عثر علماء آثار بجهة "لا ليبرتاد"، الواقعة شمال البيرو، على رفاة أزيد من 140 طفلا، تتراوح أعمارهم ما بين 8 و12 عاما، تم تقديمهم كقرابين بشرية قبل نحو 550 سنة، وهو ما يجعل هذا الحدث الفظيع أكبر واقعة "تضحية" جماعية بأطفال في تاريخ أمريكا و ربما في العالم. وحسب مقال نشرته مؤخرا مجلة " ناشيونال جيوغرافيك،" وتناقلته وسائل الإعلام البيروفية، فبالإضافة إلى الأطفال تم العثور أيضا على 200 من صغار حيوان اللاما، وهو حيوان يعيش في أمريكا الجنوبية، و يرجح أنه ذبح لنفس الغرض في طقوس دينية على منحدر يطل على المحيط الهادي بجهة "لا ليبرتاد" بالقرب من تشان تشان، أكبر مدينة طينية في أمريكا وعاصمة امبراطورية تشيمو، التي صنفتها منظمة اليونسكو تراثا عالميا. وتظهر بقايا الهياكل العظمية للأطفال والحيوانات وجود كسور على مستوى الصدر، مما يرجح فرضية فتح صدر الضحايا وفصله لانتزاع قلوبهم. وقال غابرييل برييتو، من فريق البحث عن جامعة تروخيو، إنه بينما تم تسجيل حوادث المذابح البشرية خلال حضارات الأزتيك و المايا والإنكا في السجلات الاسبانية للحقبة الاستعمارية وتوثيقها في الحفريات العلمية الحديثة، فإن اكتشاف هذه المذبحة الجماعية للأطفال خلال حضارة تشيمو، التي لا يعرف عنها الكثير، يعتبر سابقة ليس فقط في القارة الأمريكية بل في جميع أنحاء العالم. ويقع موقع المذبحة، والمعروف رسميا باسم هوانتشاكيتو لاس ياماس، على جرف بنحو 300 متر من البحر، وسط توسع عمراني متزايد ببلدة وانتشاكو بإقليم تروخيو، عاصمة منطقة لا ليبرتاد. وعلى بعد أقل من كيلومتر ونصف إلى شرق "المعبد" يتواجد تشان تشان، المركز الإداري السابق لحضارة تشيمو، وخارج جدرانه تقع عاصمة الإقليم تروخيلو. وبدأت أعمال الحفر في هوانتشاكيتو لاس ياماس سنة 2011، عندما تم العثور على رفات 42 طفلا و76 حيوان اللاما خلال عمليات التنقيب تحت إشراف بريتو، عالم الآثار المنحدر من هوانتشاكو، الذي كان يقوم بعمليات حفر معبد يعود إلى نحو 3500 سنة، وأبلغه الأهالي عن وجود بقايا بشرية غير بعيد عن المعبد. وينكب الفريق العلمي على كشف تاريخ حياة الضحايا ومعرفة من هم ومن أين جيء بهم. وعلى الرغم من أنه يصعب تحديد جنسهم بناء على بقايا العظام، فإن تحليل الحمض النووي الأولي أشار إلى أن الضحايا كانوا فتية، كما أن تحليل النظائر يدل على أن ليس كل الضحايا هم من الساكنة المحلية بل قد يكون جيئ بهم من مختلف الجماعات العرقية ومناطق إمبراطورية تشيمو. وبعد هذا الاكتشاف في هوانتشاكيتو لاس ياماس، عثر فريق البحث على أدلة أثرية حول هوانتشاكو لمواقع مماثلة لمذابح أطفال وحيوانات اللاما، والتي هي موضوع البحث العلمي المتواصل.