المقدمة: تتزاحم على الطلبة في مرحلة الإمتحانات الشدائد النفسية بين ضيق ورهبة وفرح وقلق، ومن الطبيعة البشرية أن يقع اضطراب مع أوقات الشدائد فننسى الأصل إلا من رحم ربي، أصل طلبنا للعلم في ماهية النية والهدف الذي نطلبه لأجله، بمعرفة الأصل تهون الشدائد وتذوب، أصل يكمن في رجوعنا إلى الله تعالى عز وجل وقت الشدة، يا أُخَيَ ويا أُخَيتي عندما نسمع صوتا بدخلنا يقول: ضاق الوقت_لن أقدر_سأنسى كل ماحفظته…إلخ، واجهه بالقول إن النتيجة ليست من اختصاصي التفكير فيها، بل هي من تدبير الله وتقديره ومنه وكرمه، والكريم إذا بدأ أتم وحاشاه تعالى أن يخيبني، ما علي هو أن أجمع قوايَ للعمل، القيام بالسبب وظيفتي، والكمال من الله تعالى، ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَااسْتَطَعْتُ وَمَاتَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾، لا ينقصني وإياكَ أخي وإياكِ يا أختي إلا اليقين في الله في عونه وفتحه لمغالق أقفال عقولنا وقلوبنا، نثق في الله بتوفيقه تعالى ونتوكل عليه قياما بالسبب ثم نرجع إليه بعد السبب وقولِ لَه تعالى وما نجاحي إلا بك ومنك وإليك، أتجرد من حولي وقوتي وأفتقر له تعالى منكسرا باسطا ذراعي رافعهم إليه: (وَإِذَاسَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوالِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون)، الدعاء مفتاح النجاح شرط الإستجابة للأمر العلي بالعمل والجد والإجتهاذ وبذل النفس. من هو الطالب: عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)، بين دفتي هذا الحديث الشريف توجد منزلة طالب العلم ومقامه عند العلي القدير العليم تعالى عز وجل، طالب العلم هنا هو السالك إلى الله عن طريق العلم طريق ورثة الأنبياء، فلماذا كل هذا القدر والتعظيم الذي خص به تعالى عز وجل طالب العلم؟ يجيبنا ربنا تعالى في هته الآية: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَايَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الْأَلْبَابِ)، الغاية من طلبنا للعلم يجب أن نجدد فيها النية لنبلغ هذا المقام الذي ذكره الحق العليم في هذه الآية وهو التذكر والتفكر في خلقه تعالى في عظمته عز وجل في قدرته وما هو أكبر التفكر في كل ما ينالنا النظر إلى وجهه تعالى عز وجل، من هم أولو الألباب؟ نجد في تفسير الطبري (إِنَّمَايَتَذَكَّرُأُولُوالألْبَابِ) يقول تعالى ذكره: إنما يعتبر حجج الله، فيتعظ، ويتفكر فيها، ويتدبرها أهل العقول والحجى، لا أهل الجهل والنقص في العقول. فكيف أتدبر وأنا جاهل بنواميس الله ونواظمه ونظمه، أنت أيها الطالب رفعك الله قدرا ومقاما حيث جعلك الله يا أخي وجعلكِ الله يا أختي في عنايته وكنفه فلا تحمل هما توكل واعتمد عليه تعالى ودليل عنايته لك يا أخي ويا أختي هو ما جاء في هذا الحديث الشريف عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا: عَابِدٌ وَالْآخَرُ عَالِمٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْض حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا ، وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ"، هذا كرم وأي كرم، وقد جاء في الأثر عن أهل العلم ما جاء من تعظيمهم للعالم والطالب نأخذ نموذجا من سفيان الثوري رحمه الله حين قال: "الرجل إلى العلم، أحوج منه إلى الخبز واللحم" وهذه صورة أخرى لتعطيم العلم وطالبه نمتحها من شعر الشاعر الصادق الرمبوق كيث يقول: لِدَوْحِ الْعِلْمِ يَشْرُفُ الاِنْتِسَابُ ... وَيَعْظُمُ فِي مَنَاقِبِهِ الطِّلاَبُ لَدَى الْعُقَلاَءِ لِلْقَلَمِ اعْتِبَارٌ ... وتَقْدِيسٌ وَوَصْلٌ وَاقْتِرَابُ هُوَ النَّفَسُ الَّذِي يُبْقِي حَيَاةً ... هُوَ الصُّلْبُ الْمُقِيمُ هُوَ الشَّرَابُ يَزِيدُ الْعِلْمُ مَنْ رَفَعُوهُ عِزّاً ... وَنِعْمَ الْعِلْمُ لِلْمَجْدِ الرِّكَابُ ماهو الإمتحان: كثيرا ما تتضارب على مسامع الطلاب في فترة الإمتحانات قولة: يوم الامتحان يعز المرء أو يهان، أخي أختي ما هذا الرعب من الإمتحان إلا هاجس نفسي تراكم في عقولنا وخيم على قلوبنا، الإمتحان ليس إلا اختبارا تختبر فيه، في معلوماتك التي حصلتها وهو جهاد وأي جهاد والجهاد أعلى مراتب الدين والجهاد أن تبذل الجهد والوقت والمال والنفس، وأنت يا أخي وأنت يا أختي تقومان بهذا العمل وتكدان وتجتهدان كل على قدره لا ينقصنا يا إخوتي إلا تجديد النية، لماذا أسهر لماذا أتعب؟ هل لأنجح وأحصل على وظيفة؟ أم تعبدا وتقربا لله؟ ليس العيب أن أتطلع للحصول على وظيفة لكن لا يجب أن أجعلها أسمى الغايات وأرقاها وأولها، لأن الرزق مؤمن لك عند الذي خلقك رزقك آت لا ريب فيه، يكفينا أن نتفرغ لما خلقنا له أن نعبد الله لنعرفه، والله تعالى يسر لنا طريقا نسلك له من خلاله وهو طلب العلم، لنتب ونجدد العزم مع الله تعالى ونجدد النية والوجهة والهدف، وما فتح ربنا ببعيد، وما يجب أن أشغل قلبي به هو هذا كيف أكتمل راشدا في ظروف سفيهة؟، كيف أخرج من هذه الدنيا سعيدا بسعادة أهل الجنة؟ كيف أعبر مخاضة حياة أنا فيها مظلوم مكبوت مقهور؟ بأية عقيدة؟ لأية غاية؟ لأية أهداف؟ مع أي سراب؟ بأي أخلاق؟، لا نهون ولا نهول ومن توكل على الله فهو حسبه. خاتمة: نختم دردشتنا معكم أحبتي بتذكير بعضنا بتوفيق الله بتأملنا في عنوان المقال الذي جاء بين قوسين (ففهمناها سليمان) هته الآية تحمل خلاصة كل ما جئنا به، ومفادها أن التوفيق والسداد بيد الله، وما علينا إلا التوكل عليه باتخاذ الأسباب كاملة غير منقوصة، ثم نتوجه بالتضرع والدعاء منكسرين مفتقرين، ربنا ببركة ففهمناها سليمان افتح لنا مغالق عقولنا وقلوبنا ولا تكلنا إلى أنفسنا والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.