جل الدعوات تدعو إلى ربط التعليم بالواقع ، لأن الهدف الأسمى من البحت العلمي هو تسهيل حياة الناس ، والمساهمة في الرقي الاقتصادي و الاجتماعي للشعوب . وأن البحت ليس دائما هدف في حد ذاته . أما مكمن العطب في اعتقادنا هو غياب إستراتجية إستباقية لتحديد التخصصات و المسالك الجامعية، التي ينبغي الاهتمام بها وإعطائها أهمية قصوى . لأن المغرب بحكم موقعه الجيو- سياسي ، وفي ضل بداية توغل اليمين في أرويا ، وعصر ترامب وسياساته الغير المتوقعة، يجعل من صناع السياسة التعليمية الحقيقيين وصناع القرار الفعلي بالمغرب أمام مسؤولية تاريخية ، لربط الجامعة بالعصر بفتح أسلاك تقنية و علمية ،وأن أي تأخر حتما سيندم عليه المغرب أجلا أم عاجلا. نقصد بالتعليم الإستباقي سلسلة التدابير والإجراءات التي بموجبها يتخذ قرار تدريس تخصصات جديدة ،غير مطلوبة في سوق الشغل ، ولكنها تشكل في المستقبل القريب رهانا حقيقيا سواء على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي و التنموي . كما أن الظرفية الحالية مواتية لخلق تخصصات جديدة و مشوقة ، خصوصا وأن التوظيف في القطاع العام تقريبا انقطع باستثناء التوظيف في الأمن. ومن جملة التخصصات التي نعتقد أنها أصبحت ضرورية وحتمية و يجب أن تأخذ بعين الاعتبار لدى رؤساء الجامعات و وحدات البحت و التكوين. -التطبيقات المعلوماتية على الهواتف الذكية ،وخصوصا تطبيقات "الأندرويد" ، حيت تعتبر سوقا واعدة من حيت الإشهار والتجارة عن بعد و في التعليم وخزن البيانات و الاستعمالات الطبية و قطاعات أخرى. -تدعيم و إعادة فتح تخصصات الطاقة النووية ،خصوصا أن المغرب موقع على الاتفاقيات الدولية ومن حقه الاستفادة من خبرة الوكالة من حيت المواكبة و التكوين. هاد الاختصاص أصبح جد ملح خصوصا أنه يستعمل في إنتاج الطاقة الكهربائية و تحلية مياه البحر ، في ضل خطر شح المياه الذي يتهدد المغرب مستقبلا نتيجة التغيرات المناخية و بداية توحل السدود. - الحوسبة السحابية وهي مجموعة من الخدمات توفرها شركات خاصة ، للزبناء من مختلف القطاعات الإنتاجية والصناعية ، و تشمل عموما تخزين البيانات والحماية الإلكترونية و الحصول على برمجيات التسيير دون التوفر بشكل عام على البنية التحتية المكلفة أحيانا -صناعة الفضاء،فلسنا أقل شئنا من الهند أو الإمارات التي بدأت مند أعوام بالتعاون مع فرنسا على تطوير أقمار صناعية . إن الدول العاقلة تتخذ تلك المشاريع ليس كأهداف بحد ذاتها ، ولكن كباعث لروح الوطنية للطلاب ومحفز للإبداع و الابتكار،والحصول على تراكم معرفي و حضاري. وخير مثال على ضعف استشراف المستقبل، في سياساتنا الجامعية و مؤسساتنا البحثية ، هو السماح لبعض البنوك لإطلاق منتجات و معاملات إسلامية أو ما أطلق عليه بالبنوك التشاركية ، في ضل غياب الأطر المؤهلة وندرة التراكم المعرفي في مجال الاقتصاد الإسلامي بالمغرب، وأن ما يدرس في الأصل هو المقرر الفرنسي المبني على الأساس على الربا و تغيرات سعر الفائدة ، مما يجعل الطالب المغربي في حيرة من أمره،مع أن البديل موجود من خلال مناهج أنجلو سكسونية ووحدات تدريس موجودة في الخليج العربي و ماليزيا ودول أخرى. فرغم التصريحات الأخيرة للوزيرة الوصية على القطاع ، حيت أكدت وجود 28 مسلك و اختصاص ، خصوصا في سلك الماستر في الاقتصاد الإسلامي، رغم أن جل الباحثين و المهتمين و المتدخلين في قطاع البنوك الإسلامية يصرون على إنشاء تخصص يحمل اسم اقتصاد إسلامي مباشرة بعد الباكالوريا لتكوين جيل من الشباب متخصص في الصيرفة الإسلامية و هندسة التمويل المالي الحلال أسوة ببعض جامعات و معاهد شرق أسيا . كما تتجه جل البلدان الإسلامية وكدالك بعض الدول الغربية ،إلى إحداث بنوك و مصارف تتطابق تعاملاتها مع مبادئ الشريعة الإسلامية. الشيء الذي دفع أصحاب القرار الفعلي بالمغرب إلى القبول، ولو بمضض بإدراج البنوك التشاركية. هدا القبول كان نتيجة كثرة المطالبات العديدة بالداخل لتبني معاملات خالية من الربا و حلال شرعا، خصوصا أن معدل الإستبناك منخفض بالمغرب، وأن استمرار احتكار أصحاب البنوك التقليدية جل المعاملات المصرفية بالمغرب لم يعد مقبولا ،لا داخليا و لا خارجيا ، خصوصا بعد ثورات الربيع العربي. إضافة إلى مطالبة مستثمرين أجانب و بالضبط الخليجيين فتح فروع للبنوك الإسلامية للاستثمار بالمغرب. كما القطاع البنكي الحالي في المغرب يتسم بالجبن وعدم المخاطرة في تمويل المشاريع الاقتصادية ، واكتفائه بالقروض الربوية التي أتقلت جيوب أسر كثيرة في المغرب . باحت متخصص في تقنيات الإعلام و الاتصال