بمجرد إعلان تونس عن المصادقة على مشروع قانون التساوي في الإرث، خرج علينا بعض من يعتبروا أنفسهم نشطاء حقوقيون مغاربة،بإعتبار مصادقة حكومة السبسي على هذا المشروع قانون تاريخي وشجاع، مطالبين القوى السياسية المغربية بنهج طريق التوانسة، متناسين أن بلد المغرب غير تونس، وبأن السبسي ليس بشيخ شيوخ الإسلام لتتبع قوانينه ونواميسه . وقد أردت الرد على شاكلة هؤلاء العلمانيين الذين يلبسون قبعة الحقوقي والمناضل لضرب ثوابت الأمة الإسلامية، وبذلك أريد تذكيرهم إن تناسوا، أن المغرب تاريخيا ودستوريا بلد إسلامي المنهج، وهو لا يخضع لأجندات وأهواء رؤسائه، فبلدنا له ملك نعتبره أميرا للمؤمنين، وهذا اللقب هو حماية دينية حامله لا ولن يسمح بالتلاعب بثوابت رعيته الدينية لأنه يعلم أن المسؤولية جسيمة. قضية الإرث هي من بينَِ الثوابتِ الشَّرعيةِ المُحْكَمةِ التي يُحاوِلُ البعضُ التحقيرَ مِن شأنِها والاستخفافَ بأحكامِها، بينما يَجتهِدُ آخَرونَ في التقليلِ من قيمتِها، بإخراجِها من إطارِ القطعيَّاتِ المُحكَماتِ إلى فضاءِ الظنِّيَّاتِ. فكفاكم تضليلا بغير علم بالثوابت القطعية ، فالإسلام الذي تتهمونه بأنه ظلم المرأة في الإرث، متجاهلين بنية أو ربما بسوء نية، أن الإسلام هو الذي جعل المرأة تأخُذُ في بعضِ الأحيان أكبرَ مِن نصيبِ الرجلِ، بل أحيانًا ترث ولا يرث الرجل، معتقدين أنه يحق لهم الإجتهاد في الدين،جاهلين أن ما يَقبَلُ الاجتهادَ الصَّادرَ مِن أهلِ الاختصاصِ الدَّقيقِ في علومِ الشريعةِ، ومنها ما لا يَقبَل ذلك، فالنصوصُ إذا كانَتْ قطعيَّةَ الثبوتِ والدَّلالةِ معًا فإنها لا تحتملُ الاجتهادَ ولا تقبل التغير بتغير الزمان والمكان والأحوال، وذلكَ مثلُ آياتِ المواريثِ الواردةِ في القرآنِ الكريمِ. فلا تحاولوا العبث بأحكام الله الثابتة قطعية الدلالة، التي لا اجتهاد فيها عكس النصوص الظنيَّة الدلالة، والتي تقبل الاجتهاد لكن من أهل الاختصاص لا من علمانيين لا يفقهون في الدين شيئا. فقد قال تعالى : ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾. فلا مجال للإجتهاد في آيات المواريث،فهي أمر قاطع ومفصل من رب العزة،وكل محاولة في هذا الباب تخريب وهدم لدين الإسلام. …ولا يحق لأحد العبث بدين المليار ونصف المليار مسلم. .. فلا تعبثوا بديننا ولا تحاولوا المس بمقدساتنا، واعتبروا يا أولي الألباب إن كانت لكم فعلا ألباب.