بعد أسبوع من المشاورات التي أطلقها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية منذ تعيينه من طرف الملك محمد السادس رئيسا للحكومة المغربية للمرة الثانية على التوالي، رحبت جل الأحزاب التي لبت الدعوة وحلت بمقر المصباح بحي الليمون، بفكرة المشاركة في الحكومة الثانية بعد دستور 2011، فيما ظل موقف أحزاب أخرى غامضا وغير معلن في انتظار تصفية أمورها الداخلية. ورحبت بطريقة أولية أحزاب: التقدم والاشتراكية، والاستقلال، والاتحاد الدستوري، والحركة الشعبية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بفكرة مشاركتها في التحالف الحكومي المقبل، وعبر حزب الحركة الاجتماعية الديمقراطية عن عزمه مساندة الحكومة نقديا. فيما قرر حزب التجمع الوطني للأحرار عدم التعبير عن أي موقف في انتظار تنظيمه لمؤتمره الوطني الاستثنائي أواخر الشهر الجاري، لانتخاب أمين عام بدل صلاح الدين مزوار الذي قدم استقالته، وفي مقابل ذلك رفضت أحزاب فيديرالية اليسار الديمقراطي لقاء ابن كيران، واعتبرت أن اللقاء ليس له أي جدوى ما دامت ترفض المشاركة في حكومة يرأسها حزب العدالة والتنمية. وعرفت كل اللقاءات التي خاضها ابن كيران مرفوقا بسعد الدين العثماني مع الأمناء العامين للأحزاب المستجيبة للدعوة ومرافقيهم، تفاعلا إيجابيا من الطرفين كان واضحا من خلال التصريحات الإعلامية عقب كل لقاء تشاوري، مما جعل الخريطة الحزبية للحكومة المقبلة غير واضحة. المشاورات ناجحة والابتزاز مرفوض في مناسبتين اثنين عبر الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران، عن رفضه للابتزاز من طرف أي من الأحزاب الراغبة في المشاركة في الحكومة المقبلة، وأكد أنه ليس خائفا من تشكيل الحكومة وفشله في تكوين أغلبية، بقدر ما هو خائف من عدم احترام الإرادة الشعبية. كما عبر ابن كيران خلال اجتماعه بأعضاء الأمانة العامة لحزبه لتقييم نتائج المشاورات مع زعماء الأحزاب السياسية، أن هذه الأخيرة عرفت نجاحا كبيرا، مشددا على أنه سيحرص على حماية التحالف الحكومي المقبل من أي صيغة قد تضر باختيار المواطنين. واعتبر أعضاء الأمانة العامة لحزب المصباح أن محطة 7 أكتوبر لم تكن سهلة، مثمنين في السياق ذاته التوجه الذي أخذته الدولة بشأن عدم التلاعب في نتائج الانتخابات بالرغم من الظرفية الدولية والإقليمية كانت تسمح بهذا الأمر، مشيرا أن أعضاء الأمانة العامة خلصوا إلى أن احترام الإرادة الشعبية وعدم تزوير الانتخابات بات مكسبا حقيقيا في المغرب. كما شددت الأمانة العامة على ضرورة تشكيل تحالف حكومي وفق برنامج واضح، أساسه تحديد الأولويات ومواصلة الإصلاح الذي بدأته الحكومة في ولايتها الأولى، كما حصل إجماع داخل الهيئة التنفيذية العليا في الحزب على تواجد حزب الاستقلال في الحكومة المقبلة، وسط إشادة حميد شباط في التصدي لتهديدات إلياس العماري، بعد أن هدده باستعمال "ملفات" ضده في حالة قرر التحالف مع العدالة والتنمية. بيجيدي ينهي خلافاته مع جميع الأحزاب وقال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران إن "النزاع والخلاف مع مجموعة من الأحزاب السياسية خلال السنوات الماضية، أصبح الآن وراء ظهورنا، ليس مع البام فقط بل مع الجميع"، مشيرا أن الوسط السياسي ليس سهلا، وأنه كان ينوي فتح المشاورات الأولية بشأن تشكيل الحكومة مع أحزاب الأغلبية السابقة لولا ما وقع بحزب التجمع الوطني للأحرار. وأوضح ابن كيران في لقاء مع برلمانيي حزبه نهاية الأسبوع الماضي، أن الأمانة