ما زال حلم “البشرة البيضاء” يسيطر على عقول الكثير من نساء أفريقيا ويستحوذ على خيالهن، وشدة التعلق بالفكرة جعلتهن لا يتورعن في سبيل تحقيقه من خلال استخدام مستحضرات تحتوي على مواد ضارة، وتحدي الحظر الذي فرضته حكومات عدد من الدول الأفريقية على تلك المستحضرات، حيث تحظر منظمة الصحة العالمية، مستحضرات تفتيح البشرة التي تحتوي على مواد ضارة مثل الزئبق والهيدروكينون. كما يمنع الاتحاد الأوروبي تداول تلك المستحضرات، وكذلك بعض الدول الإفريقية مثل كينياوجنوب إفريقيا، ومؤخرًا غانا، التي منعت تلك المستحضرات في شهر غشت الحالي، إلا أن ذلك لم يحُل دون بيعها بشكل غير قانوني، وإقبال فتيات وسيدات أفريقيا على استخدامها. وتوضح إحصاءات منظمة الصحة العالمية، درجة انتشار تلك المستحضرات في القارة “السمراء”، حيث أشارت الإحصاءات المنشورة العام 2011، إلى أن77% من النيجيريات، و59% من نساء توغو، و35% من نساء جنوب أفريقيا، و25% من نساء مالي والسنغال، يستخدمن مستحضرات تفتيح البشرة، بشكل منتظم. وأثبتت دراسة حديثة أجرتها جامعة كيب تاون، أن 22 من أصل 29 منتجا لتفتيح البشرة، يتم بيعه في جنوب أفريقيا، يحتوي على مواد محظورة ضارة بالصحة. كما أشارت الدراسة إلى أن ثلث تلك المستحضرات أوروبية المنشأ، رغم حظرها في الاتحاد الأوروبي. ونقلت الدراسة عن البروفيسور في الجامعة ليستر م ديفيد، قوله إن مستحضرات تفتيح البشرة، أصبحت بين المنتجات الأكثر استخدامًا في البيوت الأفريقية، بعد الشاي والصابون والحليب. ويلفت تقرير منظمة الصحة العالمية إلى انتشار هذه الظاهرة في آسيا وبين أصحاب البشرة السوداء في أوروبا وأمريكا الشمالية أيضا، إذ تمثل مستحضرات التفتيح 61% من منتجات العناية بالجلد في الهند، كما تشير الدراسات التي أجريت في الصينوماليزيا والفلبين وكوريا الجنوبية، إلى أن 40% من نساء تلك البلدان يستخدمن منتجات تفتيح البشرة، حتى أن بعضهن يواظبن على استخدام تلك المستحضرات منذ 20 عامًا. وتلفت العديد من الدراسات إلى أن الفتيات في عمر الزواج هن الأكثر استخداما لتلك المستحضرات، بسبب انتشار اعتبار البشرة الفاتحة، معيارا للجمال في العديد من المجتمعات، كما انتقل استخدام مستحضرات تفتيح البشرة إلى الرجال أيضًا.