اعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المدن المغربية بعيدة عن تحقيق التنمية والنهوض، قائلا "لم تتحول المدينة المغربية بعد إلى مشروع مجتمعي مشترك مفتوح بشكل ديمقراطي يتقاسمه ويتملكه السكان بالقدر الكافي". اقتصاد المدن "معطوب" وكشف رأي المجلس حول "إنجاح الانتقال نحو المدن المستدامة" أوجه القصور والعطب التي يعاني منها اقتصاد المدن، مسجلا أن اقتصاد المدن لا يخلق إلا القليل من فرص الشغل، موضحا أن معدل التشغيل في المدن بلغ 35.5 في المائة مقابل 40.7 في المائة على المستوى الوطني. ولاحظ المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن اقتصاد المدن لا يزال مرتكزا بشكل ضعيف على الابتكار والإبداع والبحث التطبيقي، مشيرا إلى أن جاذبية المدن في المغرب وتنافسيتها الاقتصادية تعاني من غياب اليقظة الاستشرافية والذكاء الترابي. وأكد مجلس بركة أن المدينة المغربية تجد صعوبة في منح سكانها الشعور بالرفاه والتمازج الاجتماعي والتطور الثقافي ولا تدمج المهاجرين المنحدرين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء في انشغالاتها. قصور التخطيط للمدن وأوضح تقرير المجلس أن التنزيل المحلي لأهداف خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وتتبع تنفيذها لا يؤخذ بعين الاعتبار في مرحلتي إعداد وتقييم البرامج التنموية للمدن، موضحا أن تخطيط المدينة المغربية يعاني من أوجه قصور من حيث الاستدامة والتكامل على المستوى الجهوي والوطني. وأكد التقرير أن الفضاء العمومي في المدينة المغربية لا يوفر الأمن للنساء مما يعوق إدماجهن في الحياة العملية، مشيرا إلى أن نصف سكان المغرب يقطنون في مناطق ساحلية تمتد على 30 كلم من شاطئ البحر الذي يحتضن معظم الأنشطة الاقتصاد الوطني أي 53 في المائة من الإمكانيات السياحية، و92 في المائة من الوحدات الصناعية. وكشف المجلس عن إنتاج المغرب لنحو 1.5 مليون طن من النفايات الصناعية سنويا، منها 256 ألف طن تعتبر خطرة، مضيفا أن المدينة لا تمتلك خطة واضحة لتحسين نجاعتها الطاقية وذكائها الحضري واستقلاليتها في مجال الطاقات المتجددة. إرساء الاقتصاد المتنوع ونبه المجلس إلى أن تقرير المعهد الأمريكي للموارد العالمية يصنف المغرب في المرتبة 19 من بين بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأكثر عرضة لخطر ندرة المياه، محذرا من تكلفة التدهور البيئي التي قُدرت في سنة 2014 بحوالي 32.5 مليار درهم، أي ما يعادل 3.52 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وأوصى المجلس بضروة ضمان إنصاف بين المدن في التنزيل الترابي للمشاريع المهيكلة، وبالعمل على تحلي اقتصاد المدينة بقدرة أكبر على التكيف والصمود، من خلال تنويع اقتصادها (اقتصاد المعرفة، الاقتصاد التضامني، القطاعات الصناعية الخضراء الجديدة". وطالب المجلس بإشراك النساء في إعداد كل رؤية للتنمية الحضرية، وتعزيز الأمن العام، وبتحسين صورة المدن المتوسطة وتحرير ما تزخر به من إمكانات، وبجعل المدن الكبرى والمدن أولوية وطنية للدولة وأن تضع رهان الانتقال نحو الاستدامة الحضرية في صلب السياسات العمومية. التعليم رافعة التنمية ودعا مجلس بركة الدولة إلى تخويل المدن الكبرى وضعا خاصا من حيث الصلاحيات وقدرات التدبير الالإجرائي الناجع، وإدراج الرؤية الاقتصادية للمدن ومناطقها الصناعية المهيأة في برنامج العمل للتسويق الترابي الدولي للجهات. وأوصى المجلس بجعل المدن المغربية أقطابا اقتصادية وصناعية تنافسية، والانتقال من المنطق الكمي في سد الخصاص في مجال السكن إلى منطق توفير السكنى والسكن اللائق المدمج والمستدام، علاوة على بلورة وتنفيذ رؤية للحركية والربط ووسائل النقل الحضري المستدام والمدمج بالمدن. وشدد المجلس على ضرورة جعل التربية والتعليم العالي والتكوين المهني رافعة للنهوض بثقافة التنمية المستدامة، وجعل المدن إطارا للابتكار والإبداع والبحث التطبيقي لفائدة الشباب، مع إرساء مخطط استراتيجي مرتكز على التكامل والتعاون على الصعيد المحلي والجهوي والوطني، علاوة على ترشيد حكامة العقار، وانخراط المدن الجديدة القائمة في مسار الاستدامة