من منطلق إيمان المملكة المغربية بالسلم والتعايش، كمبدأ أزلي بين أهل الأديان السماوية والثقافات المتعددة، سعى المجلس الجهوي لجهة العيون الساقية الحمراء إلى العمل، بكل الوسائل الحضارية المتاحة، إلى خلق إشعاع ثقافي عالمي لثقافة الصحراء المغربية، ووجد في الشعر كمكون ثقافي مساحات سلام لبناء جسر مدّه إلى المسالمين المتعايشين في إخاء عبر العالم. وبعد تفكير جماعي، ثقافي، طويل، استقر رأي إدارة مهرجان العيون للشعر العالمي في دورته الثانية، برئاسة الدكتورة فاطمة الليلي، مديرة المهرجان المُنظم تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس في موضوع: "دور الشعر في ترسيخ قيم السلم والتعايش"، الذي يشارك في فعالياته عدد من الشعراء العرب وغيرهم، ضمنهم الشاعر هاشم الجحدلي، الذي وصل إلى العيون من المملكة العربية السعودية، محملا بقصائد ديوانه: "دم البينات"، التي سما بها شاعرنا بين جمهور الحاضرين حتى بلغ حر التصفيقات حبا وتشجيعا واعجابا. فبين قصيدتي "تهافت النهار" و "معلقة المرأة"، يروي الشاعر حكاية مساره الشعري السعودي، العربي العالمي، حاملا باقات شعرية مشكلة بلانهائي الأشكال والألوان، يناجي بها السلم والحب والتعايش، سابحا بشعريته الفصيحة تحت ضياء نور القصيدة، عائدا بها "من مساء قديم بين جيمين من جنة وجحيم حتى مادت الأرض بالشاعر فتهاوى في الماء بعضه يرمم بعضه الرميم، شبه مندثر لم يدثر دمه غير العذاب العميم الذي يملأ القلب والطرقات، ويسلم الشاعر للنهار الذي لم يكن بالتقي ..". وهو على منبر القصيدة يتلوها شعرا متناسقا متراصا كصف الرجال في رقصة "العرضة" السعودية، يتمايل شوقا وذوقا، يرويه شكلا ويحكيه مضمونا، بصوت هادئ دافئ لا يكل سامعه ولا يمل، حتى أضحى شاعرنا الجحدلي وسط قاعة المؤتمرات بمدينة العيون يطلق قصيدته: "معلقة المرأة"، متسائلا من خلال نصها عن الفرق بين اليم واليمامة؟ والملح والمليحة؟ والواحدة والوحيدة؟ هاربا من لغو اللغة والتباس الجناس، راسيا بسفينة الشعر على مرفأ الخلاص.