في وطننا العربي وموطننا المغرب نحن بحاجة إلى جدار قوي متراص ومتماسك يشد بعضه بعضا ويدفع عن المواطن الالم ،ويبعث فيه الامل ..هذا الجدار هو الاحزاب السياسية فماحاجتنا لها … نحتاج أحزابا اذا صوت الناس عنها تلقفوا اصواتهم بأمانة ،فعملوا بما واعدوا المواطنين وأصروا على ذلك اصرارا ،ودافعوا عن أصواتهم حتى لايسرقها الانتهازيون وأصحاب -الهموز- الذين لا يتركون وادا الا وسبحوا فيه، ولا صحنا الا وأكلوا منه . نحتاج الى من يقابل الناس بوجه ويبقى على ذلك وفيا صادقا معهم مهما وقع . يحافظ على الطريق الذي رسمه عندما خرج الى الناس داعيا ومبشرا بمجموعة من البرامج والخطط البديلة للاصلاح . نحتاج إلى أحزاب تؤمن بالديمقراطية وتطبقها داخل هياكلها وبين اعضائها . نحتاج في عالمنا العربي عامة والمغرب خاصة الى أحزاب تملك إرادتها لا تابعة الى نظام أو متحكم فيها .لاتعكس إرادة المواطنين الذين تمثلهم . نحتاج إلى قيادات تستشعر الأمانة تعمل باخلاص وندفع بعجلة التنمية الى الامام، وليس التي تترقب المناصب وتتزلف الى السلطان لينعم عليها بمركز من المراكز او بامتيازات مالية . نحتاج إلى أحزاب قوية تحترم إرادة المواطنين المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع، لا أحزاب انقلابية تؤمن بالديمقراطية عندما تأتي بهم ،ويكفرون بها عندما تأتي بغيرهم ممن يخالفونهم في التوجه والايديولوجية. نحتاج الى أحزاب تؤمن بدور الشباب في التنمية، وتسعى إلى أن تمكن هذه الفئة من التواجد بمركز القرار وعلى مستوى القيادة لتهييئهم للمسؤوليات الكبيرة ،لا أن تبقى هذه الفئة مجرد ديكور نزين به منصاتنا أو حبرا مكتوبا على ورق . نحتاج الى أحزاب تحب الوطن ،وتكرم مواطنيه، وتكون صوتهم الناطق بآلامهم وآمالهم، لا أحزاب خرساء عن الحق خائضة في الباطل والغة فيه . نحتاج الى أحزاب لها برامج بديلة ، لها كفاءات وخبرات تساعد بها وطنها ومواطنيها . نحتاج الى أحزاب تعرف الأغلبية ،تعرف المعارضة ،وتثقن الاعراف الديمقراطية وتحترمها . نحتاج الى أحزاب تحترم الدستور والقوانين المنظمة وتقف عند حدودها . نحتاج أحزابا تخاف الله في مواطنيها وتستحضر رقابته وتستشعر الاجر والثواب وتعمل الصواب. نحتاج الى أحزاب تسعى إلى الاجتماع على فكرة تكبر وتنمو وتنمى ،لا أحزابا تجتمع على مزايا ومناصب تذهب وتبلى . نحتاج أحزابا تنصح ولي الامر تبين أخطاءه وتنبهه اليها وتعينه على تجاوزها . نحتاج أحزابا اذا جاءت الانتخابات تنافس ببرامجها الواقعية وتقدم للمواطنين مرشحين أكفاء . نحتاج الى وطن توطن فيه اقدام الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ويسوس فيه الناس أمورهم بارادتهم الحرة . نحتاج إلى أحزاب واعية ،متبصرة ،مبدعة للحلول، مشعلة للامل حينما تسد الابواب وتحلك الظروف . اننا في وطننا نحتاج أحزابا لها مشروع فكري وحضاري واقتصادي يبصر المشاكل ويبحث لها عن حلول ، ويقف عندها ويجليها للمواطن ليصالحه مع ساس ويسوس. في حين هذه الأحزاب رميم في رميم حطام في حطام . اننا في وطن حصل ما حصل وقعت مجازر ديمقراطية رهيبة ،وسيقت الحرية الى حتفها ، فدخل الاحرار الى السجون ، وتلينا الفاتحة ترحما على ماتبقى من بصيص الامل في وطن جدير بنا . لاشك أن من يرى ويتتبع واقع الحال يدرك أن البلدان العربية والمغرب على وجه التحديد قد انتحرت فيه الديمقراطية وسلك السياسيون مسلكا أعجبوا فيه بزرعهم وماعملته أيديهم من فساد وإفساد ،حتى صار الوطن ضيعة لهم ، حقلا يزرعون فيه ماشاءوا ويدخلون فيه السجون من شاءوا . أي دور للاحزاب السياسية والسياسيين ؟أي دور للسياسة في وطن يتوجع يوميا ولايولد الا النفور والحقد والكراهية . أي دور للسياسة والسياسيين إذا كان اغلب أبناء الوطن صغارا وكبارا اصبحوا يبحثون عن مساحة ضوء وأمل بالتوجه الى أوروبا . أي دور للسياسة والسياسيين إذا كانت السياسات والبرامج بعيدة عن نبض الشارع والقوانين تمرر ضدا على ارادته . عزيزي القارئ قد تفهم أنني أرى الامور والواقع بسوداوية . لكن ليس هناك توصيف آخر أصف به واقعنا السياسي . اننا بلغنا مبلغا لانستطيع معه أن نبصر النور داخل كل هذه التفاصيل المحيطة بنا وهذا الوجع الذي لا يفارقنا، ولا يفارق تفكيرنا كلما قلبنا النظر في واقعنا .