زلزال الحوز: عدد الأسر المستفيدة من المساعدات الشهرية بلغ إلى حدود 25 أكتوبر الماضي 63 ألفا و766 أسرة    الأسباب الحقيقية وراء إبعاد حكيم زياش المنتخب المغربي … !    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    المغرب يشارك في أكبر تجمع أمني سنوي    اعتقال رئيس الاتحاد البيروفي لكرة القدم للاشتباه في ارتباطه بمنظمة إجرامية    تفاصيل نتائج الإحصاء: تراجع النمو السكاني في المغرب مع تزايد عدد الأسر    توقيف 08 منظمين مغاربة للهجرة السرية و175 مرشحا من جنسيات مختلفة بطانطان وسيدي إفني    بايدن يتعهد بانتقال "سلمي" مع ترامب    المهرجان الدولي للسينما والهجرة بأكادير في دورته العشرين    «كلنا نغني».. جولة عربية وأوروبية للعرض الذي يعيد إحياء الأغاني الخالدة    تأجيل مناقشة ميزانية مندوبية السجون بسبب غياب الحكومة يثير غضب التامك ويصرخ: "شعرت بإهانة لم أشعر بها في حياتي وفكرت نحط استقالتي"    المنصوري تكشف حصيلة برنامج "دعم السكن" ومحاربة دور الصفيح بالمغرب    المجلس الحكومي يلتقط الإشارات الملكية    التنسيق النقابي الوطني يهدد وزارة الصحة بالانخراط في "برنامج تصعيدي"    2024 يتفوق على 2023 ليصبح العام الأكثر سخونة في التاريخ    الجماهير تتساءل عن سبب غياب زياش    "أجيال" يحتفي بالعام المغربي القطري    ياسين بونو يجاور كبار متحف أساطير كرة القدم في مدريد    مجلس جهة كلميم واد نون يطلق مشاريع تنموية كبرى بالجهة        ليلى كيلاني رئيسة للجنة تحكيم مهرجان تطوان الدولي لمعاهد السينما في تطوان    بايتاس: أكثر من 63 ألف أسرة استفادت من المساعدات الشهرية لضحايا زلزال الحوز    انطلاق الدورة الرابعة من أيام الفنيدق المسرحية    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    ما هي انعكاسات عودة ترامب للبيت الأبيض على قضية الصحراء؟    صَخرَة سيزيف الجَاثِمَة على كوَاهِلَنا !    التنسيق النقابي للأطر الصحية يتوعد الحكومة بالتصعيد احتجاجاً على خرق اتفاق يوليوز        انتخاب السيدة نزهة بدوان بالإجماع نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع …    في بلاغ للمكتب السياسي .. وضوح رؤية جلالة الملك في قضية الصحراء مكَّن بلادنا من تأمين مضامين سوسيواقتصادية للسيادة على التراب    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    البنيات التحتية الأمنية بالحسيمة تتعز بافتتاح مقر الدائرة الثانية للشرطة    مؤشرات إيجابية نحو إنهاء أزمة طلبة الطب واستئناف الدراسة    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    بوجمعة موجي ل"رسالة24″ : يجب تعزيز الرقابة وحماية المستهلك من المضاربين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية    نجم منتخب أوروغواي السابق دييغو فورلان يحترف التنس    جدري: القطاعات التصديرية المغربية كلها تحقق قفزة مهمة        تظاهرات واشتباكات مع الشرطة احتجاجا على فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية    سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    التّمويل والصّيانة تحديات تحاصر أجرأة مشاريع برنامج التنمية الحضرية لأكادير    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    دراسة: أحماض أوميغا 3 و 6 تساهم في الوقاية من السرطان    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزارة التربية الوطنية والعنف المزدوج !
نشر في العمق المغربي يوم 31 - 05 - 2018

في ظل ما بات يعرفه المجتمع المغربي من متغيرات كثيرة، لعل أخطرها الانقلاب القائم على منظومة القيم والاستهانة بالمسؤولية، صار العنف المدرسي من بين أبرز الأحداث التي تتصدر صفحات الجرائد الوطنية وتتناقلها مختلف وسائل الإعلام. إذ لا يكاد يمر أسبوع دون أن تصلنا أخبار عن حالات اعتداء فظيعة، سواء من طرف تلميذ تجاه أستاذه أو العكس وإن بشكل أقل، في مسلسل تراجيدي رهيب، لا تتوقف حلقاته داخل أسوار مؤسساتنا التعليمية.
ففي مساء يوم السبت 19 ماي 2018، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، شريط فيديو يوثق لحادث اعتداء شنيع من قبل أستاذ على تلميذته، مما أثار ردود أفعال متباينة وموجة من السخط العارم والاستياء العميق في أوساط الرأي العام الوطني.
ويتعلق الأمر بأستاذ لمادة الرياضيات بالثانوية الإعدادية عبد المالك السعدي بمدينة خريبكة، يدعى المعطي العويبي ويبلغ من العمر 59 سنة، الذي ظهر في حالة هستيرية يوجه لكمات عنيفة لإحدى تلميذاته بمستوى الثالثة إعدادي، أمام مرأى ومسمع من زميلاتها وزملائها، مستعملا من الكلمات ما لا يليق بمرب أفنى من عمره أزيد من ثلاثين سنة في تدريس الأجيال.
