أثار موضوع ترقيم الأضاحي جدلا جديدا بين محمد زيان الأمين العام للحزب المغربي الحر، ووزير الفلاحة عزيز أخنوش، حيث كشف تقرير للجنة محاربة الفساد بحزب زيان، عن ما أسمته "حقائق تثبت تورط مسؤولين عن قطاع الماشية واللحوم بوزارة الفلاحة أو بمؤسسات تعمل تحت وصايتها، في تهيئ الجو المناسب والإجراءات القانونية اللازمة التي ستمكنها من التلاعب بالمال العام بذريعة الاستجابة لحاجيات المواطنين". وقال تقرير لجنة محاربة الفساد بالحزب المغربي الحر، توصلت جريدة "العمق" بنسخة منه، إنه تبين له عن "طريق الغرفة الفلاحية بإقليم بن سليمان الموجود بتراب جهة الدارالبيضاءسطات مرورا بجمعيات تنمية قطاع اللحوم الحمراء بنفس الإقليم، يتم شهريا اختلاس ما بين 500 ألف درهم إلى مليون درهم شهريا". ذلك أن الغرفة الفلاحية بابن سليمان، يضيف التقرير، "تقوم بدفع بصفة مستمرة لمساعدة هذه الجمعية في تنمية قطاع اللحوم الحمراء، ما يفوق مليون درهم شهريا، تقوم بتحويلها إلى الحساب البنكي لنائب الرئيس الأول بتوقيعات من رئيس الجمعية"، مضيفا أنه "قد بلغت هذه التحويلات في دجنبر من سنة 2014 إلى مليون و80 ألفا و300 درهم، فيما بلغت التحويلات في شهر مارس من السنة الموالية) أي سنة 2015 )ما مجموعه مليون و628 ألفا و400 درهم". وكشف التقرير أنه "في هذه السنة لجأت هذه المجموعة إلى حيلة جديدة، بتواطؤ مع المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وذلك بشراء ستة ماليين قرط (boucle) بمبلغ 24 مليون درهم، وتحويل مبلغ قدره 12 مليون درهم لتشخيص الضيعات الفلاحية وقطيع الأغنام حسب نقط تواجد الكسابة وتكوين اليد العالمة التي ستسهر على تثبيت هذه الأقراط في آذان رؤوس الأغنام التي ستباع خلال عيد الأضحى الذي لا تفصلنا عنه سوى بضع أسابيع". ولتبرير هذه المصاريف، يقول التقرير ذاته، "تقوم الجهات المذكورة بحملة توعية للدفع بالمستهلكين إلى اقتناء البهائم المشخصة، علما أن رؤوس الأغنام والماعز يفوق عددها في المغرب 25 مليون رأس، يذبح منها سنويا بمناسبة عيد الأضحى 9 ملايين رأس". وأشار إلى أن "ثمن القرط الواحد الذي لا يمكن أن يتجاوز نصف درهم، سجل في ميزانية الفيدرالية البيومهنية ب4 دراهم، فيما كلفت عملية تثبيتها (الأقراط) ما مجموعه 12 مليون درهم، مما يعني أن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية قام بتحويل 36 مليون درهم إلى حساب الفيدرالية، يعلم الله من استفاد منها، في حين أن العملية برمتها لا يمكن أن تفوق 10 ملايين درهم". وأكد تقرير لجنة محاربة الفساد بحزب زيان أن المكتب السياسي للحزب قرر وضع ملف كامل بما ذكر من وثائق وحجج دامغة بمكتب كل من رئيس الحكومة،ووزير العدل ورئيس النيابة العام، والمفتشية العامة لوزارة الداخلية. وزارة الفلاحة ترد ولم يدم رد وزارة الفلاحة على تقرير لجنة محاربة الفساد التابعة للحزب المغربي الحر، طويلا، حيث خرجت وزارة أخنوش ببلاغ توضيحي تؤكد أن ما جاء في التقرير المذكور مجرد "مغالطات وتزييف للحقائق"، واصفة إياه بأنه "يفتقد لمعطيات واقعية أو منطقية". وأكدت وزارة الفلاحة في بلاغها الذي تتوفر جريدة "العمق" على نسخة منه، أنه "ليست هناك أي تعاملات مالية متاحة بين