سبق لنا أن بيَّنا في مقالنا الموسوم ب” عوضا عن تسييس الأمازيغية يجب تمزيغ الساسة”، الذي تفضلت هسبريس بنشره ، إلى آفات تسييس الأمازيغية و ما سيترتب عنها من إخراج التدافع السياسي من دائرة الصراع التدبيري للشأن العام إلى دائرة الصراع الهوياتي الذي من شأنه تحريف مسار الأمازيغية ، و التضييق عليها ، و من ثمة إقبارها بعد الزج بها في صدامات و حسابات سياسوية ضيقة هي فيغنى عنها الآن ، و من شأنها تضييق الهوية المغربية الموسعة، و جعل الوحدة المغربية مِزَقًا. كما سبق لنا أن ميزنا في مقالنا المعنون ب” لغات التدريس بمغرب اليوم: أزمة فهم”1 بين اللغات الصناعية و اللغات الطبيعية ، و كيف تغدو اللغات الطبيعية مجرد وسيط ثانوي تقريبي في درس العلوم القائمة على لغة صناعية، تشكل بلاغتها الرمزية، و خصائصها التجريدية، و أوصافها الإجرائية جوهر العملية التعليمية و التمكن منها شرط النبوغ العلمي. أما اليوم، فقد أصابنا الذهول عندما ألفينا الفاعل السياسي الحزبي و المناضل الأمازيغي الحركي ، في انخراطه في النقاش الدائر حول لغات تدريس العلوم بالمغرب، يتبرأ من الأمازيغية، ويقصيها من حقها في أن تكون وسيطا تنقل من خلاله العلوم المستحدثة ، في تحرر سافر من كل الشعارات التي رفعها سابقا و طالب من خلالها بالتمكين للأمازيغية لتصير لغة العلم و الإدارة، و تقتحم كل المجالات. و لا يخفى على اللبيب ، أن هذا الإقصاء الممنهج للأمازيغية في نقاش لغات تدريس العلوم، من قبل أنصار الأمازيغية، قبل خصومها، خير دليل على أن الأمازيغية، باتت مجرد ورقة سياسوية يلجأ إليها الفاعل السياسي، لكسب أصوات الناخبين الناطقين بها، و اعتراف ضمني، و تنكر من قبل لفيف من مناضليها المنتصرين للفرنسية بقصورها و عدم قدرتها على تمثل علوم العصر، مما ينسف كل دعاوى التمزيغ في مؤسساتنا التعليمية، المرفوعة سابقا، و من ثمة التسريع بإقبار مشاريع تنميتها و سبل ذيوعها. و أمام هذه الرِّدة اللغوية و التنكر للأمازيغية ، وسقوط أقنعة الكثيرين من أدعياء النضال الثقافي الأمازيغي، لا يسعنا إلا أن نردد عبارة مقالنا السابق التي مفادها: “بدل تسييس الأمازيغية يجب تمزيغ الساسة المفرنسين”. *باحث في اللغويات و تحليل الخطاب[email protected] -1-نشر بركن كتاب و آراء بهسبريس، يوم22 فبراير2019-