العدد الصادر في 13/4/2020 والعدد الصادر في 2020/4/16أي كل أعداد الجريدة الرسمية التي صدرت بعد فتح الدورة الربيعية للبرلمان المغربي، أن أيا منها لا يتضمن القانون المفروض صدوره عن البرلمان والذي يجب أن يكون قد صادق على المرسوم بقانون رقم 292.20.2 الذي ينظم حالة الطوارئ الصحية. كما يوجب ذلك الفصل 81 من الدستور” .وتابع الأستاذ عبد الكبير طبيح استدلاله بالقول ” وبعد البحث تبين أن عدم مناقشة أو إصدار البرلمان لأي قانون يكون قد صادق على المرسوم بقانون رقم 292.20.2 ليس راجعا لتقاعس هذا الأخير، ولكن راجع لعدم عرضه عليه من قبل الحكومةلكي يقوم بمهمته في المناقشة والمصادقة عليه داخل ستة أيام كما ينص على ذلك الفصل 81 من الدستور المذكور. فهل الحكومة احترمت الفصل 81 من الدستور وهي تصدر المرسوم رقم 2.20.330 “. وبطبيعة الحال فقد تفرعت عن استنتاج الخلاصات المذكورة أعلاه من طرف صاحب المقال إثارته لمواضيع فرعية وثانوية قياسا بالإشكال الدستوري الذي تفضل بطرحه، سنناقش أهمها في مقامها ومكانها المناسب من هذا المقال التعقيبي، وبيان ذلك كالتالي: أولا :فيما يخص وجوب عرض مشروع قانون المصادقة على المرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية على أنظار البرلمان بمجرد افتتاح الدورة الموالية بغرض المصادقة عليه كما ينص على ذلك الفصل 81 من الدستور فهو غير صحيح ومجانب للصواب، إذ ينص هذا الفصل على أنه ” يمكن للحكومة أن تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية”. معنى هذا أن الفصل 81 من الدستور لم يلزم الحكومة بإحالة أي مشروع قانون للمصادقة على مرسوم بقانون على البرلمان بمجرد افتتاح الدورة التشريعية التي تلي المصادقة على المرسوم بقانون، حيث إن الفقرة الأولى منه تنص على وجوب عرضه بقصد المصادقة عليه من طرف البرلمان خلال دورته العادية الموالية، دون تحديد أي أجل محدد لهذا العرض، سواء في مستهل افتتاح الدورة أو وسطها أو نهايتها. وهو ما يتيح للحكومة حرية اختيار الوقت المناسب لعرض مشروع المرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها على أنظار البرلمان بغرض المصادقة عليه خلال الدورة التشريعية الحالية. والغريب أن الأستاذ عبد الكبير طبيح نفسه ينتهي إلى هذا التأويل السليم للفصل 81 ويقر بحق الحكومة ضمنيا فيما ذهبت إليه حين قال ” وإنه لا يُرد على ما سبق بيانه بكون الفصل 81 يتكلم على الدورة البرلمانية المواليةوليس على اليوم الأول من الدورة الموالية. وهو ما قد يفسر بحق ا لحكومة في أن تعرض مرسوم القانون ذاك في أي يوم إلى آخر أيام الدورة الربيعية. هذا الرد هو صحيح، لكن قبل أن تمدد فترة حالة الطوارئ الى 20/5/2020″ وإذا كان ” هذا الرد صحيحا ” كما انتهى إليه السيد طبيح وهو ما يستقيم مع التطبيق السليم لمقتضيات الفصل 81 من الدستور، فإننا نكون قد حررنا أحد أوجه الإشكال الذي أورده الكاتب المذكور في مقاله واستند عليه في تفنيد حق الحكومة في تمديد مدة سيران حالة الطوارئ الصحية وهو ما سنتطرق إليه في الفقرات الموالية. لكن قبل ذلك لابد من التأكيد أيضا على أن الفصل 81 من الدستور لم يقيد كذلك بالمقابل البرلمان بأجل محدد خلال هذه الدورة التشريعية للمصادقة على مشروع قانون يقضي بالمصادقة على المرسوم بقانون.