صدر للدكتور الحسن بوزياني، مؤخرا، رواية بصيغة سيرة ذاتية، بعنوان "صلب كالصخر" تحكي مراحل النشأة في مسقط رأسه بأحد دواوير الجنوب الشرقي بالمغرب، وجانب مهم من حياته العملية والمهنية التي كشف فيها عن خبايا ونواقص عاناها -ومازال-القطاع الصحي بالمغرب، الذي تدرج فيه من مساعد ممرض إلى رئيس مصلحة بوزارة الصحة وخبير في تدبير الموارد البشرية. المؤلف الذي صدرت صفحاته باللغة الفرنسية، بعنوان «Dur comme un roc » يقع في 239 صفحة من الحجم المتوسط، تتأرجح بين حكي لآلام وآمال الذات و وتوثيق لحوالي 73 سنة من واقع غير عادٍ ومسارات حافلة بسمات التقدم والتقهقر، استهلها الحسن بوزياني بالبدايات الأولى لنشأته بقصر أولادعلي (جماعة وادي النعام-إقليمالرشيدية) وولوجه العمل في مجالات شتى بشكل مبكر حاملا هم تدبير الأسرة الصغيرة، وعلاقاته الأسرية المتذبذبة بين الصعود والنزول بسبب أعراف وعادات اجتماعية كسرها الكاتب في محطات كثيرة. ثم أعقبها بمساراته المهنية التي ابتدأت بأقل من مساعد ممرض بالوحدة الصحية ببوذنيب، الى اجتيازه مجموعة من العقبات وولوجه لمعاهد مختلفة، أوصلته الى التخرج من أول دفعة في علم النفس العصبي بالمغرب (ضمن أربعة اشخاص)، وشغل مراكز متعددة للمسؤولية داخل الإدارة المركزية لوزارة الصحة بالمغرب، إلى جانب حصوله على شواهد عليا في القانون العام وتدبير الموارد البشرية ودكتوراه دولة في الدراسات الاستراتيجية. الكاتب لم يفته الاحتفاء بمن قدموا له عونا طيلة مسيرته المهنية، كما لم يدخر جهدا في كشف من سبب له يوما ألما أو عامله بسوء، أو حتى تنكر له بعدما أرخى التقاعد المهني بظلاله على فصول حياته، مستعرضا داخل صفحات سيرته الذاتية مواقف ومحطات تؤرخ لما ترسخ في ذاكرته فيما يخص علاقاته الشخصية والأسرية والمهنية وما بعد انتهاء الخدمة العمومية. "صلب كالصخر" تمثّل مواجهة لم يدّخر بوزياني جهدا كي يجعلها مرادفا للصراحة والصدق والجرأة في تفاعل مع بيئته وطفولته القاسية بشكل عام وتجربته المهنية والعلمية المبكّرة بوجه خاص، ثم استعراضا لما حققه الكاتب على مستوى صُعد متعددة، بفضل مكابدته للصعاب وتذليله للعقبات وتجلده أمام المشاق، كما يعبر عن ذلك عنوان المؤلف، صراحة. يقول كاتب هذا المؤلف في أولى صفحاته "إن اختيار عنوان هذا المؤلف، "صلب كالصخرة" أو "صلب كالفولاذ"، ليس اختيارا لا عرضيا ولا "غير مبرر". إن الحياة الحالية، وحتى تلك التي ستأتي في المستقبل القريب، تتطلبان جهدا هائلا، وسلوكا مفكر فيه، بعبارة أخرى تتطلب جهودا ضخمة. وتبعا لهذا، بات من الضروري، ان لم نقل من الملح علينا، التكيف والتحضير لمواجهة أخطار الحياة التي تقف على مشاكل ومطبات، حيث الإهمال أو التهور يمكن أن يفسدا الأمر برمته. ذكريات هذا الرجل تعكس حكمة وشجاعة وإحباطات في مواجهة حياة قاسية وغالباً ما كانت عديمة الرحمة. مازال مؤلف هذه المذكرات يبحث عن ""النموذجية""، وعلى هذا النحو، فهو رجل تضحية هادئ ومتسامح في الآن ذاته مع محيطه الاجتماعي".