العامة اتفقت على عدم توجيه أي استدعاء للتشاور مع حزب الأصالة والمعاصرة، لأنه "مكاينش علاش والسلام"، بحسب تعبيره، مشيرا "أننا في حزب العدالة والتنمية رسمنا خطا أحمر بعدم التحالف مع البام، فيما حزب الأصالة والمعاصرة هو أيضا رسم خطا مماثلا بشأن التحالف معنا ولذلك لا داعي لاستدعائهم كباقي الأحزاب". وأضاف ابن كيران أنه سيستقبل الجميع من غير حزب الأصالة والمعاصرة، مبرزا أن حزب الاتحاد الاشتراكي من الأحزاب التي سيدخل معها في اتصال وسيتحدث إليها بشأن التحالف، مؤكدا أنه لا يعرف إن كانوا سيقبلون بعرض الحزب وسيدخلون الحكومة أم لا. الوفاء يجمع الشيوعيين بالإسلامين مرة ثانية حزب التقدم والاشتراكية بدا حاسما موقفه من المشاركة في الحكومة المقبلة، وفاءً بالتعاهد الذي عقده مع حزب العدالة والتنمية قبل الانتخابات التشريعية الماضية، بأن يكونوا معا في الحكومة أو في المعارضة، وهو ما بدا جليا من خلال امتناع الأمين العام للحزب الشيوعي نبيل بنعبد الله من الإدلاء بأي تصريح للصحافة قبل لقائه بابن كيران، مكتفيا بجملة واحدة مضمونها أن "اللقاء لا يمكن إلا أن يكون إيجابيا". وعقب اللقاء التشاوري، أكد بنعبد الله أنه كان مناسبة لتبادل الآراء والمقاربات فيما يتعلق بالتجربة الحكومية المقبلة، مشيرا أن اللقاء "تم انطلاقا من رصيد مشترك وتجربة مشتركة كانت لنا، في الحكومة الحالية المنتهية ولايتها، وتم ذلك كذلك انطلاقا من جو من الوئام والتفاهم، العميق وانطلاقا من المقاربة المشتركة التي استطعنا بناءها طيلة 5 سنوات التي مرت". وأضاف بنعبد الله، في تصريح للصحافة، أنه وعلى هذا الأساس، أن الحزب، يقارب إيجابا موضوع تشكيل الحكومة المقبلة، على أساس "أن الأسباب التي ساهمت في مشاركتنا في تجربة 2011 هي نفس الأسباب، -وربما توطدت أكثر- بحيث ستجعلنا نقارب إيجابا موضوع المشاركة في الحكومة المقبلة". وتابع بنعبد الله بالقول، "نتمنى أن يتأتى للحكومة تحت قيادة ابن كيران أن تتشكل، وعلى هذا الأساس تبادلنا الآراء حول مختلف المقاربات الممكنة"، مضيفا، أن لقاءات في القريب العاجل، ستُعقد حيث "سنعود إلى هيئاتنا المسؤولة في الحزب من أجل اتخاذ الموقف وترسيم الموقف النهائي الذي ينطلق من مقاربة إيجابية، ومناقشة البرنامج الذي سنتفق عليه وكذا الميثاق الأخلاقي الذي يتعين أن تتأسس عليه الأغلبية المقبلة" يقول المتحدث ذاته. "مصلحة الوطن" تدفع الميزان لدخول الحكومة أكد الأمين العام الاستقلال، حميد شباط، تواجد حزبه في الحكومة المقبلة برئاسة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران، مشيرا أن اللقاء الذي جمعهما "مر في أجواء أخوية وستتبعه لقاءات أخرى من أجل مزيد من التشاور". وقال شباط في تصريح للصحافة، عقب اللقاء التشاوري الذي احتضنه المقر المركزي لحزب العدالة والتنمية بالرباط، إن حزب الاستقلال حزب وطني ولن يكون إلا في الموقع الذي يخدم مصلحة الوطن، مشيرا إلى أن اللقاء لم يتم التطرق للمناصب أو غيرها من التفاصيل وأنه كان فقط لقاء لتبادل وجهات النظر المختلفة. وأضاف شباط أن جولات المفاوضات الأخرى سيتم من خلالها التطرق إلى القضايا الأساسية التي تهم تشكيل الحكومة، معربا عن أمله في أن تكون الحكومة منسجمة وتعبر عن تطلعات المواطنين. وأوضح شباط أن حزب الاستقلال دائما يكون إلى جانب المصلحة العليا للوطن، مبرزا أن النقاش كان في مستوى عال من المسؤولية وهم مابعد تشكيل الحكومة، مضيفا في رد على سؤال حول دخول الحكومة بشكل