وأمام إصرار أب التلميذة ضحية الاعتداء على المتابعة الجنائية، فقد فشلت أسرة الأستاذ المعتدي في ما قامت به من مساع لاستدرار عطفه تجاه بناته الأربع وسنه المتقدم، وإقناعه بالتنازل عن الشكاية. وبأمر من النيابة العامة التي تأكد لها من خلال تحقيقات كل من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين والضابطة القضائية، صحة الاعتداء الموثق في الشريط، تم وضعه رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي للمدينة، موجهة له تهمة "الضرب والجرح والقذف".
وبتزامن مع مثوله أمام النيابة العامة، تجمهر عشرات التلميذات والتلاميذ بمحيط المحكمة في إطار مؤازرتهم لأستاذهم، يهتفون بالإفراج الفوري عنه وتمكينه من العودة إلى مزاولة عمله مع تلاميذ الأقسام المسندة إليه، لإنهاء ما تبقى من دروس المقررات، خاصة أنه لم يعد يفصلهم عن نهاية السنة الدراسية سوى بضعة أسابيع، مؤكدين على أن التلميذة مشهود لها بالشغب، وأنها هي من عملت على استفزازه، بتماديها في رشقه بقطع صغيرة من الطباشير، مستغلة انهماكه في شرح الدرس على السبورة، غير عابئة بتنبيهاته المتكررة لتلاميذ القسم كافة.
وفي ذات السياق تجند عدد من نساء ورجال التعليم في مختلف المدن المغربية، لمناصرته على صفحات التواصل الاجتماعي، حيث أطلق مجموعة من الأساتذة النشطاء "هاشتاغات" باسم الأستاذ، منددين بالمقاربة المعتمدة معه وانحياز مصالح الوزارة للتلميذة، مهددين بتنظيم قافلة تضامن إلى مدينة خريبكة، والإضراب عن العمل ومقاطعة الحراسة في الامتحانات الإشهادية ما لم يطلق سراحه، مطالبين في منشورات خاصة كافة الغيورين على المهنة والمدرسة العمومية، بالانخراط في توسيع قاعدة المساندة. ودخلت على الخط كذلك التنسيقية الوطنية للتعليم بالمغرب، بإصدار بيان لها تحمل فيه المسؤولية المباشرة للوزارة الوصية، وتستنكر فيه تمريغ كرامة الأساتذة في الوحل، وفقدانهم قيمتهم الرمزية، وتدعو إلى التعجيل بإلغاء المذكرة الوزارة رقم 14/867 الصادرة في17 أكتوبر 2014، بشأن القرارات التأديبية المتخذة من طرف مجالس الأقسام، وخاصة منها تلك المرتبطة بالطرد المؤقت، واعتماد عقوبات بديلة بتقديم "خدمات ذات نفع عام" داخل المؤسسة.
وبصرف النظر عن إخلال الأستاذ بالأسس التربوية، وما تعرض إليه من استفزاز، وقرار التوقيف عن مزاولة عمله، والأمر باعتقاله احتياطيا وتقديمه للمحاكمة، فإن ما لا نجد له جوابا هو تعامل الوزارة بازدواجية المعايير، من خلال الترخيص للمفتش العام والمدير الإقليمي والمدير الجهوي، بزيارة بيت أسرة التلميذة، دون معاقبتها على ما أتته من حالة سلوكية منافية للتشريع المدرسي، وهو ما ساهم في تأجيج غضب أسرة التعليم.
في حين أننا لم نر أثرا لهؤلاء "الحكماء" في تقديم واجب العزاء، لأسرة أستاذ مادة الفرنسية رشيد خراز المتعاقد ضمن فوج 2017، الذي كان يعمل قيد حياته بالثانوية الإعدادية "التشارك" بالدار البيضاء، وتوفي بمستشفى ابن رشد يوم 11 ماي 2018، تاركا خلفه زوجة وثلاثة أطفال، إثر عجزه عن دفع مبلغ 45 ألف درهم مقابل إجراء عملية جراحية مستعجلة وعدم توفره على التغطية الصحية، بعد إصابته بانهيار عصبي أدى إلى شلل نصفي، على خلفية شنآن بينه وأحد تلامذته يوم 8 ماي 2018 ترتب عنه ارتفاع ضغطه الدموي وسقوطه مغمى عليه.
ترى كيف يطالب أستاذ متعاقد مبلغ 45 ألف درهم لإجراء عملية جراحية، والقانون 00-65 يلزم المشغل باستفادة الأجير من نظام التغطية الصحية الإجبارية؟ اليست الدولة ملزمة بتوفير الآليات الضرورية لحماية القوانين عوض خرقها، وتكريس الهشاشة في العمل والاستغلال السيء للأساتذة المتعاقدين؟ ثم أليس من الإجحاف والضحك على الذقون دعوة المتعاقدين إلى أن يكونوا في مستوى أداء الرسالة التربوية النبيلة والارتقاء بجودة التدريس، بمقتضى عقد يحرمهم من الاستقرار النفسي وكافة الحقوق الأساسية؟
والآن وبعد أن قررت المحكمة الابتدائية بخريبكة يوم 24 ماي 2018 تمتيع الأستاذ بالسراح المؤقت، جراء تنازل والد التلميذة المعنفة، هل ستراجع الوزارة قرارها مراعاة لمصلحة التلاميذ؟ ففي جميع الحالات، نحن نشجب بشدة كل أشكال العنف باعتباره آفة مجتمعية مذمومة، وندعو القائمين على الشأن التربوي والأسرة وجميع فعاليات المجتمع ووسائل الإعلام، إلى ضرورة الانكباب الجدي على معالجة الظاهرة، السعي نحو تعزيز العلاقات بين الأسرة والمدرسة وترسيخ الاحترام المتبادل بين التلاميذ وأساتذتهم…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.