إذ حتى ولو افترضنا أن الحكومة قامت بإحالة مشروع قانون يقضي بالمصادقة على المرسوم بقانون المذكور عند افتتاح الدورة البرلمانية، أو حتى في خضم هذا الأسبوع، فإن البرلمان حر في تحديد جدولة مناقشته والتصويت عليه. ثانيا: فيما يتعلق بعدم شرعية إصدار الحكومة للمرسوم رقم 2.20.330 المتعلق بتمديد مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية إلى غاية 20 ماي 2020. وحيث إن الأستاذ عبد الكبير طبيح استند في استنتاج هذا الرأي إلى خلاصته الأولى القاضية بوجوب عرض قانون المصادقة على المرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية بمجرد افتتاح الدورة البرلمانية الحالية من أجل إضفاء الصبغة ” التشريعية ” بدل الصبغة ” التنظيمية ” التي لازالت تطبعه، ومن ثم جعله مرتكزا قانونيا لإصدار المرسوم المذكور وكل المراسيم المحتمل اتخاذها في المرحلة المقبلة من جهة، ومن أجل تحصينه من رقابة القضاء الإداري من جهة أخرى كما ذهب إلى ذلك صاحب المقال، فهذا قول مردود عليه لافتقاره السند الدستوري والقانوني. فإذا قررنا، كما اتفق على ذلك أعلاه، أن الفصل 81 من الدستور لم يقيد الحكومة بأي أجل دستوري محدد لعرض مشاريع قوانين تقضي بالمصادقة على مراسيم القوانين التي تتخذها خلال الفترة الفاصلة بين انعقاد دورتي البرلمان، بل قصارى ما نص عليه هو أن يكون ذلك العرض ” خلال ” الدورة البرلمانية الموالية لإصداره دون تقييد ولا تحديد ولا بيان وهو ما يستدل عليه بإطلاقية كلمةخلالوعموميتها، فإن الخلاصة الثانية التي انتهى إليها السيد طبيح تكون غير سليمة ولا تستقيم مع منطق التأويل الدستوري السليم. كما أن إصدار المراسيم التطبيقية للمرسوم بالقانون المذكور، ومن بينها المرسوم رقم 2.20.330 المتعلق بتمديد مدة سريان مفعول حالة الطوارئلم يقيد بأجل محدد ولم يقترن ذلك بالضرورة بصدور قانون يوافق بموجبه على المرسوم بقانون رقم 2.20.292 المذكور. ثالثا : فيما يتعلق بلبس انعقاد اللجنتين المعنيتين بالبرلمان للمصادقة على مشروع قانون المصادقة على مرسوم بقانون أثناء انعقاد الدورة. فقد ذهب الأستاذ عبد الكبير طبيح إلى القول” وبالفعل فإنه يتبين من الفصل 81 من الدستور أنه أوجب على الحكومة أن تعرض أي مرسوم بقانون على البرلمان للمصادقة عليه. أي لإعطائه طابع المشروعية القانونية في إطار ممارسة سلطته الدستورية في التشريع. ” ثم أضاف ” بأن الفصل المذكور حدد مسطرة خاصة تتمثل خصوصيتها في : 1 . أنها سريعة لا تتجاوز ستة أيام للمصادقة على مرسوم القانون. 1. أنها استثنائية لأن الذي سيناقش مرسوم بقانون هي اللجنة المعنية في كل من مجلس النواب واللجنة المعنية في مجلس المستشارين وأن القرار يعود للجنة المعنية في مجلس النواب”.والحال أن ذلك غير صحيح مطلقا ومجانب للصواب، لأن ماورد في الفقرة الثانية من الفصل 81 من الدستور هو كما يلي: ” يودع مشروع المرسوم بقانون لدى مكتب مجلس النواب، وتناقشه بالتتابع اللجان المعنية في كلا المجلسين، بغية التوصل داخل أجل ستة أيام، إلى قرار مشترك بينهما في شأنه. وإذا لم يحصل هذا الاتفاق، فإن القرار يرجع إلى اللجنة المعنية في مجلس النواب” ، بحيث يتم العمل بهذه المسطرة الخاصة خلال الفترة الفاصلة بين الدورات في شأن مراسيم القوانين وليس أثناء انعقادها. وبالتالي فإن مسطرة مناقشة مشروع قانون يقضي بالمصادقة على مرسوم بقانون تخضع لنفس مسطرة المناقشة والتصويت على باقي مشاريع القوانين. وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة قد صادقت على مشروع قانون يقضي بالمصادقة على مرسوم قانون بسن حالة الطوارئ بتاريخ 09 أبريل 2020، أي قبل صدور مقال السيد عبد الكبير طبيح، علما أن المشرع الدستوري لم يقيد البرلمان بأجل محدد داخل هذه الدورة للمصادقة على مشروع القانون المذكور وبالتالي يبقى له الحق في برمجة مناقشته والتصويت عليه في الوقت المناسب.