رسمي قائلا: "واش كنديرو حنا هنا؟". في السياق ذاته، قررت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، دعوة المجلس الوطني للحزب للانعقاد في دورة استثنائية، وذلك يوم السبت 22 أكتوبر الجاري، وذلك بعد تأكيد الأمين العام للحزب، حميد شباط، مشاركته في الحكومة المقبلة إلى جانب حزب العدالة والتنمية. وأوضح عادل بنحمزة، الناطق الرسمي باسم حزب الميزان، أن عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني للحزب يوم 22 أكتوبر، يأتي لبحث موقف الحزب من الوضعية السياسية في البلاد بعد الانتخابات، حيث من المتوقع أن يزكي المجلس ما أكده شباط بخصوص مشاركة الحزب في الحكومة المقبلة. بعد القطيعة.. تغازل بين الوردة والمصباح لم يخل اللقاء التشاوري الأول الذي جمع بين قيادتي حزب العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي، من إشارات سياسية تنبئ بقرب عودة الدفء إلى العلاقة بين الحزبين بعد سنوات من القطيعة، إثر رفض حزب الاتحاد الاشتراكي المشاركة في حكومة ابن كيران الأولى سنة 2011. وعلق رئيس الحكومة ابن كيران عن المدة الزمنية التي استغرقها اللقاء التشاوري والتي فاقت مدتها ساعة ونصف، أنه لم يتحدث مع لشكر منذ مدة طويلة وأن 15 دقيقة لن تكفي لاسترجاع "ذكريات الصداقة القديمة"، بحسب تعبيره. لشكر لم يفوت الفرصة أيضا، وقال إن "المشترك بيننا يمتد لأكثر من ثلاثين سنة، فالذكريات والأحاديث الممتعة التي جمعتنا هي التي جعلت مدة اللقاء تطول وليس المفاوضات"، رافضا الحديث عما دار بينهما، مكتفيا بالقول إن المجالس أمانات ولابن كيران الحق وحده في الحديث عما دار بيننا. وأكد لشكر أنه بعد تكليف الملك لابن كيران بتشكيل الحكومة، فإن حزب الاتحاد الاشتراكي قرر قبول أي دعوة يوجهها رئيس الحكومة من أجل التشاور والتحاور، معتبرا أن "هذه الخطوة هي جواب عن كل الادعاءات التي كانت تتحدث عن وجود موقف للاتحاد من مقابلة السيد الرئيس ابن كيران". وقال لشكر إن حزبه سيعمل على تيسير عمل ابن كيران بشأن تشكيل الحكومة، موكدا أن حزبه مازال ينتظر العرض الرئيس من أجل المشاركة في الحكومة، وأضاف أنه سيترك الفرصة لرئيس الحكومة من أجل استكمال مشاوراته مع جميع الأحزاب، وتكوين رؤية كاملة حول الأحزاب التي يرغب في أن تكون في حكومته. السنبلة تشترط وعينها على رئاسة مجلس النواب بدوره، أكد الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محند لعنصر، استعداد حزبه للتحالف مع مكونات الحكومة المقبلة التي يرأسها حزب العدالة والتنمية، غير أنه شدد على أن السنبلة ستكون له شروط جديد غير التي كانت في التحالف الحكومي السابق، مضيفا أن حزبه سيعقد مجلسه الوطني نهاية الشهر لتجديد تلك الشروط. وعلمت جريدة "العمق" من مصدر قيادي في حزب الحركة الشعبية أن الأخير لا يستبعد أن يظفر برئاسة مجلس النواب والذي "يعادل في العرف حقيبتين وزاريتن" على حد تعبيره، كما اعتبر أن الخوض في هذه التفاصيل سابق لأوانه، ويبقى الحسم فيه مرهون بلقاءات أخرى بين الحركة الشعبية والأحزاب التي ستشكل هذا التحالف. الحصان لبث في المعارضة 20 سنة وينتظر المصباح الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري محمد ساجد، قال إن حزبه يتواجد في المعارضة منذ 20 سنة وإنه ينتظر بتفاؤل أن تكون التشكيلة الحكومية التي سيصل إليها ابن كيران، بعد انتهاء مشاوراته مع باقي الأحزاب تتضمن عرضا يمكن لحزب الاتحاد الدستوري أن يناقشه في أجهزة الحزب ومع شركائه في