عند الحديث عن الأمة العربية أو كما يحلو للبعض تسميته بالوطن العربي, فإن الأمر يتعلق بمنطقة فسيحة الأرجاء تمتد من المحيط الأطلسي غربا إلى الخليج العربي شرقا وتركيا والمحيط الأطلسي شمالا والدول الغير العربية الأفريقية جنوبا. و تبلغ مساحته ما يقارب 14 مليون كيلو متر مربع. أما بالنسبة لعدد السكان فتشير الإحصائيات الرسمية أن مجموع عدد سكانه يقارب 370.000.000 نسمة ويضم اثنتين وعشرين دولة موزعة على قارتين أساسيتين وهما : آسيا و إفرقيا تجمع بينها روابط متينة كالهوية العربية و الاسلامية والثقافية والتاريخية… الخ. فقد من الله على أبناء هذا الوطن المترامي الأطراف أرضا خصبة غنية معطاة تزودهم بالبترول والذهب والفوسفاط, فجعلوا من وطنهم باحة للاستراحة مزودة بمحطة وقود يأوي إليها المسافر المنهك من شدة المسافات الطوال ليسترجع بها أنفاسه قليلا وليملأ جيوبه بما يجود عليه أهل المكان نقدا ثم ليشحن وسيلة نقله طاقة فيولي الأدبار. وشاءت الأقدار كذلك أن يزخر وطنهم هذا بمواقع أثرية و سياحية تسر الناظرين و تجذبهم إليها, كما آثرهم بديع الخلق على بقية خلقه بدور العبادة المقدسة والتي تدر أموال طائلة لا يعلم قيمتها إلا الله سبحانه والقائمين عليها. لكن في المقابل نجد أن جل الدول العربية عاشقة و مدمنة كالمتيم الولهان إلى حد الجنون في ركوب قطار التخلف والاستمتاع في العيش فيه حينا من الدهر تحت وطأة الفقر و الجهل العميق , و التكيف مع الاضطرابات الأمنية و النفاق و الخيانة. فكل دولة تحاول جاهدة أن تنصب نفسها نموذجا يحتذى به من لدن أشقائها العروبيين والبحث عن قضاء مصالحها و ما بعدها فليأتي الطوفان والطاعون والجراد والقمل. بينما صلة الأخوة والعروبة التي يتغنون بها في كل المحافل والملتقيات الدولية فما هي إلا شعار لا غير. وهذا ما صرح به الراحل الليبي معمر القذافي في إحدى قمم جامعة الدول العربية المنعقدة بالقاهرة أمام زعماء العرب أنفسهم. فقد صنعوا أكذوبة في شمال أفريقيا سموها بالمغرب العربي الكبير الذي ضم المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا بهدف توثيق أواصر الأخوة وتحقيق تقدم ورفاهية مجتمعاتهم وكذا انتهاج سياسة مشتركة في مختلف الميادين حسب زعمهم. لكن شئ من هذا القبيل لم يحدث في الواقع بل هو مجرد افتراءات لا غير. أما الحقيقة المرة فهناك عداوة وصراعات أزلية قديمة قدم التاريخ وتسابق رهيب نحو اقتناء أحدث الأسلحة على حساب الشعب الجائع. فالعداوة بين المغرب و الجزائر على أشدها أكثر مما هي عليه مع بني صهيون. و في ليبيا فالواقع المرير هناك حدث ولا حرج حيت اختلط الحابل بالنابل وعم الخراب البلاد بتخطيط غربي مسبق وبتمويل عربي صرف. أما في الصومال فجرح الإخوة الصوماليين لا زال غائرا لما حل بهم من بلاء عظيم أهلك الحرث و النسل. والوضع لا يختلف كذلك في الدول العربية الآسيوية فقد نشأوا تكتلا إقليميا سموه بدول مجلس التعاون الخليجي بهدف تمتين أواصر القرابة والنهوض بالقومية العربية في شتى القطاعات هذا محله في السطور فقط. أما في الصدور فما خفي كان أعظم حيث السعودية تسابق الزمن و تسعى جاهدة إلى إبادة الشعب اليمني ما أمكن, فذنبهم الوحيد أنهم شيعيين. بينما في دولة فلسطين فالقدس يهود والمقدسيين يحتضرون على يد الصهاينة, و في أرض الشام الشامخة فصار أهلها أذلة قوم عند غيرهم فهم ما بين سندان داعش ومطرقة جيوش بشار الطائش. أما أبناء بلاد الرافدين فلا حول لهم ولا قوة من تفجيرات تهتز على إثرها بغداد وكركوك والموصل بين الفينة والأخرى مخلفة جرحى وصرعى. تلك إذن هي المفارقات التي جعلت من المستشارة الألمانية انجلينا ميركل تستغرب ونستغرب معها نحن كذلك لما حل بالعرب من ويلات الفقر و البؤس و الدمار و الخراب , فأبوا إلا أن يضيفوهم ويكرموا وفادتهم ولو على حساب الإمكانات والمؤهلات التي تزخر بها أوطانهم والكافية لضمان عيش المواطن العربي في رفاهية و رغد سنين عددا, لكن عرب الخراب كعادة أسلافهم الغير المنعمين من أمثال أبي لهب وسهيل ابن عمر ضربوا موعدا لن يخلفه أحدا منهم, ومنذ ذلك الزمان, اجتمعوا و اتفقوا على أن لا يتفقوا. * السنة الثاثة دكتوراه تحت موضوع المقارنة بين الطب الحديث والطب البديل