هناك شيئان يدافع عنهما معظم المنتسبين إلى منظمات الحركة الأمازيغية بالمغرب بإصرار عجيب رغم أن الحقائق تخالفهم وتناقضهم وتنقض أطروحتهم: – الشيء الأول: يزعم نشطاء الحركة الأمازيغية (الآن) أن ثيفيناغ أصلح للأمازيغية.الحقيقة هي أن الحرف اللاتيني هو الأصلح للأمازيغية في الظروف الحالية. ونشطاء الأمازيغية كانوا في أغلبيتهم العظمى يساندون تدريس الأمازيغية بالحرف اللاتيني إلى غاية صدمة 31 يناير 2003 يوم حدث التصويت الإيركامي الفضائحي المعلوم الذي تم فيه حرمان الأمازيغية من الحرف اللاتيني لأسباب سياسيةتحت وطأة تهديدات وابتزازات الإسلاميين واليساريين التعريبيين. فسكت نشطاء الحركة الأمازيغية بعد 31 يناير 2003 وتقبلوا الأمر الواقع الذي فرضه الإيركاموفوقه المخزن، ثم بدأوا يرددون كاسيطة جديدة وهي: “إن تيفيناغ مكسب ثمين للأمازيغية”! (وكأن ثيفيناغ اخترع في يناير 2003 ولم يكون موجودا منذ 2500 عام خلت!). – الشيء الثاني: يزعم نشطاء الحركة الأمازيغية أن اللغة الأمازيغية تحتاج إلى “القانون التنظيمي” (وهيفكرة اخترعها المخزن) لتطبيق الترسيم الدستوري الموجود في الفصل 5. أما الحقيقة فهي أن هذا الترسيم الدستوري الذي تمدحه الحركة الأمازيغية ليل نهار هو ترسيم ناقص ومهين للأمازيغية وكارثي أصلا لأنه يعتبر الأمازيغية في الدستور المغربي لغة رسمية ثانوية تحتانية أقل شأنا من العربية ويقيدها بقيود زمنية وتشريعية وإجرائية خطيرة تؤبد طابعها الهامشي. فبدل المطالبة بتعديل هذا الفصل الدستوري الخبيث يأبى نشطاء الأمازيغية إلا أن ينبطحوا له ويتماهوا معه مطالبين بكل انبطاحية بتطبيقه بإخراج قانونه التنظيمي! من هذين الشيئين ومن هذين التصرفين نلاحظ خطا واضحا لدى الحركة الأمازيغية منذ تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (الإيركام) وهو: الانبطاح لكل ما يأتي به المخزن أو إيركامه وانتظار أي شيء يجود به المخزن أو الإيركام ونعته ب”المكسب” وضمه إلى لائحة طويلة من “المكاسب الوهمية” و”المكتسبات القشورية” التي يدعي نشطاء الحركة الأمازيغية أن الأمازيغية قد ربحتها. الحركة الأمازيغية لم تعد تنتج الأفكار المستقلة والنقد المنطقي والحلول العملية لمشاكل الأمازيغية ومشاكل المغرب. الحركة الأمازيغية أصبحت الآن متخصصة في مدح بنات أفكار المخزن والتماهي مع أية تخريجة من تخريجات المخزن سواء أكانت ترسيما ناقصا مشوها للأمازيغية (الفصل 5)، أو قانونا تنظيميا يرسخ ويشرعن ذلك الترسيم الدستوري المشوه، أو تصويتا إيركاميا سياسيا مؤدلجا حول حرف التدريس، أو تفويضا لشؤون الأمازيغية إلى الأحزابالريعية التي كانت بالأمس تحارب الأمازيغية واليوم تركب عليها. ها هي الأشياء التي لن تسمع، أيها القارئ، نشطاء الحركة الأمازيغية والمهتمين بالأمازيغية يتجرأون على الحديث عنها أو الخوض فيها: – أنت لن تسمع أبدا ناشطا أمازيغيا أو مهتما بالأمازيغية يشتكي أو يناقش الترسيم الدستوري الشنيع الناقص الأعوج الخبيث للغة الأمازيغية في الفصل 5 من دستور المغرب. هذا لا يضايق الحركة الأمازيغية. – أنت لن تسمع أبدا ناشطا أمازيغيا أو مهتما بالأمازيغية يطالب بتعديل الفصل 5 من الدستور المغربي لرفع الظلم عن