إشارة إلى حزب التجمع الوطني للأحرار. وعبر ساجد في تصريح للصحافة، عقب لقاء تشاوري جمعه بالأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عن أمانيه في أن يتم تشكيل الحكومة بسهولة وبتركيبة تكون في انتظارات المواطنين، مشيرا أن هيئة حزب الاتحاد الدستور تنظر بتفاؤل للمستقبل بشأن تواجد الحزب في الحكومة. وأضاف ساجد أنه ينتظر أن يكون لحزبه ولشريكه حزب التجمع الوطني للأحرار، مكان في الحكومة المقبلة، مبرزا أن اللقاء التشاوري اليوم لم يكن ذا طابع تفاوضي وأنه كان فقط مناسبة لمناقشة المبادئ والقيم التي تجمع الحزب بعبد الإله ابن كيران، والتي على رأسها خدمة الوطن والتشبث بالمؤسسات. النخلة تثبت في مكانها وتساند الحكومة نقديا من جهته، أكد الأمين العام لحزب الحركة الديموقراطية الاجتماعية عبد الصمد عرشان إن حزبه سيكون له نفس الموقف النقدي الذي اتخذه منذ انتخابات 2011 والقاضي بالمساندة النقدية للحكومة. وأضح عرشان في تصريح للصحافة عقب لقاء تشاوري لحزبه مع الأمين العام للبيجيدي عبد الإله ابن كيران، أن أمر مشاركة حزبه في الحكومة هو سابق لأوانه، وأن ابن كيران هو من له التقدير في اختيار الأحزاب التي يرغب في أن تكون في حكومته، مشيرا أن المكتب السياسي لحزبه سيجتمع وسيصدر بيان يؤكد فيه مساندته النقدية للحكومة. وعبر عرشان عن وضع حزبه رهن إشارة رئيس الحكومة المكلف إذا رغب في ذلك، مؤكدا أن حزبه من حيث المبدأ هو مع المشاركة السياسية في الحكومة. احترام الوقت .. ميزة توحد أمناء الأحزاب في المشاورات تميزت فترة المشاورات التي أطلقها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران مع مختلف أمناء الأحزاب السياسية، باحترام زعماء الأحزاب للتوقيت الذي حدده البيجيدي من أجل بدء المشاورات الممهدة لتشكيل الحكومة الجديدة. ولم يتم تسجيل أي تأخر في وصول أمناء الأحزاب لمقر حزب البيجيدي في الوقت المحدد، حيث كانت هذه الميزة أهم سمة تميزت بها المشاورات التي انطلقت يوم الإثنين الماضي والمنتظر أن تنتهي نهاية الأسبوع الجاري. ويتوقع أن تشهد الحكومة المقبلة مفاجآت بشأن التحالفات التي سيتم على إثرها تشكيل الحكومة المقبلة، غير أن السيناريو الأقرب إلى التحقيق، بحسب مراقبين، هو تشكيل البيجيدي لحكومة مكونة من أحزاب الاستقلال والتقدم والاشتراكية بالإضافة إلى حزب الاتحاد الاشتراكي أو الحركة الشعبية أو الاتحاد الدستوري. انتخاب رئيس مجلس النواب يظهر خريطة التحالف قال رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني، إن تحالف الأحزاب المشكلة للحكومة المقبلة سيبرز قبيل انتخاب رئيس مجلس النواب وبمناسبة انتخابه، مشيرا أن هذا التحالف سيكون هو بداية تشكيل الأغلبية الحكومية. وأوضح العثماني في تصريح لجريدة "العمق" إن المشاورات التي يجريها الحزب مع مختلف الأحزاب بشأن الحكومة المقبلة ليس فيها أي شيء محدد لحد الساعة، وأن المشاورات الأولى ليس فيها أي اتفاق بل هي فقط تبادل لوجهات النظر وتقدير المرحلة والسياق السياسي وما هي الإشكالات المطروحة اليوم في تشكيل هذا التحالف الحكومي من قبل الجميع. وأضاف أن حزب العدالة والتنمية أمامه طيف من الأحزاب السياسية ويقوم بالتشاور معها، مؤكدا أن "حزب العدالة والتنمية لم يقرر بعد أي اتجاه معين في التحالف، إذا استثنينا الاتفاق الذي كان قبل الانتخابات مع حزب التقدم والاشتراكية، والباقي بدأت مشاورات أولية معهم لتقييم المشترك للسياق السياسي لما بعد انتخابات 7 أكتوبر".