تنضاف إحتجاجات التلاميذ الأخيرة حول الساعة الإضافية الجديدة التي قررت الحكومة المغربية ترسيمها إلى سيل من الإحتجاجات التي أصبحت تعرفها المملكة المغربية، والتي لا تقتصر على قطاع التربية والتعليم،بل تمتد إلى مختلف القطاعات،وهذا يجعلنا نطرح مجموعة من التساؤلات حول هذه الوضعية الحالية، وهل أصبح الإحتجاج تحصيل حاصل وأمرا واقعا، بعد سلسلة من التجاوزات والضغوطات التي مافتئت تمارسها هذه الحكومة على عموم الشعب المغربي وعلى الطبقة الضعيفة والمتوسطة على الخصوص. واقع الحال يقول أن الشعب المغربي بمختلف أطيافه لم يعد يتحمل المزيد من الضغوطات،فجل المغاربة أنهكتهم المشاكل اليومية والسرعة التي يتميز بها عصرنا الحالي،وبالتالي أي ضغوطات إضافية لن تزيد الطين إلا بلة كما يقال. الإحتجاجات لم تعد مقتصرة على طبقة أو فئة عمرية معينة،بل امتدت لتشمل جل الفئات على إختلاف تكوينهم الأكاديمي ومستواهم الثقافي وجنسهم وكذا عمرهم، فإحتجاجات التلاميذ الأخيرة والتي هي تمظهر للزوبعة التي خلقها هذا القرار ونتج عنه نوع من عدم الإستقرار لدى المغاربة، هذا القرار أو غيره كان له أن يكون النقطة التي أفاضت الكأس،وساهم في تعرية الواقع المعيش لعموم الشعب المغربي،حيث أن نسبة كبيرة من المغاربة إن لم نقل كلهم أصبحوا غير راضون على الوضعية الراهنة التي يعرفها بلدنا حيث ان مثل هذه الأوضاع لا تشجع على على البذل والعطاء. شباب هذا البلد والذين يعتبرون بمثابة ثروة ورأسمال غير مادي لم يسلموا هم أيضا من هذه الأوضاع، حيث أن نسبة كبيرة منهم أصبح همهم الوحيد هو محاولة الهجرة، للهروب من شبح البطالة وندرة فرص الشغل في وطنهم الأصلي، حيث أنه بالرغم من الخطابات الأخيرة لجلالة الملك حول أهمية هذه الفئة في تقدم أي مجتمع وتطوره وضرورة تخصيص رعاية خاصة لهم،إلا أننا نلاحظ وبالملموس ان الخطاب شيء وتطبيقه على أرض الواقع شيء آخر،حيث أن الحكومة لم تقم بأي جهد يذكر لتطبيق ما جاء في الخطابات الملكية، بل وأصرت على سياستها التي هي في الأصل ليست وليدة اليوم بل هي إستمرار لما نهجته الحكومات السابقة،فنجد أنه عوض إمتصاص حقينة الشعب ومحاولة تهدئة الأوضاع بالعكس فهي تفعل كمن يصب الزيت على النار، فبهذا التسيير العشوائي الذي لا يراعي مصلحة المواطن ويضعه فوق كل الإعتبارات، وبعيدا عن الحسابات الضيقة التي طفت على السطح بين مكونات الأغلبية الحكومية والتي تساهم في إستمرار هذا الوضع بل تساهم في تأجيجه أكثر وأكثر. إحتجاج التلاميذ ينضاف إلى إحتجاجات أخرى في نفس القطاع كإحتجاجات الأساتذة المتعاقدين أو موظفوا الأكاديميات وفقا للتسمية الجديدة،وكذا إحتجاجات الأساتذة حاملي الشواهد العليا الذين لا يطالبون بشيء سوى إنصافهم اسوة بالأفواج السابقة وذلك من خلال الترقية التي تعتبر بمثابة تحفيز لهم على المزيد من البدل والعطاء داخل منظومة مليئة بالصعوبات، فكيف لحامل شهادة لا ينصف وهو الذي ضحى بالغالي والنفيس في سبيل العلم والمعرفة وكلل مجهوداته بتحصيله لشهادة علمية وفرت على الوزارة الكثير، حيث أن تحصيله لهذه الشهادة هو تتويج لمجهودات جبارة وتكوين ذاتي في غياب التكوينات المستمرة التي من الواجب على الوزارة الوصية توفيرها بهدف الرقي بالمنظومة وتوفير ظروف ملائمة قصد تجويد التعلمات المقدمة للمتمدرس المغربي. الإحتجاجات امتدت لتشمل قطاعا حيويا آخرا ألا وهو قطاع الصحة، والذي بدوره أصبح العمل داخله صعبا، في ضل الصعوبات الجمة التي تحيط به،حيث أن موظفي هذا القطاع يعانون الويلات بسبب التدبير العشوائي للوزارة الوصية. هذه الإحتجاجات وغيرها لا يمكن أن تتوقف إلا عن طريق مجموعة من الإجراءات التي على الحكومة أن تتخدها لخدمة هذا الشعب عوض استنزافه والضغط عليه،لأن الإحتجاج لم يعد حالة شادة مقتصرة على فئة معينة دون الأخرى، بل أصبح ثقافة شعب.