بداية لا بد من الحديث أن أثر الربيع العربي في تحول التفكير نحو عمق الإشكالات التي ودوره أيضا في إعادة تشكل المنطقة على مستوى الولاءات والخطابات وأيضا على مستوى بنية التوجهات السياسية والتكثلات الاقليمية ، رغم محاولة إقباره والتخلص منه بداعي أنه فرق ومزق البلاد العربية باسم الاصلاح والتغيير . إن ما أحدثه الربيع العربي وقد كتب الكثير في هذا الموضوع ليشكل منطلقا نحو التفكير في نقط جوهرية أحدها زلزال وجد المنطقة العربية في مستويات من الاستبداد وحاول تغييرها انطلاقا من وعي الشعوب العربية وإدراكها أن التاريخ لا يقبل إلا برسم الآمال وتحقيق التطلعات في الديموقراطية والحرية والكرامة . أردت بداية الحديث عن الربيع العربي للحديث عن بنية المجتمعات العربية التي لا زلت عصية عن تحقيق التحول نحو الديموقراطية لما لهذه البينة من إشكالات عميقة ساهمت سياقات تاريخه في تشكيلها وبناء شخصيتها وهويتها . الجزيرة العربية : القبيلة والأدوار السياسية إن مجتمع الجزيرة العربية بدوله ككل مجتمع أقرب لأن يكون متجانس فلا ختلاف بين مجتمعات لا في اللغة والثقافة ولا في الدين ولا المذهب إلا استثناءات قليلة ، وما يجمعه أكبر من ذلك وتشكل الدول بعد الاستعمار ساهم في خفض صوت القبائل المتواجد بها والتي تطمح نحو السلطة والسيادة مقابل مبايعة أخرى ذات شوكة وقوة ، بالتالي فبنية المجتمع الخليجي ليست قابلة للتفكك سوى سياسيا ، فالجامع بينها اللغة والثقافة والتاريخ المشترك والمصير أيضا ، غير أن للقبيلة عدة أدوار أخرى مثل المساهمة في الانتخابات ودعم مرشح دون آخر كما بالنسبة لدولة الكويت . الشام : التعدد المذهبي والديني في الشام يلاحظ الكثيرون أن بينة المجتمعات المتواجد فيه عبارة عن فسيفساء تضم عدة طوائف وتكتلاته مذهبية وقاد ساهم الربيع العربي في أن تظهر وتطفو على السطح وقد برزت كصراعات مذهبية في سوريا ، كما أن للتعدد الإثني عبر القوميات المتواجد هنالك والتي لها عمق تاريخي وثقافي آخر ليس عربيا ساهم بشكل كبير في إظهار حجم الإشكالات التي تعاني منها مجتمعات الشام والتي لم تظهر ولم تطفو إلا مع محاولات تغيير الاستبداد بالحرية . مجتمعات شمال إفريقيا : الوحدة المذهبية والتنوع الثقافي لا بد من الاشارة أولا بأن المنطقة عرفت نوعين من مسارات التحول نحو الديموقراطية، الاساس في ذلك هو معرفة بأن المجتمعات المغرب العربي تتكون من عدة ثقافات لم تكن أبدا عائق نحو التحول الديموقراطي بل ساهمت بشكل كبير في عملية الانخراط به والدعوة له ، لأن بعضها كان مضطهدا وكان ينشد حقوقه وحرياته . إن إدراك طبيعة المجتمعات مهم لأدراك مسارات التغيير الذي تطح له شعوب المنطقة رغم الآلام التي أحدتها عملية التحول الديموقراطي ، والآمال والطموحات التي ما تزال لدى فئة عريضة من الشباب العربي من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية .