Political exoticism أكاديميا عُرِفَ ما يقوله الغرب المسيحي و يكتبه أو يصوره عن الشرق الاسلامي "بالاستشراق"، و شكل ميدان هذا التخصص الأكاديمي ساحةً للتراشق الفكري و البلاغي بين مستشرقين ماتوا و انقطع عملهم إلا من عِلْمِهم هذا الذي يُنتَفعُ به، وبين عرب أمريكيين ،كالأيقونة إدوارد سعيد الفلسطيني الأصل ، و أوروبين استفادوا من الأنوار الروحية و العلمية للشرق و الغرب ،فدفعتهم غيرتهم على أصلهم و هويتهم إلى الدفاع عن الاسلام و معتنقيه، محاولين إظهار أن الإفلاس البارز للعيان ليس في الدين بذاته و إنما في طريقة توظيف الأنظمة الحاكمة لذلك الدين... على مدى عشريات القرن الماضي ، و الذي قبله، لم يترك بعض المستشرقين من و صف حاطٍّ و غريب إلا الصقوه بالعرب و المسلمين الذين يشكلون مجتمعين بلدان العالم الثالث المتخلف على كل الأصعدة ؛ فوصفوا الشرق، الذي يمتد من الخليج الى المحيط (بما فيه المغرب)، بكونه غريب الطبائع و العادات، وأنه يكاد لا يشبه "الانسانية في شيء"... دواعي إيقاظ هذا الجرح هو ما ألاحظه ، كباقي المغاربة، من انخراط المغرب في إمادة عمر نفس الصورة التي ألحقها الغرب بالشرق، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبارها مُجردَ صورٍ نمطية، بل ما فتئت تأكدها الممارسات والمشاورات والقرارات.. البلد دخلت مرحلة غرائبية، هذه المرة سياسية، جديدة تُوثِّقها الأشرطة و الصور و الأحداث، لعل أبرزها مرور أزيد من ثلاثة أشهر عن تاريخ حصول حزب على 125 مقعدا من أصل 395 ؛ ورغم ذلك، فَبَدَل أن يحتفل، و تحتفل معه الدولة، نراه كما لو أنه مصاب ب HIV (فيروس نقص المناعة/ "الثقة")، و تهرب منه كل الراغبات في الزواج... أكثر من هذا، لا حظنا كيف أن حزبا يحتل المرتبة السادسة ب 20 برلمانيا، بمن فيهم مقاعد خصصتها الدولة للنساء من باب الكوطة، يتربع على كرسي ثالث أهم مؤسسة بالبلد، التي هي المؤسسة التشريعية -- بعد كرسي الجالس على العرش، و كرسي رئاسة الحكومة، الذي لم يتسنى له أن يجلس عليه بعد-- وهو منصب بقيمة حقيبتين و زاريتي بمنطق التفاوض ضمن الإئتلاف الحكومي. لكن، للأسف، يبدو أن الساسة لم يدرسوا الاستشراق، ولا العلوم السياسية، واستغنوا عنهما بدراسة مصالحهم الشخصية و الضيقة، بوعي منهم أو بدونه، هم الآن يزيدون في إغراق سوق المغرب بالصور العجائبية (exotic) التي ستنضاف للإستشراق الجديد.