بداية لا بد أن نوضح للقارئ العزيز أن عنوان المقالة، جزء من آية كريمة في سورة الأنعام، وهي عطف على جملة سبقتها، وهي قوله تعالى” إنما يستجيب الذين يسمعون” وبعدها تأتي جملة، والموتى يبعثهم الله، ومعناها حسب تأويل المفسرين، أن المعرضون عن القول الحق الذي جاء به الرسول الكريم، هم مثل الموتى لا ترجى منهم الإستجابة، ولا يرجى منهم الرجوع إلى الحق، إلى أن يبعثوا، ولفظ الموتى إستعارة لمن لا ينتفعون بعقولهم ومواهبهم في أهم الأشياء(قول المفسرين). وإذا جاز لي فقد إستعملت هذا الجزء من هذه الآية الكريمة، من باب الإستعارة أيضا، للتعبير بها عن حالة المسؤولين في المغرب بمختلف رتبهم وتصنيفاتهم، من منتخبين وموظفين سامين، الذين ينطبق عليهم حكم الموتى، الذين لا يرجى منهم الإستجابة ولا الإستماع لهموم المواطنين ومشاكلهم، وكثيرة هي الأحداث والوقائع التي تدل على أن المسؤولين في المغرب حقا، في عداد الموتى والمقبورين. تدب الحياة في أجساد المسؤولين، حينما يتعلق الأمر بالتعويضات الدسمة والمرتبات السمينة، وتنتعش الحركة في أوصالهم حين ذلك، وما إن تعلق الأمر بشؤون العامة من المواطنين وهمومهم، حتى تبلى أجسادهم وتفارقها روح الإنسانية ويصيبهم موت الضمير، فيكونون في عداد الموتى لا يستجيبون، ولا يرجى منهم ذلك. وحتى نضع القارئ في سياق الأحداث، كان لزاما علينا ان نذكره بفاجعة إيجوكاك، التي هزت مشاعر المغاربة هزا، شعبا لا مسؤولين، حيث وفي مشهد مرعب وكارثي، حدث أن لقي أكثر من 20 مواطن مغربي حتفهم، بعد أن سقط على رؤوسهم، جزء من جبل وهم داخل سيارة للنقل المزدوج، كانت تقلهم نحو بلدتهم في تالوين جنوب المغرب، على الطريق الرابط بين مدينة مراكش ومدينة تارودانت. تألم المغاربة شعبا، لا مسؤولين لهول الفاجعة، وأبدو تعاطفهم وتضامنهم مع الضحايا وأسرهم، وشاركوهم أحزانهم، شاركوا الأمهات الثكالى، وأرامل وأيتام الفاجعة بكائهم ونحيبهم، كان وقع الفاجعة وهولها يستدعي ذلك، حج من إستطاع منهم إلى بلدة الضحايا، وشارك في مراسيم وداع الشهداء، وتشييعهم إلى مثواهم الأخير. وكما هي عادة المسؤولين، وبالرغم من هول الفاجعة، تعاملوا مع الأمر بصمت مريب وتجاهل فاضح، لم يكلف أي مسؤول من المسؤولين الكبار نفسه عناء التنقل إلى مكان وقوع الفاجعة، ولا حتى تقديم واجب العزاء لأهالي الشهداء، حتى عملية الإنقاد، بعد وقوع الفاجعة، شابتها شوائب كثيرة، ولم تكن في مستوى وحجم الكارثة، وسائل ومعدات بدائية وغير كافية، بل لم تنطلق عملية الإنقاد إلا بعد مرور ساعات كثيرة على وقوع الحادث، إستغرقت عملية الوصول إلى جثت الضحايا أكثر من 24 ساعة، وتساءل الكثيرين حول ما إذا كان الأمر يتعلق بأجانب وقعت لهم تلك الحادثة، هل سيتجاهل المسؤولين جتثهم، ويسترخصوا دمائهم، بهذا الشكل؟ هل كانوا سيجندون جرافة ووسائل ومعدات كهذه التي جندوها لفاجعة ايجوكاك، الجواب بطبيعة الحال سيكون لا، بل يعتقد معظم المواطنين وأنا منهم، أن الدولة ستستنفر كل أجهزتها، وسيكون مكان الحادث، مزارا ومحجا لوفود من كبار الوزراء والمسؤولين، سيوجه الإعلام الخاص منه، والرسمي لنقل الأحداث بأدق التفاصيل، سيجند المسؤولين من المعدات والوسائل ما يناسب حجم الكارثة، او يزيد عنها، وقد حدث بالفعل ذلك، ولنا في واقعة شمهروش أبلغ دليل على ذلك، وحوادث أخرى تقل كارثية، عن ما وقع لمواطنين مغاربة، في طريق إيجوكاك. ليست المرة الأولى، ولم تكن الفاجعة الأولى، التي يتغاضى عنها المسؤولين، ويتجاهلونها، وغالب الظن أنها لن تكن الأخيرة، ما دام ضحاياها مواطنون مغاربة، خاصة مغاربة الهامش، او مغاربة المغرب الغير النافع، فقد سبق لمسؤولينا أن فاضت روح الإنسانية منهم، وماتت ضمائرهم، في عز فواجع أصابت كثير من المواطنين، في الوقت الذي كان من الواجب عليهم، الوقوف بجانبهم ومواساتهم في مصابهم.