لوح الأمين العام لجبهة البوليساريو في شريط فيديو خصصه للحديث عن الاستعداد والتطوع لاستئناف العنف لأنها حتمية وضرورية، وهو ما أطلق عليه سماه “عاد لابدالها من الدبزة، لابد من الدبزة هي اللي لاهي اتفيتقد ليد". ويأتي هذا الخطاب كنتيجة لتيقنه واستنتاجه بكون الواقع والحاضر، من منظور قناعة الدول الغربية والدول والعظمى، منها تلك المالكة لحق النقض والفيتو، أو الدول من أصدقاء الصحراء بعدم واقعية خلق كيان جديد في المنطقة ورفض ذلك ، وهو الاستنتاج الذي صرح به الرئيس السابق لموريتانيا محمد عزير في حوار له مع الصحفي عبد العاري عطوان. وهذه القناعة الراسخة انعكست على محددات مجلس الأمن للحل في نزاع الصحراء، واعتمادمجلس الأمن، وباقي أجهزة الأممالمتحدة بما فيه لجنة الشؤون السياسية المتطرفة لضوابط تلم بذلك؛ منها التوافق السياسي المبني على معياري الواقعية والعملية في الحل والهدف، وضرور تحلي الأطراف بذلك. وزاد مثلما ضاعف من ضغط جبهة البوليساريو وقيادتها تجاوز الاتحاد الأوروبي لاجتهاد قضائها وتحديده للاتفاقيات مع المغرب تشمل مل النطاق الحغرافي للمغربي دون تمييز ولا استثناء لمنطقة النزاع. ويؤرق البوليساريو الواقع الحالي في الجزائر كدولة الحاضنة والممولة والمعسكرة والمؤازرة من حراك اجتماعي المستمر منذ اشهر، نتج عنه فقدان البوليساريو لبوتفليقة الضامن، مادام الوضع ينفتح على كل الاحتمالات المجهولة. ففي الوقت الذي فوجئت الجزائر والبوليسارير بانقلاب في موقف الاتحاد الأفريقي منذ رجوع المغرب اليه سنة 2017، وتجسيد ذلك في منتصف السنة الماضية 2018 بمناسبة انعقاد القمة 29 للاتحاد الأفريقي بنواكشوط. في اعتماد الاتحاد الأفريقي لسياسة شبه رفع اليد. وتأييدالاتحاد الأفريقي لاشراف واحتكار مجلس الأمن للتدبير التفاوضي والسياسي من أجل الحل السياسي، وتراجعه عن سابق قراره المؤيد للعودة الى خطة التسوية بمطالباته المتكررة لمجلس الأمن بتحدد موعد ثابت للاستفتاء.واكتفاء الاتحاد الأفريقي بتقديم وتوفير المساعدة السياسية فقط ، وفي اطار آلية التروكا الافريقية ، ونزع الملف من بين ايدي موظفي الاتحاد الأفريقي. وهو نفس الضغط الذي نجحت الديبلوماسية المغربية في نقله وتفاقمه لدى خصومه، بسحب جل الدول لسابق اعترافها بالبوليساريو كدولة، وخاصة في افريقيا وامريكا الجنوبية، و وضوح علامات واسس الحل ، وأفق المستقبل كلها في صالح المغرب. كل ذلك يجعل خروج قائد البوليسايو بخطاب الاستعداد للعودة للحرب والتطوع من أجل ذلك أمر مكره عليه أسباب داخلية أخرى. قد يكون تهديد قائد جبهة البوليساريو بالعودة للحرب مع المغرب، وخرق وقف اطلاق النار يعتبر مناورة انتخابية لدغدغة مشاعر الشباب المحبط، لتعزيز مركزه الانتخابي، تبعا لقرب موعد المؤتمر، و بالنظر الى فشله في تحقيق أي من وعوده، واحساس ساكنة المخيمات بخيلة الأمل. وقد نتجت الهيبة بوضوح التقهقر السياسي الدولي؛ سواء في اطار جديد ماتحمله قرارات مجلس اللمن من تقدم للمركز المغربي( الانسحاب من الكركارات، ووصف المنطقة غرب الحزام الدفاعي بالعازلة منع اقامة منشآت فيها والاشارة بالاسم الى المحبس التيفاريتي وبئر لحلو، وتعهده في لائحة أممية بذلك. كما أن تحديد مجلس لاوصاف الحل الواقعي والعملي والسياسي، والاشارة الى مبادرة المغرب بالحكم الذاتي، واقصاء مبادرة البوليساريو برفض الاستفتاءالذي يقصي الاستقلال خلق صدمة للبوليساريو والجزائر ايضا وحطم الأوهام التي قامت عليه سياستها لاجبار ساكنة تندوف لتحمل الظروف والمعناة. وهو ما أسفر في النهاية عن ظهور آراء خارج نسق وحدة الحبهة ووحدة الايديولوجية، وخرجت مبادرات جديدة ومن انشقاق جسم الجبهة نفسها( المبادرة الصحراوية للتغيير، شباب التغيير)، ترفض وتنتقذ طريقة تدبير القيادة للصراع مع المغرب وطريقة التعامل مع الاشراف الأممي وتعبير جزء على العودة. فلجأت قيادة الحبهة الى اعتقال الرأي المخالف في الاعلام والمدونين وفي المبادرات، فتفاقمت الاحتجاجات يوميا، واضحى ذلك ضغطا لا يطاق لا يمكن التخفيف الا اطلاق تصريح على غرار العودة الى الحرب لعلها تسترجع المبادرة وتعيد الالتفاف والوحدة حول فكرة الاستقلال والانصاف . وقد تظافرت هذه التحولات الخارجية و المتغيرات الداخلية، اضافة الى احتمال اتخاذ هذا التهديد أو محاولة تنفيذه وسيلة لتصريف نظر الحراك الشعبي في الجزائر عن طريق اثارة هذه الحرب مع المغرب؟، وقد يكون التهديد في النهاية مجرد وسيلة للفث الانتباه الدولي وفق ما دأبت البوليساريو على اطلاقه في كل مرة ومناسبة. شخصيا لا اعتقد بجدية التلويح، رغم استعمال قائد البوليساريو لكلمة ضرورة الحرب، وقد سبق لي التعبير أنها في المرتبة الأولى، وأشار اليها بان كي مون وكريستوفر في تعبيره عن خوفه من الحرب الشاملة، وهو وعلى حسب ما كشف عنها سياسي موريتاني أن المبعوث السخصي المستقيل كوهلر الحرب حقيقة داهمة. فالتعبير بالاستعداد للحرب هو تحصيل حاصل، لأن الجميع مستعد لها، والمغرب أكثر استعدادا وجاهزية لانهاء النزاع وحسمه، وهو يؤمن بقدرته على ذلك ولا يعيقه في ذلك سوى تواجد المينورسو. كما أن تنفيذ البوليساريو للتهديد هو بمثابة انتحار ونهاية أكيدة لها. ومع ذلك فان الايمان بأنها ضرورية، وربط التصريح بالوضع والواقع الحاليين، ووضوح شدة الصغط على البوليساريو، وتخبط النظام الجزائري بحثا عن وسيلة للسيطرة على الحراك الشعبي يستوجب اخذ التهديد والتصريح بجدية تفاديا للمفاجئة. فمن آمن او استنتج أنه يفقد السيطرة قادر تحت وقع هول الصدمة وبالتهور أن يلعب كل شيء، والحرب قبل كل هذا وذاك مزاج بشري محض. وأعتقد أن الكركارات هي ملاذهم من أجل الاستفزاز.