كالتلميذ المجتهد داخل مؤسسته الذي تُكْتبُ له الخطابات ليلقيها في المناسبات و الحفلات المدرسية، انطلق زعيم الحمائم في سرد خطاب أُخْتيرت عباراته بدقة عالية وتُرْجِمت الى الدارجة المغربية كما تُتَرجم المسلسلات المكسيكية و البرازيلية و التركية ، في حلقات طويلة يمل منها المشاهدون انطلق في سرد كلمات خطابه المكتوب ، وهو لا يكاد يفارق الورقة التي كُتِبَت له. يبدأ الزعيم المدلل خطابه بتحية سرب الحمام الأزرق الذي أوتِي به ليؤثث جنبات مسرح الهواء الطلق بأكادير، مبشرا بعرض سياسي جديد قوامه الديموقراطية الاجتماعية كإنجاز غير مسبوق ، ومبشرا بانبعاث الحمائم الأحرار بعد نومة أهل الكهف العميقة ليجدوا المغرب وقد نفر الشباب و النساء و الشيوخ من السياسة و السياسيين، و الأحزاب السياسية لم تعد تقوم بدورها في تأطير المواطنين مما سمح لتيار العدمية و اللامبالاة كي يتوسع وينشر اليأس و الاحباط في صفوف الشباب و عموم المواطنين. ان الزعيم المدلل يعدكم أن يخلصكم من شبح البطالة حيث سيحدث أكثر من مليوني فرصة عمل مع حلول 2025، أما أزمة التعليم فحلها بيد من لا تعجزه الحلول، لقد وعد بتعميم التعليم الأولى على جميع الأطفال ابتداء من أربع سنوات وتكوين جميع الشباب للولوج لسوق الشغل ، مع جعل المغرب بلدا صناعيا بامتياز، دائما مع حلول 2025 أي نهاية الولاية الحكومية ل2021 التي وعد بتصدر نتائجها ، فلا تخلفوا وعده. اياكم أن تعتقدوا أن الأحرار الذي عرفتموه في جل الحكومات المتعاقبة ، هو أحرار اليوم، كلا ، ان أحرار اليوم حزب جديد انبعث بعد نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة ، وشعاره المعقول و الصدق في القول و العمل ، اذا التزم بشيء نفذه، ألم تروا الصحافي المزعج الذي لم يكترث للتحذيرات المتتالية التي وُجِّهت له، واستمر في غيه ، ها نحن التزمنا بما تعهدنا به عندما قلنا في أحد خطاباتنا : (رَاهْ خْدْمْتْنَا غانْدِيروها) وها نحن وفينا. فلا تخلفوا الموعد في 2021، فالخير أمامكم كثير. ولكن لا تتعمدوا ذكرنا بسوء ولا تحرضوا علينا بعض الأقلام المزعجة و لا الجيش الالكتروني الذي لا يتوانى في النيل منا ومن سمعتنا، فنحن لا نقوى على النقد ولا نحسن التصرف مع المخالفين و المعارضين وحتى المشاكسين، كل ما نحسنه هو سياسة الاسكات وتكميم الأفواه، ان استطعنا بالمال فعلنا ، وان لم نجد فالشكايات الكيدية موجودة و الضحايا كُثُر. هذا هو الزعيم الجديد الذي يراد له أن يبرز بعد أن يختفي الزعيم الحقيقي الذي يعرف كيف يصنع الانتصارات ، زعيم مواصفاته مدلل ووديع، ومنهجه الابتزاز ووضع الاشتراطات في سبيل تحقيق مراده، ولن يتوانى في نهج سياسة تكسير عظام من يعتبره خصما أو منافسا في سوق السياسة. ولن يتحقق مراده الا اذا استمر قادة العدالة و التنمية في دس رؤوسهم في الرمل منشغلين بتمديد آجال الاستحقاقات التنظيمية تاركين الساحة لمثل هؤلاء لاستعراض العضلات في انتظار أن تكون الفرصة سانحة من أجل اعادة توزيع الكعكة لصالحهم. أما اذا استنهض الحزب هممه واستجمع قواه وفتح المجال لقادته، ومنهم الزعيم بنكيران ليخاطب المواطنين بلغة الصدق ، فلن نكون آنذاك الا أمام زعيم من ورق سرعان ما سيذوب وينمحي مع أول نقطة غيث تنزل على ساحة السياسة الراكدة.