تتفاعل في المملكة المتحدة في ما بات يعرف بقضية "إخفاء تقرير تمويل التطرف"، وذلك بعد ازدياد الضغوط على الحكومة البريطانية لدفعها إلى نشر التقرير كاملا، والذي تحدثت صحف بريطانية ومراكز أبحاث عن أنه يحتوي على إدانة واضحة للمملكة العربية السعودية في تمويل الإرهاب. وفي جديد هذا الملف، قالت الحكومة البريطانية الأربعاء إنها لن تنشر بشكل كامل تقريرها "عن مصادر تمويل المتطرفين الإسلاميين في بريطانيا"، وهو ما دفع المعارضة لاتهامها ب"محاولة حماية حليفتها السعودية"، حسب وكالة "رويترز" للأنباء. وتسلمت الحكومة البريطانية التقرير العام الماضي، بعد أن طلب رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون إعداده في نونبر 2015. وتعرض وزراء في حكومة تيريزا ماي لضغوط لنشر نتائج التقرير، لا سميا عقب ثلاث هجمات دامية وقعت في بريطانيا منذ مارس، وتقول الحكومة إن من سمتهم "متشددين إسلاميين مسؤولون عنها"، حسب وصفها. وقررت وزيرة الداخلية في حكومة ماي أمبر رود عدم نشر التقرير بالكامل، قائلا إن ذلك يأتي "رغم تلقي بعض المنظمات الإسلامية المتطرفة مئات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية"، مبررة هذا الموقف في بيان مكتوب للبرلمان بالقول: "هذا بسبب حجم المعلومات الشخصية التي يحتوي عليها ولأسباب تتعلق بالأمن القومي". وتشير الوزيرة في بيانها إلى أن "المراجعة توصلت إلى أن أكثر المصادر دعما لهذه المنظمات هو تبرعات صغيرة مجهولة من أفراد مقيمين داخل بريطانيا. (..) لكن التقرير وجد أيضا أن التمويل الخارجي كان مصدرا مهما للدخل لعدد قليل من المنظمات". وفي تلميح إلى السعودية، تشير رود إلى أن "الدعم الخارجي يسمح لأفراد بالدراسة في مؤسسات تدرس أشكالا محافظة للغاية من الإسلام وتقدم أدبا محافظا للغاية من الناحية الاجتماعية ووعاظا للمؤسسات الإسلامية في المملكة المتحدة"، مضيفة أن "بعض هؤلاء الأفراد أصبحوا بعد ذلك مصدر قلق يتعلق بالتطرف". في المقابل، يبدو أن حديث الوزيرة البريطانية لم يكن مقنعا للمعارضين الذين يرون أن الحكومة "تسعى للتغطية على التقرير بهدف حماية السعودية الحليف الوثيق لبريطانيا"، حيث علقت عضو البرلمان الزعيمة المشاركة لحزب الخضر كارولين لوكاس على بيان رود بالقول إنه "غير مقبول". وأضافت لوكاس التي تطالب بنشر التقرير كاملا: "لا يقدم البيان أي دليل على الإطلاق بشأن أي الدول ينبع منها التمويل الخارجي للتطرف- وهو ما يترك الحكومة عرضة لاتهامات أخرى برفض فضح دور الأموال السعودية في الإرهاب ببريطانيا". من جانبه، قال زعيم الديمقراطيين الأحرار تيم فارون إنه "ينبغي للحكومة فضح داعمي الفكر الخبيث بمن فيهم "الحلفاء المزعومون" مثل السعودية وقطر"، مضيفا: "يبدو أن الحكومة، مرة أخرى، تقدم صداقتنا المزعومة مع السعودية على قيمنا". وكان زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربين، قال بعد هجوم جسر لندن الشهر الماضي إن بريطانيا "بحاجة لإجراء بعض المحادثات الصعبة مع حليفتها السعودية وغيرها من دول الخليج". يذكر أن مركز "هنري جاكسون سوسايتي" البريطاني للأبحاث، كان نشر في الأسبوع الماضي تقريرا ذكر فيه أن "التمويل الخارجي للتطرف الإسلامي" في بريطانيا يأتي بالأساس من "حكومات ومنظمات مرتبطة بحكومات في منطقة الخليج فضلا عن إيران". ويضيف التقرير أنه "في مقدمة هؤلاء تأتي السعودية التي رعت منذ الستينيات جهودا بملايين الدولارات لتصدير الفكر الوهابي إلى العالم الإسلامي بما في ذلك المجتمعات المسلمة في الغرب".