التراث الثقافي الحساني، تراثا يربط حاضر الأمة بماضيها، ويعزز حضورها في الساحة الثقافية الوطنية والعالمية. وليس بمعالم وصخورا وآثارا فحسب، بل هو أيضا كل ما يؤثر من تعبير غير مادي من فولكلور وأغان وموسيقى شعبية وحكايات ومعارف تقليدية تتوارثها عبر أجيال وحقب وعصور، وكذا تلك البقايا المادية من أوان وحلي وملابس ووثائق وكتابات جدرانية وغيرها، إذ كلها تعبر عن روحها، ونبض حياتها وثقافتها. مما يتطلب تعزيز التراث المادي وغير المادي لدى المجتمعات المحلية، والوعي بأهمية ودور تراثها للتعليم من أجل التنمية المستدامة، من خلال توثيق النظرات الثاقبة المكتسبة وتقديم عدد من المقترحات لاتخاذ إجراءات في المستقبل، ومن منطلق راهنية القضايا والأسئلة التي تطرحها بهدف مقاربة التحولات العميقة والمتسارعة التي تشهدها الأقاليم الجنوبية على المستوى الاجتماعي والثقافي. و باعتبار الثقافة أساسية لتحديد الهوية الوطنية لأي بلد، وبعدا أساسيا للتنمية المستدامة، نجد أن الدستور المغربي لسنة 2011 تناول الثقافة والمسألة الثقافية، من زوايا مختلفة يمكن إجمالها في أربعة مستويات، وهي: الثقافة في الهوية الوطنية؛ التعدد اللغوي والثقافي؛ الحقوق الثقافية؛ والثقافة كبعد من أبعاد التنمية. تأكيدا على الدور الذي تؤديه الثقافة بوصفها محركاً وميسراً للتنمية المستدامة والتي تأخذ بعين الاعتبار مبادئ التنوع الثقافي . ففي الفقرة الثانية من الفصل 5 من دستور 2011 نصت على أن " تعمل الدولة .على صيانة الحسانية باعتبارها جزءأ لا يتجزأ من الهوية الثقافية المغربية الموحدة و على حماية اللهجات و التعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب كفرع يدخل ضمن اللهجات والتعبيرات الثقافية التي ميزها النص الدستوري والإرادة في بلورة سياسة واضحة من اجل التأطير المؤسساتي للسياسة الثقافية وتدبير التعدد اللغوي والثقافي، من خلال التنصيص في الفقرة الأخيرة من الفصل الخامس على إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، والتي تحدد مهمته الأساسية في حماية وتنمية اللغات العربية والامازيغية، والحسانية مختلف التعبيرات الثقافية المغربية، تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا مركزيا، وتمديدها إلى المستوى الجهوي والمحلي وجعلها تتولى وضع السياسة الثقافية على صعيد الجهات خصوصا لان الثقافة تعتبر محورا أساسيا من الجيل الثاني لحقوق الإنسان . ومن هنا نأمل برد الاعتبار للخصوصية الثقافية الحسانية والموروث الثقافي في مجالات عدة اعلاميا، سينمائيا وتعليميا عبر انشاء معاهد ذات توجه ملكي سامي كما جاء في الخطابات الملكية، ثقة في الانسان الصحراوي وقدرته الكبيرة على الابداع والعطاء في اطار الخصوصية الصحراوية كون المعرفة بالتاريخ وبالثقافة وبالمجال والجغرافيا لا يمكن ان تتحقق بدون الانسان الصحراوي الحساني ذو الامكانات والوسائل من بينها الاستثمار في برامج تأطيرية وتأهيلية ذو استمرارية لتحقيق تنمية حقيقية حيث تعد الثقافة من أهم العوامل الأساسية التي تحقق التنمية المستدامة أو التنمية المحلية فلم تعد التنمية الاقتصادية هي التنمية الوحيدة التي تشبع رغبات الإنسان وتسعده ماديا ومعنويا بل الإنسان في حاجة إلى تعزيز رغباته الأدبية والفنية والروحانية والنفسية وهذا ما توفره الثقافة للإنسان، لأننا اليوم أصبحنا نتحدث عن سياحة ثقافية، سياسة ثقافية، واقتصاد ثقافي ومجتمع ثقافي وكائن بشري ثقافي. *باحثة فالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان / رئيسة جمعية التراث المادي واللامادي بالأقاليم الجنوبية