سادت حالة من الرضا والفرحة العارمة ، بعد تحقيق المنتخب الوطني المغربي التأهل لدور ربع النهائي من منافسات كأس إفريقيا للأمم 2017، التي تجرى أطوارها بدولة الغابون ، بعد تحقيقه لنتيجة الفوز على منتخب ساحل العاج ، فكان المشهد على غير المألوف إذ أن اسود الأطلس لم تحقق انجازا رياضيا محترما منذ كأس إفريقيا 2004 بتونس ، احتفالات في الشوارع ، الجالية المقيمة ببلجيكا تهلل ، المقاهي تهتز ، المشهد استثنائي ، فالمنتخب بلغ الدور الثاني ؟ المتابع للمشهد الرياضي ، لا بد أن يلاحظ علامات التقاطع بين بلوغ الدور الثاني بالغابون والمباراة النهائية بتونس ، غير أن الاختلاف يكمن في كون بلوغ المباراة النهائية يعادل الميدالية الفضية بينما بلوغ الدور الثاني لا يعادل أية ميدالية ، كما أن الأمر المثير للاستغراب أن الجمهور المغربي عند انهزام المنتخب في النهائي ، فرح وهلل وأبشر بميلاد منتخب سيغزو كرة إفريقيا ، فهل يمكن لجمهور مثقف رياضيا أن يحتفل بالهزيمة ؟ ما يزيد الأمر غرابة ، هو أن التركيبة البشرية لاسود الأطلس وقتها ،إذ كان المنتخب يعج بنجوم بارزة إفريقيا من قبيل " مروان الشماخ ، يوسف مختاري ، نور الدين النيبت ..." ، كما أن المنتخب رصدت له كل الإمكانيات اللوجستيكية والمادية لتحقيق البطولة ، بالنظر للتشابه الجغرافي بين تونس والمغرب فحقق المنتخب الممكن ، لكن لا يجب أن نعتبر بلوغ النهائي انجازا للكرة الوطنية دون تحقيق اللقب ، فالمنتخب المغربي ليس هو منتخبات إفريقيا المغمورة ، والاختلاف بارز على جميع المستويات. منذ تلك اللحظة ، لم تحقق النخبة الوطنية أي انجاز مماثل مما يدفعنا لطرح السؤال : أين هو منتخب 2004 الذي يبشر بغزو إفريقيا كرويا ؟ بيد أن مدح الجمهور الرياضي المتكرر للفريق الوطني ساق التركيبة البشرية المكونة له كأس الغرور ، حتى وصل الأمر بالجهاز الوصي إلى رفع شعار "بلوغ الدور الثاني " في دورة ليبروفيل 2017 . من أجل تحقيق الهدف ، تم تعيين الناخب الوطني "بادو الزاكي" كمدرب للفريق الوطني باعتباره صاحب أخر انجاز للعناصر الوطنية ، غير أن الانفصال تم بشكل يطرح أكثر من علامة استفهام ، بعد ملاحظات المكتب الجامعي أن الزاكي يسير بالمنتخب نحو الهاوية ، فكان البديل جاهز وهو اسم يجعل التخلي عن الزاكي حلا لا مشكلة ، انه الفرنسي "هيرفي رونار" فمر التغيير في جو هادئ . الفرنسي المتمرس ، العالم بخبايا إفريقيا حقق المبتغى وعبر بكتيبة اسود الأطلس نحو الدور الثاني ، غير أن الحافلة توقفت أمام قنطرة "الفراعنة " فأقصي المنتخب في الدور ربع النهائي مقدما بطولة يمكن وصفها بالايجابية بالمقارنة مع الدورات الأخيرة . الصدمة تستمر ، انجاز بسيط ، بلوغ الدور الثاني ، اخرج الجماهير الساذجة إلى الشارع ، وبعد الخروج من ربع النهائي ، الجمهور يبرر الخسارة "بهدف الشمتة"، معتبرا أن النخبة الوطنية قادمة لغزو كرة إفريقيا مجددا ، هي حالة من الرضا رغم أن الخروج يبعث على الشعور بالإحباط بالنظر للإمكانيات المرصودة ، والكم الهائل من اللاعبين القادرين على العبور بالمغرب لتحقيق لقب إفريقيا للمرة الثانية ، حيث فضل الناخب الوطني الاعتماد على لاعبين غير جاهزين بدنيا، وتهميش آخرين ، ولأن اللاعبين المغاربة "نجوم محلقة" لم يظهر الخلل إلا بعد شلل الآلة الهجومية ، وعجزها عن التهديف ليتم الإقصاء بخطأ دفاعي من لاعب أخذ أكثر من وزنه الحقيقي داخل المنتخب "بنعطية" ، فعلى توالي هذه الإختلالات رضي الجمهور بالقدر، وكأن لسان حال المغاربة يقول "اللهم العمش ولا العمى ". خلاصة القول ، شكلت بطولة إفريقيا فرصة جديدة لبيع الوهم للجماهير المغربية بوجود نواة منتخب قوي ، قادر على تحقيق اللقب "الغالي" ، غير أن كل ما بني على باطل فهو باطل ، فالمنتخب المغربي لم يقدم شيئا يشفع له ، انجاز مثل انجاز الكونغو الديمقراطية وتونس في بطولة التنافسية العالية ، فلا شيء من غير البطولة يسر الفؤاد فمتى كان اعتبار بلوغ الدور الثاني انجازا ؟ فالرسالة تقتضي بمطالبة الجمهور" بعقلنة" المتابعة الرياضية للأمور، حتى لا ندع الفرصة للسذاجة الرياضية أن تسكن وجدان المتتبع الرياضي : " استيقظوا يا معشر النيام".