كشفت خبيرة مغربية تنشط في مجال المهاجرين واللاجئين، مشاهد وصفتها بالقاسية للنساء المغربيات الممتهنات للتهريب المعيشي بالمعبر الحدودي باب سبتة، مشيرة إلى أن السلطات المغربية والإسبانية تتحملان المسؤولية كاملة في الموضوع، مسجلة غياب أي استراتيجية حكومية لمعاجلة الوضع، باستثناء المقاربة الأمنية. جاء ذلك في مداخلة لنسرين بوخيزو، أستاذة التعليم العالي وممثلة “العيادة القانونية لحماية حقوق المهاجرين واللاجئين” التابعة لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، في ندوة حول موضوع “سبل مناهضة العنف والاستغلال الجنسي ضد النساء”، نظمتها جمعية كرامة لتنمية المرأة ومنتدى الزهراء للمرأة المغربية بشراكة مع وزارة العدل، مساء اليوم الخميس بطنجة. وأوضحت بوخيزو أن العمل بالمعبر يتطلب من النساء القدرة على الصمود وربط علاقات جيدة مع الوسطاء والجمارك، وتحمل كل أشكال الشطط في استعمال السلطة والإهانة، معتبرة أن التهريب المعيشي يستقطب نساء من الشمال ومختلف المدن، تتميز أوضاعهن السوسيو-اقتصادية بالهشاشة، وتتراوح أعمارهن بين 15 إلى 50 سنة، حيث يتم الاستقطاب من طرف الأسر والأقارب. وقالت المتحدثة، إن “العيادة القانونية” بكلية الحقوق بطنجة، كشفت من خلال دراسة سوسيولوجية أنجزت حول معاناة نساء المعبر، عن ظروف عمل يميزها الاستغلال والقمع والإهانة والهروب من المطاردات الأمنية، موضحة أن أزيد من 10 آلاف “حمالة” تعشن حالة استعباد وحمل للأثقال بمعبر سبتة، أغلبهن يتراوح أعمارهن ما بين 35 و50 سنة، في ظروف تشهد تدافعا واكتظاظا متكررا، يسبب أحيانا حوادث موت. الدراسة التي كشفت عنها الخبيرة في الهجرة، أظهرت أن معاناة ممتهنات التهريب المعيشي، تبدأ منذ الساعة الخامسة مساء حيث ينتظمن في طوابير طويلة بالمعبر، ويقضين الليل بالعراء إلى حدود الصباح من أجل أن يتمكن من العبور إلى داخل المدينةالمحتلة، مشيرة إلى أن أزيد من 20 ألف امرأة تعمل في تهريب السلع بالمعبر، 4000 منهم يعبرن يوميا باب سبتة، ويحملن على ظهورهن حمولة تتراوح ما بين 50 إلى 70 كيلوغرام. ولفتت الدراسة إلى أنه بعد مصرع 4 نساء من ممتهنات التهريب المعيشي جراء التدافع بمعبر سبتة، العام الماضي، تدخلت سلطات المغرب وإسبانيا واتخذت مجموعة من الإجراءات لتحسين ظروفهن، وذلك عبر تحديد ساعات العبور وإحداث مرر خاص بهن، مع تحديد وزن الحمولة وتزويدهن بمجموعة من العربات لحمل البضائع، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات خففت نوعا من الازدحام والضغط، إلا أن معاناة النساء لا زالت مستمرة. وبخصوص انعكاسات هذا الوضع، أردفت بوخيزو، أن ممتهنات التهريب المعيشي يتعرضت لإصابات وكسور وأمراض في غياب أي تغطية صحية أو تأمين، مع ما يترتب عن ذلك من مشاكل للأسر بسبب غياب الزوجة عن البيت نظرا لاضطرارها للبقاء في المعبر أغلب ساعات اليوم، وهو ما ينعكس سلبا على المجتمع والاقتصاد الوطني، وفق تعبيرها. إلى ذلك، شددت الأستاذ الجامعية على أن معالجة هذه الإشكالية تتطلب “إرادة سياسية قوية لتنظيم القطاع والاستفادة منه، وتأهيل وتكوين النساء ممتهنات التهريب المعيشي، ومساعدتهم ماديا للقيام بمشاريع خاصة بهن لإنهاء معاناتهن المادية، مع اتخاذ إجراءات للمساهمة في تحسين ظروف عملهن بالمعبر حاليا وجعلها إنسانية”.