الغرفة الفلاحية والفدرالية البيمهنية للحوم الحمراء، كما لا توجد أي علاقات مالية بين الغرفة الفلاحية والجمعيات المنضوية تحت لواء الفدرالية، مما يجعل الحديث عن وجود أي تحويلات مالية بين الطرفين في "التقرير" المذكور مغالطة كبيرة ولا يمكن أن يكون لها أي أساس". وبحسب البلاغ ذاته، فإنه "من السهل رصد عدم ضبط المعطيات المقدمة من خلال تناقضات صارخة على مستوى الأرقام التي تزعم أنه يتم تحويل أكثر من مليون درهم شهريا إلى حساب إحدى الجمعيات، مما يصل لحجم تحويلات سنوي يبلغ مليون و40 ألف درهم سنويا حسب "التقرير" وهو رقم من المستحيل أن يتم التوصل إليه حسابيا، ما يجعل مضمون التقرير غير مدقق وغير موثوق، وعبثي من حيث توزيعه لأرقام وهمية لا يمكن حتى تصور المنطق وراء اعتمادها". وتابع أن "التقرير" يشير إلى أن عدد الأضاحي التي يتم نحرها خلال عيد الأضحى المبارك يقدر ب 9 ملايين رأس، وهذه مغالطة ثانية، إذ أن 9 مليون تمثل العرض المتوفر من قطعان الخرفان والماعز وليس عدد الأضاحي التي يتم نحرها والتي تصل إلى حوالي 5,4 مليون رأس". ويزعم نفس "التقرير" وبدون أي أدلة تذكر، تضيف وزارة الفلاحة، "على أن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية قام بتحويل مبالغ مالية للفدرالية البيمهنية، وذلك من خلال تقديم أرقام فضفاضة وربطها وتقديمها على أنها موجهة للفدرالية المذكورة"، مجددة تأكيدها "على أنه لا تربط أي علاقة مالية بين الفدرالية البيمهنية والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية". وحول ثمن الأقراط، فقد أشارت وزارة الفلاحة إلى أن تقرير الحزب المغربي الحر "ذهب بدون أي تبرير ودون أي ضوابط تقنية إلى تقديم تقدير مالي لثمن اقتناء الأقراط وليحدده في سعر وهمي لا وجود له في السوق وهو نصف درهم، وبغض النظر عن عدم وجود الثمن المذكور، فالأقراط المستعملة في عملية الترقيم يجب أن تمتثل لمجموعة من الضوابط والمواصفات مضمونة بشهادات جودة وتراخيص بيطرية ومواصفات مسجلة لدى الجمارك، لضمان السلامة الصحية للمستهلكين وللقطيع وكذا تفاديا لأي تزوير أو تقليد يمكن أن يفشل هذه العملية". وأكدت الوزارة على أن "الميزانية المرصودة لهذه العملية لا تهم اقتناء الأقراط فقط، بل كذلك وضع أنظمة التتبع وإحصاء المواشي وجرد لوائح المربيين، وكلفة تركيب الأقراط في جميع جهات المغرب بمختلف جماعاته دون استثناء". واعتبرت أن "عملية ترقيم الماشية التي قادتها المصالح الوزارية بشراكة مع الفدرالية البيمهنية المعنية هي عملية رائدة ومتميزة وفريدة في العالم الإسلامي، إذ لأول مرة نشهد وضع نظام محكم للمتابعة والمراقبة في جميع جهات المملكة وبانخراط كبير من الفلاحين المغاربة، تشكل خطوة هامة ليس فقط على مستوى التدبير الجيد لعيد الأضحى، بل أيضا من أجل وضع نظام قائم يمتد من تتبع ومراقبة القطيع إلى الإنخراط الشامل للفلاحين داخل الأسواق والأسواق النموذجية، وضمان الشروط الأمثل للإستهلاك". وشددت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات على أنها لن تسمح بالتبخيس من المجهودات التي تم بذلها في هذه العملية أو محاولة التشويش عليها من خلال إطلاق إدعاءات مزيفة لا يوجد أي سند أو دليل لها.