الأمازيغية ولجعل اللغتين الأمازيغية والعربية لغتين متساويتين بشكل تام وواضح لكي يكون ترسيم الأمازيغية مستقيم الأساس الدستوري ومستقيم البنيان التطبيقي. لا لا لا. المساواة ليست من اهتمامات الحركة الأمازيغية. الحركة الأمازيغية تلهث وراء شيء واحد: القانون التنظيمي ثم القانون التنظيمي. – أنت لن تسمع أبدا ناشطا أمازيغيا أو مهتما بالأمازيغية يتساءل حول جدوى حرف ثيفيناغ والمنفعة التي حصدتها أو لم تحصدها منه الأمازيغية بعد 15 عاما من التدريس الشكلي للأمازيغية في بعض المدارس الابتدائية. لا لا لا. أنت ستسمع كلاما عجيبا من قبيل: “أسهل حرف قابل للتعلم بالنسبة للطفل هو تيفيناغ، باعتبار الحرفين العربي واللاتيني يتغير موقعهما في الكلمة، أما الأمازيغي فيظل ثابتا.” وهذا كلام فارغ وخاطئ. الحقيقة هي أنه لا يوجد دليل على أن حرفا ما أسهلُ تعلما على التلميذ من الحروف أخرى وإلا فكيف يتقن المغاربة الكتابة بالحروف اللاتينية وينجحون في تعلم عدة لغات بالحرف اللاتيني؟! ثم كيف ينجح تلاميذ الجزائرDzayerبالمدارس الابتدائية والثانوية في تعلم اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني؟! أما وجود MAJUSCULESوَ minusculesفي الحروف اللاتينية فهو نقطة قوة للحرف اللاتيني ونقطة ضعف للحرفين العربي والتيفيناغي. وفي الإملائية الأمازيغية اللاتينية يكون لكل حرف نطق واحد لا يتغير. مثلا حرف C الأمازيغي ينطق (ش) دائما ولا يتغير هذا النطق أبدا. والحرف Ɣ ينطق (غ) دائما. والحرف G ينطق (گ) دائما. والحرف X ينطق (خ) دون تغيير. والحرف Ḍ ينطق (ض) دائما. – أنت لن تسمع أبدا ناشطا أمازيغيا أو مهتما بالأمازيغية يسائل ويحاسب الإيركام عن تصويت 31 يناير 2003 حول الحرف عندما انقلب فجأة 10 أعضاء للإيركام في تصويتهممن حرف لآخر في ظرف دقائق بين الشوطين بدون أية “حجج أكاديمية”. أليس ذلكالتصويت سياسيا صرفا لا علاقة له بالعلم واللسانيات؟! – أنت لن تسمع أبدا ناشطا أمازيغيا أو مهتما بالأمازيغية يحاسب الإيركام عن ترجمته المليئة بالأغلاط الفادحة للدستور المغربي إلى الأمازيغية بحرف ثيفيناغ. فلم يقرأها أحد منهم أصلا. – أنت لن تسمع أبدا ناشطا أمازيغيا أو مهتما بالأمازيغية يتساءل حول سر نجاح تلاميذ الثانويات المغربية في دراسة اللغات الألمانية والإسبانية والإيطالية والإنجليزية ابتداء من الصفر بالحرف اللاتيني وتمكنهم في ظرف 3 سنوات فقط من اجتياز امتحان الباكالوريا في هذه اللغات الأجنبية بنجاح. – أنت لن تسمع أبدا ناشطا أمازيغيا أو مهتما بالأمازيغية يتساءل ويستنكر تدريس الإيطالية والألمانية في ثانويات المغرب بالحرف اللاتيني وحرمان اللغة الأمازيغية من نفس ما تتمتع به الإيطالية والألمانية. لا لا لا. ما يهم نشطاء الحركة الأمازيغية هو شيئان: – الانبطاح لما تقرره الدولة والإيركام في شأن اللغة الأمازيغية. – الانبطاح لما تقرره الدولة والإيركام في شأن اللغة الأمازيغية. لقد فوضت الحركة الأمازيغية التفكير النقدي والمبادرات الحرة إلى الدولة وأصبحت الحركة الأمازيغية متخصصة في الترويج لبنات أفكار الدولة وتخريجات الدولة من قانون تنظيمي وحرف ثيفيناغي وتدريس ابتدائي وترسيم تأجيلي ودسترة مشوهة.