الساعة الإضافية التي قامت المملكة المغربية بترسيمها خلقت زوبعة لدى جل المغاربة إن لم نقل لدى كلهم،حيث في الآونة الأخيرة نلاحظ إرتباك في مختلف الميادين سببه هذه الساعة التي كان ينتظر عموم الشعب أن يتم حدفها والرجوع إلى الساعة الرسمية “غرينتش” كما جرت العادة في السنوات الأخيرة،إلا أن الحكومة المغربية بقيادة الطبيب النفسي سعد الدين العثماني كان لها رأي آخر أو بالأحرى أٌجبرت على إتخاد هذا القرار. فبعد عقد الحكومة مجلسا حكوميا إستثنائيا لترسيم الساعة الجديدة أي “غرينتش+1″، وبالنظر إلى السرعة التي اتسم بها هذا القرار والذي صودق عليه ونشر في الجريدة الرسمية في ظرف لا يتعدى الأربع والعشرون ساعة، هذا يجعلنا نطرح سؤالا ألم يكن من المستحسن أن تعقد مثل هذه المجالس الحكومية لمناقشة وإتخاد قرارات بنفس السرعة التي تميز بها ترسيم الساعة الإضافية ؟ والتي كانت سوف تقلص من الإحتقان الإجتماعي الذي يكنه عموم الشعب المغربي اتجاه هذه الحكومة التي ما فتئت تتخد قرارات أحادية ستساهم في إتساع الهوة بينها وبين الشعب الذي جاءت لتخدمه وتعالج مشاكله. موضوع الساعة الإضافية خلق جدلا كبيرا لدى المغاربة وإمتعاضا كبيرا لديهم، حول هذا القرار الذي سوف يؤثر لا محالة على السير العادي لمجموعة من القطاعات وهو الذي بدأ يتجلى من خلال إحتجاجات التلاميذ في مجموعة من المدن مثل وجدة ، فاس وغيرها من المدن المغربية، هذه الإحتجاجات سببها هو التوقيت المدرسي الجديد الذي تقرر إعتماده في المجالين الحضري والقروي،والذي لم يستصغه التلاميذ ولا أوليائهم وهذا ما دفعهم للإحتجاج لمراجعته من طرف الوزارة الوصية. هذا الجدل الذي خلقته هذه الساعة الإضافية يجعلنا نطرح مجموعة من التساؤلات حول قيمة الزمن لدى المغاربة وهل لعامل الزمن نفس القيمة عند جميعهم؟ وهل لعامل الزمن قيمة من أساسه عند الإنسان المغربي؟ وهل هناك زمن واحد أم أزمنة متعددة؟ وحين نتحدث عن الإنسان المغربي هل نقصد به نفس الشخص أم هنالك عدة أنواع من الإنسان المغربي، كلها تساؤلات تتبادر للذهن وجب البحث لها عن أجوبة شافية. سوف نقوم بعملية التعميم وسوف نتحدث عن “الإنسان المغربي” وطريقة تعامله مع “الزمن”، فالحكومة المغربية راهنت في إسراعها بإخراج مرسوم قانون إضافة ساعة للتوقيت المغربي على عامل الزمن، هذه المرة نتحدث عن الزمن السياسي الذي يلعب دورا كبيرا في تكريس السياسات العمومية وتحويلها إلى أمر واقع لا محيد عنه، حيث أن مدبرو الشأن العام أصبحوا يلعبون على وثر أن الإنسان المغربي أصبح مثقلا بمجموعة من الهموم والمتاعب اليومية وأصبحت ذاكرته تشبه مجازيا ذاكرة السمك والتي لا تتعدى الثلاث ثوان، حيث أنه ومع مرور الوقت يمر المواطن المغربي من التناسي إلى النسيان وهي عملية تتطلب غض الطرف وطي الصفحة و”تبديل الساعة بأخرى” كما يقال. أفة الإنسان المغربي تتعدى التناسي والنسيان فتصل إلى حد التأقلم والتكيف السريع مع الأمر الواقع، وهذا ما يستغله صاحب القرار السياسي الذي أصبح متيقنا أشد اليقين أن قرارته مهما بلغت أشدها وكان الإحتجاج عليها كبيرا،سرعان ما سوف تنسى وتصبح بمثابة أمر واقع لا محيد عنه، ولعل الأمثلة كثيرة حيث نجد أن الحكومة المغربية راهنت على عامل الذاكرة القصيرة في تمرير العديد من الأمور التي كانت إلى وقت قريب بمثابة أمور لا تقبل المساس وهي إصلاح التقاعد والرفع من سنه، وكذا مجانية التعليم وأيضا التشغيل بالعقدة أو التعاقد في ميادين حيوية كالتعليم والتي كان مجرد الحديث بمثابة جريمة متكاملة الأركان. السؤال الجوهري هو لماذا ذاكرة المواطن المغربي تتميز بكونها قصيرة؟ وهل فعلا هي قصيرة أم أن الأمور الدنيوية هي التي جعلتها كذلك؟ الجواب أن شخصية الإنسان المغربي والعربي في عمومها تتميز بكونها شخصية غير صدامية، لذلك فالتناسي والنسيان هو الحل الوحيد لتفادي التصادم، والذي إن حدث سوف تصل الأمور لما لا يحمد عقباه.