ما يسمى في مغربنا الحبيب بالأحزاب السياسية ( أن صح ان نسميها سياسية)، عبارة عن لوبيات سياسية مختلفة من حيث مصالحها و أهداف من صنعها و مولها، أما التوجهات و المرجعية السياسية فلا وجود لها عند هذه التكتلات ذات المصالح المتضاربة أحيانا والمتفقة أحيانا أخرى. أول هذه اللوبيات، حزب صنعته الادارة ذات يوم واستعملته لكسر شوكة الأحزاب الوطنية ، وما زال يؤدي نفس الدور القدر الذي خلق من أجله،بل اعادت له الدولة قوته حيث سلطت عليه قارون هذا العصر ليسيره بدفاتر شيكاته المنتفخة وأوكلت له مهمة افشال مساعي رئيس حكومة منتخب ومعين من طرف الملك في تشكيل حكومته، فاصطنع بلوكاجاوظف فيه مزيدا من الكائنات الحزبية الأخرى ، وتسبب في توقيف مصالح البلاد لمدة سته أشهر، وفتح مستقبل البلاد على المجهول، واصطنع ازمة ديبلوماسية مع الجارة الموريتانية، في وقت يستعد فيه المغرب للرجوع الى اسرته الافريقية، لا يهمه ، ومن سار على نهجه ضياع مصالح بلده ولا تهديد استقراره، كل مايهمه هو ابعاد من كان عقبة في تغوله وجشعه المفرط على حساب أبناء الشعب المقهور. وثانيها حزب كان الى وقت قريب وطنيا تلتف حوله الجماهير الشعبية ، قبل أن تتدخل السلطة لتطويعه واعادته الى بيت الطاعة ، مستغلة جشع وطمع نخبه الذين اغرتهم لذة الكراسي ، وسلطت عليه مؤخرا (مافيوزا محنكا)، اشتغل لمدة خمس سنوات في تكسير عظامه وقص أجنحته وتحويله الى جماعة وظيفية في يد السلطوية تحركه كيفما شاءت. أما ثالثهم، فسرطان حزبي ارتكب زعماؤه جرائم وصفت بالخطيرة في حق الدولة والشعب بأكمله، واغتصبوا رئاسة الجماعات ممن فازوا بها، وأدخلوا الأبرياء للسجون وتورط زعيمهم في اشعال فتيل مخيم أكدمزيك الذي كاد أن يحرق الأخضر و اليابس ويعرض استقرار البلد بأكمله للخطر، قبل أن تأتي رياح الربيع العربي لتدفع بقادته الى الفرار الى خارج الوطن، الى أن تستقر الأوضاع ليعودوا مجددا لممارسة جرائمهم المعهودة و بتنسيق وتعاون مع أيادي اجنبية قد تكون لها مصلحة في عدم استقرار الوضع في البلد. أما البقية الباقية فلا يمكن وصفها بالأحزاب لانعدام أية عقيدة سياسية لديها، اللهم كونها كائنات طيعة تنفذ أوامر أسيادها مقابل التمكين لرجالاتها و الحفاظ على مصالحهم. مثل هذه الكائنات الحزبية التي لا تهمها سوى مصالحها الضيقة ، فبعضها لم يتوانى في استغلال قضية وحدتنا الترابية لابتزاز شعب بأكمله من اجل الدخول للحكومة ضدا على ارادة رئيسها، واستغلال أيضا حاجة البلد للمصادقة على القانون المؤسس للاتحاد الافريقي، من أجل اختطاف رئاسة مجلس النواب، دون أن يملكوا ذرة من حياء. أما البعض الآخر فيضم في صفوفه أثرياء يتهربون من تسديد الضرائب، ويستغلون نفوذهم لسن قوانين على المقاس لمراكمة الثروات على حساب البؤساء من أبناء الشعب. هذه الكائنات التي حالها هكذا، لا يمكن التعويل عليها في الدفاع عن القضية الوطنية الأولى ، و لا يمكن لها أن تخلق اجماعا وطنيا لانعدام شرط الاخلاص ، ثم لفقدانها المصداقية لذى الجميع. لم يبق في الأخير الا صوت الشعب الذي لا يعرف المناورات ، الى جانب القوى الحية الغيورة على بلدها موحدين وراء جلالة الملك في الدفاع عن بلدنا والاستعداد لأن نفديها بأموالنا و أرواحنا، لأن وطننا لا يقبل ان نساوم من أجله، كما يجب علينا أن نعطيه بدون مقابل، ولا نأخذ منه الا بمقابل بسيط، لأن الوطن أولا و الوطن ثانيا و الوطن أخيرا و الوطن قبل كل شيء، وصدق المثل القائل:"عندما يبتلى الوطن بالحرب يستدعون الفقراء للدفاع عن الوطن ، وعندما تنتهي الحرب ، يستدعى الأغنياء لتقاسم الغنائم ونهب الثروات المتبقية". تصبحون على وطن آمن توزع فيه الثروات بالعدل بين أبنائه.