لكي يكون هناك اتفاق بين الوزارة، والأساتذة ضحايا مقرر التعاقد، لابد من الإشارة بناء على مخرجات حوار 10/03/2019 و مقترحات 1 نونبر 2019، والتي يمكن اعتبارها تقدما ملموسا في انفتاح الوزارة على إمكانيات المماثلة، و حسن بادرة جدية للتفاوض، لكن، لا بد ومن باب المسؤولية التربوية، أن أنبه الأساتذة ضحايا التعاقد إلى أمرين: – الأول : إن كل المقترحات خارج إطار حل الإدماج تعتبر غير مجدية لحل الملف في شموليته، بل هو فقط تأجيل ومحاولة امتصاص لاحتقان الأسرة التعليمية، دون إيراد حل جذري. الثاني : أن مطلب الأساتذة ليس المماثلة، بل المساواة، وهذه الأخيرة لا تتحقق إلا بأمرين : 1- إما بالإدماج في النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، إسوة بزملائهم من أطر هيئة التدريس قبل سنة 2016. 2- إصدار مرسوم وزاري معدل للنظام الأساسي لوزارة التربية الوطنية، يتضمن إلغاء التوظيف الوطني، و اعتماد التوظيف الجهوي من قبل الوزارة، على أن يكون تدبيره من طرف الأكاديميات، أما أن يكون تابعا للأكاديميات، فلا يكفي مع محدودية صلاحيات مدير الأكاديمية الجهوية، فيما يخص الترسيم والتعيين و التدبير المالي، أن يكون له موظفو دولة تابعون له، كما أن ضعف صلاحيات الأكاديمية التي لا تتوفر نظاميا إلا على أعوان ومستخدمين، ولا يحق لها خارج هذا النطاق إلا التعاقد المحدد مع خبراء أو أعوان يقضون عملا محددا، لمدة محددة، خلافا لمهمة التدريس التي تعتبر صيرورة تربوية، توجب استمرار العلاقات الأستاذية مع الفضاء التربوي بشكل دائم لتطوير الكفاءة، وليس للتجريب واتخاذ الحقل التعليمي حقل تجارب دون وازع المحافظة على الاستقرار السيكوتربوي للأستاذ كمرب وموجه، يحتاج لعدة نفسية ومادية وتربوية جاهزة، وآمنة، وللتلميذ كقابل للمعرفة متماه مع السلوك التربوي، وما يعتريه من ترددات نفسية إزاء تخبط القرارات التربوية، وتذبذب موقف الوزارة إزاء المناهج والبرامج، والآن إزاء من يقوم بتنزيل هذه المناهج والبرامج بشكل مباشر للتلميذ. إن الأكاديميات وبناء على قانون 00.7 المتمم بموجب مشروع قانون 71.15 طبقا للظهير الشريف 1.00.203 لا تعتبر إلا مؤسسة عمومية ذات نفع عام، تدبر شؤون موظفي الدولة، وتطبق السياسة التربوية والتكوينية، ولا دخل لها في الكينونة الوظيفية لموظف ينتمي لوزارة التربية الوطنية، وذلك بموجب المادة 10 من نفس القانون، كموظف ينتمي لإدارة عمومية، لذلك ولأبين بعض النقاط لا بد من الإشارة أيضا أن محاولة إيجاد صيغة لخلق ما يسمى أطر أكاديمية، أو موظفي أكاديمية، هو مسمى لا يدخل تحت أي إطار، وليس له أي مرجع قانوني وظيفي ينتمي إليه، لا داخل القانون العام للوظيفة العمومية، الظهير الشريف 1958، ولا تعديله 1985، ولا ضمن القانون الخاص بإحداث الأكاديميات الجهوية، فعلى أي مستند قانوني تم الاعتماد على إحداث مناصب وظيفية لموظفي دولة من صنف (جهويين) تابعين للأكاديمية!؟ إن الاستناد الوحيد كان هو التعاقد الذي يضمنه البند 135 من الميثاق، و يؤكده الفصل المتعلق بتنويع سبل التوظيف ومنها التعاقد و ما يخص تدبير الموارد بالرؤية الاستراتيجية، والتي اعتمدت منذ 2015، ليكون أول ما طبقته من مضامينها : التعاقد سنة 2016، عبر المقرر المشترك 7529، بناء على المرسوم 866، والمادة 11 من القانون 00.07 التي تتكون هيئة (موظفيها) من مستخدمين يتبعون للأكاديمية ويتكونون من : – أعوان يتم توظيفهم من لدن الأكاديمية طبقا لنظام أساسي خاص يحدد بمرسوم؛ وهؤلاء هم من تسميهم الوزارة اليوم “أطر أكاديمية”، رغم أنها لم تصدر مرسوما خاصا كما ينص القانون أعلاه. – موظفين وأعوان في وضعية إلحاق. يعني لا وجود لموظفين تحت مسمى “أطر أكاديمية” بل أعوان يتلقون رواتبهم من نفقات التجهيزات طبقا للمادة 9 من نفس القانون. ولعل ما جعل الوزارة تطمئن لهذا المخطط، دون استناد قانوني حقيقي، هو الفجوة القانونية في صلاحيات الأكاديميات الجهوية، فيما يخص ممارسات الصلاحيات المفوضة من طرف الوزارة في تدبير الموارد البشرية من المادة 2، و المادة 11 المرتبط بمستخدمين أعوان، وإلا فليس من صلاحيات الأكاديميات الجهوية مهمة التوظيف والتعيين والترسيم، بل التخطيط والتدبير و التوقع و البناء و تسريع عمل المخططات التربوية والتكوينية الجهوية بما يتناسب والخريطة الوطنية للوزارة الوصية، أما توظيف الأساتذة فهو من صلاحيات الوزارة، والمادة 10 ضمن نفس القانون تؤكد على أن الموظفين العموميين بالمؤسسات العمومية،يخضعون لسلطة الوزارة الوصية على القطاع. وعودة إلى مخرجات الحوار أقول : لا بد من التنبه لأمرين : – قرار المجلس الإداري للأكاديميات الجهوية بتاريخ 13/03/2019، القاضي بإلغاء التعاقد مع الأكاديمات الجهوية، مقابل اعتماد التوظيف الجهوي مع هذه الأخيرة. وهذا القرار له وزنه وحجمه ولا يجب إغفاله، لأن قرار الأكاديميات برئاسة الوزير تم مخالفة مقتضياته مباشرة بعد صدوره، وذلك بعدما أصبح منصب المتعاقدين فارغا، فلا هم متعاقدون مع الأكاديميات، ولا هم موظفو وزارة، ولا قانون أو مرسوم يرسي دعائم قانون أساسي خاص بالوزارة يعتمد التوظيف الجهوي، ما جعل وزارة المالية تحتسبهم في دائرة المناصب المخصصة بالتعاقد، وليس ضمن المناصب المالية لسنة 2020، وهذا التنافي القانوني، جعل الوزارة تحاول سد هذه الفجوة، لكن عبر إصدار مرسوم وزاري يرسي دعامة التوظيف الجهوي من خلال شرعنته على ظهر النقابات ولجان حوار الأساتذة، وجعلته مقترح تنازل، دون أن تصرح أنه تحصيل حاصل، للخروج من الفجوة التي خلقها قرار إلغاء التعاقد ولو شكليا، لتربح على مستوى شرعنة القانون، والفوز على طاولة الحوار، و تقييد النقابات. – الأمر الثاني هو أن إصدار مرسوم وزاري يلغي التعاقد، بات أمرا ملحا، وكان الوزير العام الفائت مستعدا لذلك، في ثورة الإضراب الشامل الذي حدث، لكن ضعف التنسيق، وكون التنسيقية وهيكلتها كانت فتية، قليلة الخبرة، وكان تواجه ما تواجهه لأول مرة، جعل هذه النقطة الأساسية تفلت من بين أيديهم، فصدور مرسوم وزاري يلغي التعاقد، منشور بالجريدة الرسمية، كان سيؤدي لفراغ قانوني يستند عليه توظيف هذه الأفواج، لتعود تلقائيا إلى نمط التوظيف الأصلي الذي هو التوظيف العمومي ضمن أسلاك الوزارة، كون وجودهم ضمن الأكاديمية يلغيه صلاحياتها التي تفتقد للتوظيف بدون موجب قانوني مؤطر، خصوصا و أن إلغاء التعاقد يعني نفي العقدة المحددة أو الدائمة، وهذا ما تنبه له الوزير الصمدي، ونبه له الوزير أمزازي ليتراجع بعد ذلك. ولنعد إلى مايجب أن يكون : 1- إصدار مرسوم وزاري يلغي التوظيف بالتعاقد ينشر بالجريدة الرسمية. 2- إصدار قانون تعديلي للقانون الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، يتم بموجبه اعتماد التوظيف الجهوي، بتدبير من الأكاديميات وليس بتبعية لها. 3- إلغاء مُسمى إطار أكاديمية، واعتماد مسمى موظف وزارة جهوي، وبهذا سيتم العدول تلقائيا عن كل تلك التنازلات المفترضة من إحداث أرقام تأجير، و مناصب مالية، وصندوق تقاعد وووو …ألخ، لأنها ستصبح أمرا جاريا بشكل مباشر. لأن الترسيم الذي هو عمدة مطلب الأساتذة لا يمكن بحال للأكاديمية أن يدخل ضمن صلاحياتها، لأنه مستثنى بقرار الوزير، ولا يدخل ضمن الصلاحيات المفوضة لمدير الأكاديمية. 4- إبقاء إمكانية الانفتاح على تفويض مناصب للأكاديميات مفتوحا مستقبلا، في الوقت الذي تصبح فيه الأكاديميات الجهوية مؤسسة جهوية خاضعة لمجلس جهة مستقل له صلاحيات مالية واسعة، وهذا رهين بإعادة النظر في الميثاق الوطني لمجالس الجهات، وما يتعلق بالتدبير والصلاحيات والنفوذ على مستوى الجهة، وبناء مجلس جهوي له صلاحيات واسعة تمكنه من إرساء خزينة جهوية مستقلة. 5- فتح حركة وطنية بين الجهات، وليس فقط إمكانية التبادل الآلي، والذي يجب أن يكون حقا لكل الأسرة التعليمية، على طول السنة، بينما الحركة الوطنية بين الجهات تكون مرة واحدة سنويا، بشروط عملية، حسب المناصب الشاغرة، أو المهيأة لذلك، طبقا للقوانين التنظيمية الجاري بها العمل ( ينظر المقال السابق الخاص بالحركة والوطنية بين الجهات آليات التدبير ) 6- إعادة النظر وتعديل قرار 19-02-2019 الخاص بسنتي التكوين بالمراكز الجهوية، المتوج بالكفاءة التربوية، ليتناسب و ما كان سابقا، مع تأهيل التكوين داخل المراكز ليستجيب للتأطير التربوي، عبر زيادة مدة التكوين من سبعة أشهر إلى سنة تكوينية كاملة، مع إعطاء الأولوية للتدريب الميداني، و إعادة النظر في بعض المجزوءات المقررة، وإجراء امتحانات الكفاءة المهنية بناء على أحقية الترسيم بالوظيفة العمومية. 7- إصدار التقرير الخاص بالتحقيق المفترض حول قضية الشهيد حجيلي و إبقاء الملف مفتوحا للحل والحوار تجاه القضايا الأخرى ( المرسبين- الاقتطاع- المعزولين …).