يصادف 2 من نوفمبر من كل عام الذكرى السنوية لصدور وعد بلفور المشؤوم والذي يعرف بوعد من لا يملك ....لمن لا يستحق. 99 عام هو عمر هذا الوعد الذي أصدرته الحكومة البريطانية عام 1917 بإنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين. وقبل هذا ترجع الفصول الأولى لفكرة انشاء وطن خاص باليهود ، يجمع شتاتهم وياويهم من الفرقة التي حلت بهم وأصبحوا شيعا في دول العالم. وتجلى ذلك في خطاب نابليون الذي وجهه إلى يهود الشرق ليكونوا عونا له في هذه البلاد ... وقد كان لهذه الدعوة قبول لدى الكثير من اليهود ، فقد كتب المفكر اليهودي ( موسى هس) يقول: إن فرنسا لا تتمنى أكثر من أن ترى الطريق إلى الهند والصين وقد سكنها شعب على أهبة الاستعداد لأن يتبعها حتى الموت .... فهل هناك أصلح من الشعب اليهودي لهذا الغرض . هذه الدعوة وغيرها سواء أكانت بخلفية دينية أو سياسة أو توسعية تضعنا أمام سياقات تاريخية لما قبل وعد بلفور ؛ والتي لا يسمح المقام بذكرها في هذه التدوينة . إذ جاء وعد بلفور ليضع المشروع الصهيوني في مساره المتوافق مع إنشاء الدولة اليهودية . فلقد ساهمت بريطانيا بكل ما تملك من أجل هذا المشروع والذي حققت من خلاله التمكين لهذا السرطان الذي عجزت كل الدول الأخرى عن تحقيقه الدوافع الحقيقة بوعد بلفور . لقد كآن اهتمام بريطانيابفلسطين مبكرا وكان لأسباب اقتصادية إلا أنه هناك اسباب أخرى تكشف عن التماهي بين بريطانيا والحركة الصهيونية ويمكن تلخيصها في : 1 / تحقيق ما يعتقد أنه تعاليم المسيحية فتصاعد النزعة الصهيونية المسيحية جعل فكرة عودة اليهود إلى أرض فلسطين تبرز بقوة كشرط لعودة المسيح عليه السلام ودخول اليهود في المسيحية وبالتالي نهاية العالم . 2 / التنافس الإمبريالي على السيادة والمصالح الاستراتيجية . ففي الوقت الذي كان لفرنسا موطأ قدم في فلسطين بعلاقتها مع المسيحين الكاثوليك هناك وروسيا بعلاقتها بالاورثوذكس فإن بريطانيا لم يكن لها من بين السكان الأصليين حليف ، وهو ما جعلها تسعى إلى تعقد تحالفا مع الصهاينة 3 / المركز المالي لليهود في العالم وما كان له من أثر في كسب الحرب لصالح الحلفاء 2 . 4 / تنفيذ الوعد الذي قطعته بريطانيا لحاييم وايزمن ( اول رئيس للكيان الصهيوني ) بإنشاء وطن قومي لليهود حين تمكن وايزمن من تحضير مواد متفجرة وعرضت عليه الحكومة البريطانية بوطن قومي في فلسطين مقابل حق إنتفاع الجيش البريطاني بالجلسرين المبتكر لصناعة المتفجرات . هذه جملة من الأسباب المعلنة والخفية ذات الأغراض السياسية أو الاقتصادية أو الدينية ، ثم إن وعد بلفور ليس أول أو آخر وعد يقدم لليهود عبر التاريخ. وإنما هو جزء من سلسلة طويلة. جزء من التحالف الدولي على شعب وعلى أرض وعلى مقدسات . لقد وجد اليهود اليوم من يعدهم بأكثر من وعد بلفور وهم الأمريكان الذي يعلنون في كل ساعة عن وعد جديد بحماية هذا الكيان و دعمه سياسيا وعسكريا و اقتصاديا وغيرها. واخيرا وبالرغم من كل ما تحقق بفعل هذا الوعد فإن كثيرا من السياسيين والمؤرخين يدفعون ببطلانه ، وبالتالي بطلان كل ما ترتب عنه من مغالطات وأكاذيب فلم تكن فلسطين عند صدور الوعد جزءا من ممتلكات بريطانيا. وعلى هامش الذكرى 99 واستشراف 100 عام على هذا الوعد الذي كان سببا في ما نراه اليوم في غزة والقدس وغيرها ليس سوى مرحلة من عدة مراحل ذاق الفلسطينيون فيها الألم والظلم والطغيان على يدي الصهاينة الذي ثبتوا دعائم وجودهم بفرنساوبريطانيا وأمريكا وغيرهم بسبب هذا الوعد والوعود الأخرى لكن مقاومة الاحتلال من طرف الشعب الفلسطيني هي الجواب عن الحلول . الهوامش 1 البعد الديني في وعد بلفور - محمد السماك . 2 داود عبد الله ندوة عامة في مقر مجلس العموم البريطاني بعنوان . وعد بلفور ودوره في نشوب الصراع / 2 / 11 / 2002 . بلال كركيش / باحث وفاعل في قضية فلسطين بالمغرب