أضحت الإشاعة في السنوات الأخيرة مصدر قلق للأجهزة الأمنية، لكونها تؤثر بشكل سلبي على أمن المواطن، و تجعله يحس بانعدام الأمن. و الاحساس بانعدام الأمن ليس هو غياب العناصر الأمنية بالشارع العام، و إنما هو شعور يحس به المواطن من خلال قراءته لمعلومات أو أخبار مزيفة، أو رؤيته لصور أو فيديوهات، تمس في شموليتها بالمظهر العام للجريمة. و تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا “الفيسبوك”و ” الواتساب” من الوسائل الخطيرة في نشر الجرائم و الأخبار المزيفة و المضللة و إثارة الاحساس بانعدام الأمن، بحكم زيارتها من قبل شريحة عريضة من المجتمع، وبحكم سرعتها في نقل المعلومات و نشرها على أوسع نطاق. ونظرا لتأثيرها على المجتمع، فقد حرمتها الشريعة الاسلامية، مصداقا لقوله تعالى : ” يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين”. و قوله صلى الله عليه و سلم : ” كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع”. و الاشاعة يمكن ان تكون عن طريق نشر الفيديوهات، أو نشر صور فوتوغرافية، أو نشر أخبار أو معلومات مزيفة غير مؤكدة. ومن الفيديوهات الكاذبة التي تم تداولها في مواقع التواصل الإجتماعي و كان لها تأثير بالشعور بانعدام الأمن، هو الذي يخص امرأة من مدينة المحمدية تدعي بأن ابنها تعرض للاختطاف من قبل سيدة على مثن سيارة رباعية الدفع. لكن الأمر لا يتعلق بما تدعيه السيدة (الاختطاف والاحتجاز )، و إنما يتعلق فقط بقاصر يبلغ من العمر 13 سنة قد رافق السيدة صاحبة السيارة الى منزلها على مثن دراجته لمساعدتها في إنزال اغطية صوفية مقابل مبلغ مالي. كما جاء في بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني. هذا إلى جانب تداول صور فوتوغرافية تظهر أشخاص يحملون لاثار جروح على أساس أنهم ضحايا لاعتداءات جسدية. و الخطير في الامر هو نشر صور اجرامية اقترفت خارج المغرب، لكن التحريات الميدانبة المنجزة من طرف مصالح الامن الوطني على خلفية نشر هذه الصور التي جعلت المواطن يعتقد بأن الجريمة في انتشار متزايد، تثبت العكس و تؤكد أنها مقاطع مصورة قديما توثق لافعال إجرامية، تم تسجيلها خارج المغرب، واخرى داخل المغرب سبق وأن قامت مصالح الأمن بإيقاف الجناة و تقديمهم للعدالة. كما يمكن ان تكون الاشاعة عن طريق نشر معلومات و أخبار مزيفة، كما هو الحال بالنسبة للإشاعة التي تم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي، والمتعلقة بوجود سفاح يقوم بقتل النساء بواسطة الة ” الشاقور” بعدة مدن مغربية. و قد خلفت هذه الاشاعة نوع من الخوف لدى المواطنين. مما جعل ولايات الأمن تدخل على الخط و تنفي هذا الخبر بشكل قطعي، وتفيد بان الامر يتعلق بإشاعة تم خلقها من طرف بعض الفئات التي تريد خلق الخوف داخل أوساط الأسر المغربية، و بالتالي إحساسهم بانعدام الأمن. أمام هذا الوضع، تجندت المديرية العامة للأمن الوطني للتصدي لهذه الظواهر، بالوقوف على تحليل هذه الأشرطة و الصور و الأخبار و عرضها على المختبرات العلمية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، لمعرفة مصدرها، و الوصول لحقيقتها. و لتنوير الرأي العام و تكذيب الأخبار الكاذبة و إحساس المواطن بالأمن، تقوم مديرية الأمن الوطني بنشر بلاغات رسمية وعقد ندوات عبر جميع وسائل الاعلام لإظهار الحقيقة للمواطنين. و في هذا الاطار شددت المديرية العامة للأمن الوطني على اتخاذ جميع التدابير القانونية في حالة تورط أي شخص في نشره لأخبار أو صور أو فيديوهات مفبركة أو كاذبة من شأنها المس بأمن الدولة و أمن المواطنين و ممتلكاتهم. و لهذا، يجب على المشرع الجنائي التدخل لوضع فصول خاصة لهذه الجرائم داخل القانون الجنائي التي أصبحت مصدر قلق السلطات الأمنية و المواطنين على حد السواء، لكونها تجعل المواطن المغربي يحس بانتشار الجريمة و من تم الاحساس بانعدام الأمن. * باحث بماستر الأمن و تدبير المخاطر – جامعة الحسن الأول سطات.