تتعدد المناسبات والولائم والمستغل واحد، هكذا يمكن أن نعون موقعة بهرجة الديربي البيضاوي. تسخير فصائل قطبي البيضاء لكل طاقاتها وعنفوانها الجمالي قصد التسويق لبطولة تسوق لسيادة الدولة الإماراتية في كسب رهانات مستقبلية وكسب ثقة الجهات المسؤولة داخل البيت التنفيذي للفيفا لتنظيم تظاهرة كاس العالم على غرار قرينتها قطر، لعل أبرز حدث يقودنا لحبكة هذه المسرحية وهي توقع بقرعتها المشكوك في نزاهتها لجمع هذين الفريقين في لقاء مباشر واحد، قصد الترويج لصالحها أفضل طبق يمةن إهداءه للعالم العربي، بل للعالم أجمع. جهات درت رماد فحشها المادي على أعين من تزكى بالقول في العديد من الخرجات الإعلامية والبيانات المحررة أن تطبيق مبادئ فكر الألتراس يتبنونه جملة وتفصيلا، لكن واقع الحال يضرب بنعال وسوط التناقض، في مقابلة جاءت ضمن منافسات لا جهاز الفيفا تعدها ضمن أجندتها أو تعترف بها، ولا اتحاد قاري يثمن تنافسيتها. ألا يكون من الخجل دق الآذان بالشعارات الفضفاضة أمام الملأ أنهم ضد “الحكرة” و “الشطط المادي” وواقع الحال أنهم يزكون جلادهم بطريقة أو بأخرى دون دراية منهم في بطولة قوامها الرأسمالي كفيل بأن يجرد هذه المجموعات التشجيعية المغرر بها من استقلاليتها وهي تسوق لجهات وتعرض أزياءها الفاتنة بألوان مغرية فتانة؟ ألا تشكل هذه البهرجة ظرفا استثنائيا يلازم اللحظة تم استغلاله لطمس الهالة التي نشبت مؤخرا جراء تسريب بعض المحادثات قبل يومين من طرف مجهول يفضح فيه الخروقات وعمليات النصب التي تطال بعض المنخرطين داخل بيت هذه الفصائل؟ ألا تشكل مناسبة الديربي البيضاوي بنكهته الخليجية مناسبة ولائمية ووجبة دسمة تسيل اللعاب وتضمن لهذه الفصائل بها هالة إعلانية ترويجية أمام هذا الظهور أمام مختلف الأضواء الدولية؟ أين هذه المجموعات من أهم مبدئ ترتكز عليه أعراف تنظيم الألتراس المتمثل في مبدئ “نكران الذات” والتغاظي عن حب الظهور والعمل خلف الأضواء والكواليس؟ ما رد هذه الفصائل إن تحدثنا بأعراف فكر الألتراس أن “الباشاج” في مباراة لا تدخل ضم خانة الرسمية هو ضرب من ضروب العبث والخرق للمبادئ التي يرتكز عليها فكر الألتراس؟ وحقيقة الواقع أن العكس هو الذي وقع، بل تعدته إلى تسخير هذه التنظيمات لتنفيذ وصايا ومآرب أجنبية أخرى. كل هذه التساؤلات التي خرجنا بها أكدت وتؤكد جليا أن التفاخر والتسليم لتكبيلات الإغراء الأجنبي الذي ينثر أمواله فوق الرؤوس كفيل لهذا السجان الأسمالي بأن يسقف االتوجهات العامة لمجموعات الألتراس التي تعارفت عليها على غرار التأزم المالي الذي يضرب جيوب هذه المجموعات، وخير مثال حي موقعة الديربي المزركش. إن العمل لإخلاص الفكرة ولغايتها يخرج من كنف مجموعات تجرعت ويلات شح الإمكانات المحدودة، والتي تسعى لبلوغ أهداف حرة وعميقة. * باحث في علم الاجتماع